Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 47-47)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَا بَنِى إسرَائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتىَ الَّتِى أنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } أعاده تأكيداً فى شكر النعمة ووجوب شكرها ، وليذكر وامعه إيجاب ذكر التفضيل الذى هو من عظم النعم ، وليعقبه بذكر الوعيد الشديد الذى لا تدفع منه نفس عن نفس شيئاً على ترك الشكر الذى من جملته الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وما جاء به وليس كما قيل إنما تقدم للمؤمنين والكافرين منهم ، وهذا للكافرين منهم خصوصاً وليس قوله { ولا يقبل منها شفاعة … } إلخ دليلا عليه كما قيل لأن ذلك وعظ يوعظ به المؤمن والكافر ، نقول اتق يوماً لا شفاعة فيه للموحد الشقى ، ولا نصر ولا للمشرك . ولأن التحقيق أنهُ لا شفاعة لأهل الكبائر المصرين . فالخطابان يعمان المؤمن والكافر ، والأول أقرب للكافر لقوله { ولا تكونوا أول كافر به } { وَأنِّى فَضَّلْتُكُمْ عَلى العَالَمِينَ } بفتح همزة أن ، عطف على المفول به وهو نعمتى ، قال ابن هشام أو معطوفة على شىء من ذلك نحو { واذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم وأنى فضلتكم على العالمين } أى فضلت آباءكم على العالمين من أهل زمانهم لا على كل أحد لأن هذه الأمة أفضل الأمم . ونبيها أفضل الأنبياء . قال الله سبحانه وتعالى { كنتم خير أمة أخرجت للناس } وقد طلب موسى أن يكون من هذه الأمة ، وفى التوراة والإنجيل التصريح بتفضيل هذه الأمة ونبيها ، فبان أن هذه الأمة ونبيها مستثنيان من الآية ، وإنما المراد كما قال قتادة تفضيل المؤمن بموسى فى عصره وبعده قبل أن يغير ، وإنما أعطاهم الله عز وجل من العلم والإيمان والعمل ، وجعل فيهم أنبياء وملوكاً مقسطين . ويجوز أن يكون المعنى جعلت فى بنى إسرائيل شيئاً شريفاً فاضلا فى ذاته ، ولم أجعله فى غيرهم من أول الدنيا إلى آخرها وهو كثرة الأنبياء . وليس فى هذا تفضيل بنى إسرائيل على هذه الأمة ، بل تفضيل هذه الأمة إذ كان فيها نبى واحد هو أفضل الأنبياء كلهم ، يدخل منهم الجنة ما لا يدخل من بنى إسرائيل وبنى آدم كلهم ، مع قصر أعمارهم ، ولا يكثر توالدهم ، فلو جعل الله فى أيدى إنسان مالا كثيراً فلم ينتفع به لدينه ، أو انتفع قليلا ، وجعل فى يد آخر مالا قليلا فانتفع به لدينه انتفاعاً كثيراً ، لم نقض بتفضيل الذى فى يده مال كثير على الذى بيده قليل ، بل العكس ولو كان المال الكثير فى حد ذاته خيراً من القليل ، فأل فى العالمين على الوجه الأول للحقيقة ، وعلى الثانى للاستغراق ، ولما كان فى تفضيل آبائهم شرف لهم كما مر ، قال { فضلتكم } فإن قلنا فضلتكم بتفضيل آبائكم فواضح ، وإن قلنا بتقدير مضاف ، أى فضلت آباءكم فوجهه بقاء الكلام بعد حذفه فى صورة تفضيلهم أنفسهم ، واستدل بالآية على تفضيل البشر على الملك ، ويرده أن المراد تفضيل بنى إسرائيل على العالمين من بنى آدم ، لأن ما به التفضيل من خصوصيات بنى أدم كالنبوة ، وأن التفضيل ولو عم الملائكة والإنس لكنهُ مطلق فيصدق ولو بصورة واحدة ، والتفضيل بمخصوص لا يقتضى التفضيل بالذات ولا من كل وجه ، كما قد توجد عبادة من ضعيف مخصوصة لم توجد فيمن هو أعبد منهُ ، وتوجد جوهرة عظيمة المقدار عند فقير لم يوجد مثلها لأصحاب الأموال . واستدل بالآية أيضاً على أن الأصلح لا يجب على الله ، إذ لو وجب لما امتن علينا بما أنعم علينا ، لأنهُ لا منة لمن فعل ما وجب عليه .