Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 285-285)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ آمَنَ الرَّسُولُ } صدق محمد صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله إلى الناس كلهم تصديقا جازما . { بِما أنزِلَ إليْهِ مِن رَّبِّه } وهو القرآن ، وما أوحى فى أمر الدين أو غيره ، لم يشك صلى الله عليه وسلم فى أنه من الله تعالى ، شهد الله له بذلك ، وكذا للمؤمنين كما قال { والمؤمِنُونَ } معطوف على الرسول ، ويدل لهذا قراءة على بن أبى طالب وآمن المؤمنون ، فالوقف على المؤمنين . { كُّلٌّ آمَنَ بِاللّهِ ومَلاَئِكَتِهِ وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ } أى كل واحد من الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ومن أجاد المؤمنين صدق بذلك ، أو يقدر كلهم آمن بالله إلخ ذكر إيمان النبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنين مرتين تأكيداً للترغيب فى إيمانهم ، وإلا فمن آمن بالقرآن فقد آمن بذلك كله ، لأنه مذكور فيه ، ويجوز أن يكون المؤمنون مبتدأ خبره { كل آمن } أى كلهم أو كل واحد منهم آمن ، فكل مبتدأ وآمن خبره ، والجملة خبر المؤمنون . فالوقف على قوله { من ربه } ، وعلى هذا فيكون { آمن الرسول } بالحكم بإيمانه لتعظيمه ، ولأن إيمانه عن مشاهدة وإيمانهم عن نظر واستدلال ، فإنه كما تذكر الخاص بعد العام لمزيته ، كذلك قبله لمزيته ، وذلك أيضا موجود فى عطف المؤمنين ، لأن الرسول مؤمن بلا تقدم ، كفروا أى إيمان ، وقرأ حمزة والكسائى وابن عباس . وكتابه بكسر الكاف وفتح التاء بعدها ألف ، والإضافة فيه لتعريف العهد الذكرى ، على أن المراد به القرآن المذكور بقوله { بما أنزل إليه } أو لاستغراق أداة الجنس فيشمل القرآن وغيره من كتب الله كلها وهو أبلغ من استغراق الجميع ، لجواز خروج الفرد أو فردين فصاعدا عنه فى سائر كلام العرب ، ولذلك قال ابن عباس الكتاب أكثر من الكتب ، وعلله فى الكشاف بأن استغراق الجمع إنما يقتضى استيعاب الجموع ، ومعنى الإيمان بالله التصديق بأنه موجود لا يشبه شيئاً ولا يشبهه شئ ، وأنه المستحق للعبادة ، ومعنى الإيمان بالملائكة أن يؤمن بوجودهم وأنهم نوع من الخلق غير الجن والإنس ، ومعنى الإيمان بكتبه أن يؤمن بأنها حق منه تعالى ، ومعنى الإيمان بالرسل أن يؤمن بالله تعالى أرسلهم بالحق ، ومن زاد تفصيلا فى ذلك كله أو بعضه فقد ازداد علما ، وقامت عليه الحجة ، ولو لم يخطر بباله أن الله يشبه شيئاً ، وإلا لم يشبهه عذر إن علم أنه ليس من جنس الخلق حتى يخطر بباله ، أو يسأل أو يذكر ذلك بحضرنه وجب عليه أن يعلم أنه لا يشبه شيئاً ، ولا يشبهه شئ ، وقرأ أبو عمرو رسله ورسلنا ورسلكم ورسلهم ، وسبلنا وسبلهم بإسكان الباء والسين إذا أضيف ذلك حيث وقو ، والباقون بالضم ، وكذلك فى كتبه ونحوه . { لا نُفرِّقُ بيْنَ أحَدٍ مِنْ رُسُلهِ } لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض كما فعلت اليهود والنصارى ، فالمراد نفى التفريق بينهم بالإيمان ببعض والكفر ببعض ، لا نفى التفريق بتفضيل بعض على بعض ، فلا دليل فيه على أنه لا يجوز تفضيل بعض الأنبياء على بعض ، كما زعم بعض ، وجملة لا نفرق مفعول لقوله محذوف ، وهذا القول حال من ضمير آمن أى قائلا أو قائلين أو يقول أو يقولون ، لا نفرق الإفراد باعتبار لفظ كل كما اعتبر فى آمن ، والجمع باعتبار المعنى ويجوز أن يكون القول مستأنفا فيقدر جملة ، يقول أو يقولون ، وأن يكون خبراً بعد خبر ، فيجوز فيه الإفراد والجمع ، والإفراد والجملة ، وقرأ عبد الله بن مسعود لا يفرقون بالتحتية وواو الجماعة والنون حملا على معنى كل . وقرأ يعقوب لا يفرق بالتحنية ، والإفراد مراعاه للفظ كل ، ومن مراعاة المعنى { وكل أتوه داخرين } وإن قلت لا يضاف بين إلا لمتعدد . قلت نعم لكن أحد فى معنى الجمع لكونه فى سياق النفى ، كأنه قبل لا نفرق بين متعدد من جملة رسله ، كما يعتبر الكافر رسولين فيؤمن بهذا ويكفر بذاك ، أو ثلاثة فيؤمن باثنين ويكفر بواحد ، أو بعكس أو نحو ذلك ، و { من رسله } تبعيض ، نعت لأحد ، ويجوز أن يراد بأحد جميع الرسل ، فيكون من للبيان وذلك أيضا نعت ، ومن كون أحد بمعنى الجمع قوله عز وجل { فما منكم من أحد عنه حاجزين } كما يأتى إن شاء الله تعالى فى محله بدليل جميع حاجز ، وقرأ أبو عمرو بإسكان سين رسله فى الموضعين ، وتاء كتبه . { وقالُوا سَمِعْنا وأَطَعْنا } أى سمعنا سماع قبول دعائك إيانا إلى القرآن وما يقول محمد رسولك ، صلى الله عليه وسلم ، وذلك إجمال منهم بأن يقولوا لا نخرج عنهما ، وأطعنا أمرك فى كل مسألة على حدة ، وهذا تفصيل كما تقول لأبيك قل لى آخذ كلامك فكان يقول وتفعل . { غُفْرانَك رَبَّنا } أغفر لنا غفرانا يا ربنا ذنوبنا ، فحذف الفعل وجزباً ، وناب عند المصدر ، وأضيف للفاعل ، ويجوز أن يكون العامل محذوفا وما ذكر باق على أصله ، أى اغفر لنا غفرانك ، أى الغفران العظيم اللائق بك ، ويجوز أن يكون مفعولا به لمحذوف ، أى سألناك غفرانك وأعطنا غفرانك . { وإلَيْكَ المَصِيرُ } بالموت أو بالبعث أو بهما ، وهو أولى لكونه الواقع إقراراً بعد إقرار بالذنب ، رغبة فى أن تغفر ذنوبهم إذ بعثوا ، والمصير مصدر ميمى بمعنى الصيرورة ، ولما نزلت هذه الآية قال جبريل عليه السلام للنبى صلى الله عليه وسلم يا محمد إن الله قد أجل الثناء عليك وعلى أمتك فسل تعطه فسأل إلى آخر السورة .