Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 44-44)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاَء } الكفرة ، استدراجًا بالصحة ، وطول العمر ، والمال ، والنعم . { وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ } أى ظهر لهم طوله ، فاغتروا بذلك ، وظنوا أن لا يزول عنهم . وقيل المراد طال عليهم العمر بلا مجئ رسول إلى أن جاءهم محمد وبل فى { بل تأتيهم } للانتقال إلى ما هو أعظم من عدم كفهم النار عن أنفسهم ، وهو كون وقت ذلك يأتى بغتة ، أو للإضراب عما يتوهم من بعد ، أو امتناع الوقوع . والإضراب فى قوله { بل هم عن ذكر } الخ ، والإضراب فى قوله { أم لهم } إلى آخره ، هما عن الأمر بالسؤال على الترتيب ، فإنه عن المعرض الغافل عن الشئ بعيد . وإنما يُسأل عن الشئ المقبل إلى ذلك الشئ العالم بحاله ، وعن المعتقد لنقيضه أبعد . والإضراب فى { بل متعنا } هو عما توهموا ، أضرب عنه ببيان ما هو الداعى إلى حفظهم ، وهو الاستدراج ، أو أضرب عن الدلالة على بطلانه ، ببيان ما أوهمهم ذلك ، وهو أنه تعالى متَّعهم بذلك ، فتوهموا أنه بسبب ما هم عليه ، وهو أمل كاذب كما قال { أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِى الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } بتسليط المسلمين على أهلها الكفار ، يفتحها الله للنبى صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ، ويزيل حكمهم منها ويطوى نشرهم . والإتيان الإرادة هنا والقصد ، كأنه قيل نريدها بالنقصان . وننقص حال مقدرة . ولو قال أفلا يرون أننا ننقص الأرض من أطرافها لصح ، لكن عبر بالإتيان تصويراً لما يجرى الله على أيدى المسلمين ، من أنهم يأتون أرض المشركين ، ويغزونهم ويغلبونهم ، أو كما يقول السلطان قتلنا فى موضع كذا وكذا غالبين وإنما قتلت جنوده . أو الأصل يأتيها جنودنا ، فحذف المضاف فتاب المضاف إليه ، فجئ بنقص موافقًا له ، والأصل ينقصونها . { أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ } لا بل الغالبون هم النبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنون بالقبر وموت رؤوس المشركين المستعجلين ، أفلا يصدقون بمحمد ! ! وعن ابن عباس نقْصها من أطرافها إماتة فقهائها وعلمائها . قيل موت عالم أحب إلى إبليس من موت ألف عابد . ومراد ابن عباس الفقهاء والعلماء من الأمم السابقة يميتهم الله ، ويبقى الناس بلا دين ، ويطيل أعمارهم فى المعاصى ، وذلك استدراج شديد ، وهم المفرِّطون فى أخذ الدين ، حتى مات أهله . وليس ذلك ليكونوا غالبين ، بل ليموتوا كفرة على يد غالبهم ، وهو النبى صلى الله عليه وسلم . والأول قول الحسن . وروى عنه أن الله جل وعلا يبعث قبل القيامة ناراً تطرد الناس من أطراف الأرض إلى الشام ، تنزل إذا نزلوا ، وترحل إذا رحلوا ، وتقوم القيامة عليهم فى الشام ، وإن ذلك هو قوله تنقصها من أطرافها . أفيظن المشركون أنهم يغلبون هذا الأمر ، ويمتنعون منه كأنه قال أفلا يعلمون ذلك ، وإن لم يعلموا فليعلموا .