Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 96-97)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ } حتى حرف ابتداء لإجازته على الصحيح وهى راجعة إلى حرام ، أو إلى { لا يرجعون } إو إلى محذوف دل عليه ذلك . وفيها غاية ، وهو مرادى بقولى راجعة إلى حرام الخ ، أى هى غاية لقوله حرام ، أى يدوم الإهلاك ، أو عدم الرجوع إلى ذلك الوقت . فإذا كان ذلك الوقت ، وقامت القيامة رجعوا . وقرئ يأجوج ومأجوج بالهمز . وقرأ ابن عامر ويعقوب بالتشديد للتاء . ويأجوج ومأجوج قبيلتان ، والاسمان أعجميان ، ويقدر مضاف ، أى فتح سد يأجوج ومأجوج ، وهما تسعة أجزاء يأجوج ، ومأجوج ، وسائر الناس جزء . وروى أن يأجوج ومأجوج كل يوم يشرفون على فتح السد . روى حتى إنه لَيُرَى ضوء الشمس ، فيقولون غداً نفتح ، أو يقوله رئيسهم ولا يقولون إن شاء الله . وإذا كان الغد وجدوه مردوداً كما كان . وإذا أمر الله بفتحه ألقى على لسان أحدهم أو كبيرهم غداً نفتحه - إن شاء الله - فيجدونه غير مردود فيفتحونه . قال الإمام القرطبى كلما حفروه وجدوه من الغد أقوى مما كان . وإذا خرجوا تحصن الناس منهم فى حصونهم ، ويرمون بسهامهم إلى السماء ، فيرجع عليهم الدم فيقولون قهرنا أهل الأرض ، وغلبنا أهل السماء ، فيبعث الله نَغَفَا فى رقابهم فيقتلهم . وروى فى أقفائهم . والنَّغَف دواب . قال صلى الله عليه وسلم " والذى نفسى بيده إن دواب الأرض تَشْكَر شَكْرًا من لحومهم " ، أى تَسْمَن . قال كعب إنهم ينقرون السد بمناقرهم . والظاهر أن المراد مناقر حديد يخدمون بها لا مناقر فى أفواههم . قال وإذا خرجوا أتى أولهم الحيرة أوسطهم فيلحسون الطين ويأتى آخرهم فيقولون قد كان هنا ماء . وإذا قتلهم النَّغَف نتنت الأرض من لحومهم ، ثم يبعث الله عليهم طيرا تلقيهم فى البحر ، فيرسل الله السماء أربعين يوما فتنبت الأرض ، حتى إن الرمانة تُشْبِع السكن . قيل وما السكن ؟ قال أهل البيت . وعن أبى سعيد الخدرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " يفتح يأْجوج ومأْجوج ، فيخرجون كما قال الله تعالى " . { وَهُمْ } أى يأْجوج ومأْجوج . { مِنْ كُلِّ حَدَبٍ } ما ارتفع من الأرض . وقرأ ابن عباس جدث أى قبر وبنو تميم يسمون القبر جَدَثًا . { يَنْسِلُونَ } يسرعون . وقرئ بهمس السين . وقيل الضميران للناس ، يخرجون من قبورهم . ونص قراءة ابن عباس جدث وهى أيضًا قراءة ابن مسعود والصحيح الأول ، للحديث المذكور . وتمامة إنهم يعمّون الأرض ويتحصن المسلمون فى مدنهم مع مواشيهم ، حتى إنهم ليرون بالنهر ، فلا يذرون فيه قطرة الخ ما مر فيهزون حِرابهم لنحو السماء فترجع بدم ، ويرمون بالسهام فترجع به . فيقولون قد قتلنا أهل الأرض . زاد فيه فيموتون موت الجراد بعض على بعض بدواب ، كنَغَف الجراد ، فيصبح المسلمون لا يسمعون حسا ، فيقولون مَن يشرى نفسه وينظر ما فعلوا فيخرج واحد وقد وطن نفسه على الموت فيجدهم موتى ، فينادى أبشروا فقد هلك عدوكم ، فيخرجون ويخلون سبيل مواشيهم . فما يكون لهم رعى إلا لحومهم ، فَتَشْكَر كأحسن ما شكَرَتْ من نبات أصابته . وفى الحديث دليل على جواز إطعام النجس للدابة ، أو على جواز تركها والشئ النجس . وعن ابن مسعود - رضى الله عنه - " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقى إبراهيم وموسى وعيسى ، فتذاكروا للساعة فسألوا إبراهيم عنها ، ولم يكن عنده على شئ منها ، ثم موسى كذلك ، ثم عيسى فقال قد عهد إلىَّ فيما دون وَجْبَتِها . فذكر خروج الدجال ، وأنه يقتله هو ، فيرجع الناس إلى بلادهم ، تستقبلهم يأْجوج ومأْجوج ، وهم من كل حدب ينسلون ، فلا يمرون بماء