Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 115-115)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيرٍ فَلَنْ يُكْفَروه } الخطاب لهذه الأمة الشاملة لمن آمن من أهل الكتاب برسول الله صلى الله عليه وسلم ، أى ما تفعلوا من الأعمال الصالحات ، فلن تحرموا ثوابه كله ، ولا بعضه ، فلتضمن الكفر أن معنى الحرمان تعدى لاثنين أحدهما الواو النائب عن الفاعل ، والآخر الهاء وقرأ عاصم فى رواية حفص ، وحمزة ، والكسائى يفعلوا ويكفروه بالمثناة التحتية فيهما ، على أن الواوين للأمة القائمة . وروى أن أبا عمرو وقرأ بالقراءتين روى أن جهال اليهود لما قالوا لعبد الله بن سلام وأصحابه إنكم خسرتم بسبب هذا الإيمان ، فنزلت الآية كأنه قال بلى فازوا بالدرجات العلا بسبب إنقيادهم لحكم ربهم ، والمقصود مدحهم بما فعلوا ، ليزول عن قلوبهم أثر كلام هؤلاء الجهال ، وسمى منه الثواب كله أو بعضه كفراً ، نظراً إلى أنهُ سمى إيصال الثواب شكراً فى قوله تعالى { فإن الله شاكر عليم } ونحوه أو لأن الكفر لغة الستر ، فسمى منع الجزاء ، أو بعضه كفراً ، لأن منعه بمنزلة الستر والله تعالى لا يوصف بالكفر ، إنهُ لا نعمة لأحد عليهِ ، فضلا عن أن يكفرها فكان المعنى لا يمنعهم الثواب أو بعضه مع أن نفى وقوع الشىء لا يستلزم إمكانه ، كقوله تعالى { لم يتخذ ولداً } وقوله { لم يلد } فإن إمكان ذلك ووقوعه ، كلاهما مستحيل ولاستحالته ، نره اللفظ عن إسناد الكفر إليه ، بأن بُنِى للمفعول ، إذ لم يقل فلن أكفره ، أو فلن يكفره الله ، وليكون الكلام على طريق العظمة فى كلام العظماء تقول الأمراء للرعية يُصْنع لكم كذا ولن تمنعوا من كذا ، بالبناء للمفعول بدل أصنع لكم ولن أمنعكم . { واللهُ عَليمٌ بالمُتّقِين } بشارة للمتقين من هذه الأمة ومن آمن من أهل الكتاب ، بجزيل الثواب ، ودلالة على أنهُ إنما الفوز بالتقوى فقط وأنها مبدأ الخير وحسن العمل ، فعلمه تعالى كناية عن إثابتهم على تقواهم ولما وصف المؤمنين بالصفات الحسنة أتبعها وعيد الكفار ليجمع بين الوعد والوعيد ، فقال { إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِىَ عَنْهُم أموالُهم ولا أولادُهُمْ مِنَ الله شيئاً } .