إلا شربوه ، ولا بشئ إلا أفسدوه ، فيجأر الناس إلى الله . فأدعو الله فيميتهم ، فتنتن الأرض من ريحهم . فيجأرون إليه ، فأدعوه ، فيرسل السماء بالماء يلقيهم فى البحر ، ثم ينسف الجبال ، وتمد الأرض كالأديم ، والساعة حينئذ كالحامل تضع ليلها أو نهارها ، " كما قال الله تعالى { وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ } القيامة . قال حذيفة لو أن رجلا اقتنى فِلْوًا ، بعد خروج يأجوج ومأْجوج ، لم يركبه حتى تقوم الساعة ، يعنى مُهْرًا . وعن النواس بن سمعان " ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداء ، فخفض فيه ورفع ، يعنى خفض الصوت ورفعه ، من شدة ما تكلم فيه ، أو هونِه وقبحِه وعِظَمِ فتنته ثم قال غير الدجال أخوفنى عليكم إن خرج الدجال وأنا فيكم فأنا حجيجه ، وإلا فالله خليفة كل مسلم إنه أعور ، وعينه طافية كعنبة . فاقرأوا عليه فواتح الكهف . ويخرج بين الشام والعراق ، فيفسد يمينا وشمالا يا عباد الله اثبتوا ، ولكنه فى الأرض . أربعون يوما يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم . قالوا ويُصلّى فى تلك الأيام الكبار قدر صلوات ما فيها من الأيام المعتادة . ويسرع كغيث استدبرته الريح فيؤمن الناس به . يأمر السماء فتمطر ، والأرضَ فتنبت ، فتكون هى ودوابهم أحسن ما كانت . وتتبعه أموال الناس ، ويمر الخربة ، ويقول أخرجى كنزك فيتبعه . ويضرب شابا ، ويقطعه نصفين ، ويدعوه فيقبل ضاحكا ، فيبعث الله عيسى ، عند المنارة البيضاء ، شرقى دمشق بين مهرودتين - بإهمال الدال وإعجامها - أى شقتين ، أو حُلّتين ، أو ثوبى زعفران . أقوال واضعًا كفيه على أجنحة مَلَكين . إذا طأطأ رأسه قَطَر ، وإذا رفعه تحدَّر منه كجُمان اللؤلؤ . وكل كافر وجد ريح نفسه مات ، ونَفَسُه ينتهى حيث ينتهى طَرْفُه . ويقتل الدجال ، ويمسح وجوه قوم عصمهم الله ، ويحدثهم بدرجاتهم فى الجنة . ثم يوحى الله إليه إنى قد أخرجت عبادا لى لا طاقة لأحد بقتالهم ، فأحرز عبادى إلى الطور . فيخرج يأْجوج ومأْجوج ، وهم من كل حدب ينسلون ، فيمر أوائلهم ببحيرة طبرية ، فيشربون ما فيها ، فيمر آخرهم ، ويقول لقد كان هنا ماء ، ويكون رأس الثور يومئذ خيرا من مائة دينار ، فيرغب هو ومن معه من المؤمنين إلى الله ، فيرسل عليهم النَّغَفَ فى رقابهم ، فيصبحون فَرْسَى . أى قتلى ، جمع فريس ، كموت نفسٍ واحدة ، فلا يجد الناس فى الأرض موضع شبر إلا ملئ برَوْثِهم وأجزائهم " . والنَّغَف دود يكون فى أنوف الإبل والغنم فيرغب نبى الله والمؤمنون ، فيرسل طيرا كأعناق البُخْت ، فتطرحهم حيث شاء الله ، ثم يرسل الله مطرا لا يكون منه بيت مَدَر أو شَعر ، فيغسل الأرض حتى تكون كالمرآة نظافة واستواء ، فتكون الرمانة تكفى العصابة ولفحة الإبل الفيلة ، ولفحة الغنم الفخذ ، ثم يبعث الله ريحا طيبة ، فيقبض روح كل مؤمن . ويبقى شرار الناس ، يتهارجون كتهارج الحُمُر ، فعليهم تقوم الساعة ، ولن تقوم حتى يكون الدخان ، والدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى ، ويأْجوج ومأْجوج ، وخسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب . وآخر ذلك نار تخرج من اليمن ، تطرد الناس إلى المحشر . ويأْجوج ومأْجوج كلهم لجهنم . صنف كشبر ، وصنف كشبرين ، وصنف طوله وعرضه سواء ، وصنف كإبهام ، وصنف كالنخلة السحوق . وهم من ولد يافث بن نوح . ويأْجوج ومأْجوج أمتان ، فى كل أمة أربع مائة ألف أمة ، ليس منها أمة يشبه بعضها بعضًا . وعن الأوزاعى أنه قال الأرض سبعة أجزاء ستة يأْجوج ومأجوج ، وجزء سائر الخلق . وعن قتادة أرض غير يأْجوج ومأْجوج ، اثنا عشر فرسخا للهند والسند وثمانية آلاف للصين ، وثلاثة آلاف للروم ، وألف فرسخ للعرب . وأشد يأْجوج ومأْجوج مَن عَرْضُه كطوله ، ومنهم مَن طوله مائة وعشرون ذراعا ، لا يقوم لهم جبل ولا حديد ، ومنهم من يفرش أُذنه ، ويتغطى بالأخرى . ولا يمرون بفيل ولا خنزير إلا أكلوه ، ويأكلون من مات منهم ، ووعاء الولد . مقدمتهم بالشام ، وساقهم بخراسان ، ويشربون ماء المشرق ، ويمنعون من مكة والمدينة وبيت المقدس ، ويأْكلون كل ما فيه روح . وليس فى خلق الله من ينمو ويكثر مثلهم ، يتداعَون كالحمام ، ويعوون كالذئاب ويتناكحون حيث التقوا ، ومنهم من له قَرن وذَنَب وأنياب بارزة ، يأكلون اللحم بلا طبخ ولا شَوْى ومنهم من طوله أربعة أذرع ، ومن عرضه أربعة أذرع ، أكثر من طوله ، ولبعضهم مخالب . وعن على لهم شعور تقيهم الحر والبرد ، وآذان عظام ، إحداها وبرة يشتون فيها ، والأخرى جلدة يصيفون فيها . وعن كعب احتلم آدم ، فاختلط ماؤه بالتراب فخلقوا منه . قال لأندلسيون هذا لا يصح ، لأن الأنبياء لا تحلم . وإذا خرجوا عمُّوا الأرض حتى لا يجد الطائر أين يضع أفراخه . وروى أنهم يأتون بيت المقدس ، ويرمون المؤمنون بالنبل ، حتى يعمل الظل فوقهم . ويدعو عيسى ويؤمِّن المهدى والمسلمون ، فيهلكون بريح عاصف ، تخرج لهم بها خُرّاجات فى مخارجهم . وعن ابن عمر الملائكة تسعة أجزاء الكروبيون ، وجزء سواهم . و الإنس والجن تسعة أجزاء الجن ، وجزء الإنس تسعة يأْجوج ومأْجوج وجزء سائر الناس . وفى الحديث " تسع مائة وتسعة وتسعون إنسانًا إلى النار تعد فيهم يأجوج ومأْجوج كلهم والمشركون ، وواحد إلى الجنة من غيرهم ، بلغتهم الدعوة قيل ليلة الإسراء ، ولم يؤمنوا ، ولا يموت واحد حتى يخلف ألف ولد حملَ السلاح ، وكل صنف منهم نشأ منهم . وروى أنهم مائة ألف أمة ، لا تشبه أمة أمة . وقال قتادة اثنتان وعشرون قبيلة . فشدَّ ذو القرنين على إحدى وعشرين ، والقبيلة الأخرى غازية . وهم الترك ، سموا لأنهم تركوا . وقال الأوزاعى هما امتان ، كل أمة أربعمائةِ ألف . وقال ابن عمر ثلاث أمم لا يحصيهم إلا الله تأويل ، وتارس ، ومنسك وإذا خرجوا شربوا ماء البحار العذب والمالح كلها . وروى أن الريح التى يهلكهم الله بها يمنية من تحت العرش ، ويُحج البيت ويعتمر بعد موتهم . { فَإِذَا } الفاء عاطفة ، أو زائدة ، أو مستأنفة ، أو سببية مجردة عن العطف أقوال فيها . قيل إذا الفجائية ، ويجوز كونها رابطة لشرط محذوف ، أَى إذا وقع الوعد ، وإذا بعدها للمفاجأة ، مؤكدة للربط إذا جعلت الفاء رابطة . { هِىَ } ضمير القصة عند سيبويه { شَاخِصَةٌ } خبر مقدم ، أى حديدة النظر دون أن تَطْرِف . وذلك يكون لنحو الخوف المفرِط ، والهول المذهل . { أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا } أبصار مبتدأ مؤخر ، والجملة خير ضمير القصة لا تحتاج لربط لأنها نفسه معنى . وأجاز الفراء كون هى ضمير المبهم فى الذهن ، توضحه الأبصار ، وكون الشخوص فعلا للأبصار . وعليه فشاخصة مبتدأ ، وأبصار خبر . والجملة خبره - كما مر - أو شاخصة خبر ، وأبصار فاعل شاخصة . وابن هشام على الأول . قال وأجار الكوفيون والأخفش تفسير ضمير الشأْن بمفرد ، وعليه فيجوز كون شاخصة خبر الهى مع أنه ضمير القصة { يَا وَيْلَنَا } أى يقولون يا ويلنا ؟ أو قائلين يا ويلنا . وصاحب الحال التى هى يقولون ، أو قائلين هو الذين ولو كان مضافاً إليه لأن المضاف جزؤه . { قَدْ كُنَّا فِى غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا } أى من هذا اليوم . { بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ } أنفسنا بتكذيب الرسل ، وعَبَدْنا من لم يتأهل للعبادة .