Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 134-134)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِى السَّرَّآءِ } حالة السرور بالرخاء ، أو الحالة التى تسر بالرخاء أصحابها ، والمراد مطلق حالة الرخاء . { وَالضَّرَّآءِ } حالة الضرر بالغلاء ، أو الحالة التى تضر صاحبها بالغلاء والمراد مطلق حالة الغلاء ، وإنما أردت أن السراء والضراء صفتان للسبب والموصوف الحالة ، أو صفتان للمبالغة كذلك ، ولكن تغلبت الاسمية فيها ويجوز أن يكون اسمى مصدر ، أى فى السرور والضرر ، ويجوز أى يراد بالسراء الحالة المحبوبة بالرخاء أو بالصحة ، أو بالعافية ، أو غير ذلك ، وبالضراء الحالة المكروهة بالغلاء أو المرض ، أو الفتن ، أو غير ذلك فهم ينفقون فى جميع أحوالهم ما قدروا عليه ، ولو حبة عنب ، أو بصلة فى عرس وحبس ، فحذف مفعول للعموم ، أو لا مفعول له إن لم يكن المراد ذكره . وعن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من يوم يصبح العابد فيه إلا وملكان ينزلان ، أحدهما يقول اللهم اعط المنفق خلفاً ، ويقول الآخر اللهم اعط الممسك تلفاً " وعنهُ صلى الله عليه وسلم " يقول الله تبارك وتعالى إنفق ينفق عليك ولا توع فيوعى عليك " أى لا تمسك مالك فى الوعاء بلا إنفاق . وعنهُ صلى الله عليه وسلم " " من أنفق زوجين فى سبيل الله دعاه خزنة الجنة ، كل خازن من بابه ، قل هلم " فقال أبو بكر ذلك الذى لا تواء عليه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنى لأرجو أن تكون منهم " ، والتواء الهلاك أى لا يضيع ذلك المال عند الله ، وقل بمعنى فلان ، والزوجان كالنعلين ، والرجا . وعن أبى هريرة ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثديهما إلى تراقيهما ، فأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت أو وفت على جسده حتى تخفى ثيابه وتخفى أثره ، وأما البخيل فلا يزاد إن ينفق شيئاً إلا لزقت كل حلقة مكانها ، فهو يوسعها فلا تتسع " ، والجنة الدروع من الحديد ، وسبغت كملت . وقال عنه صلى الله عليه وسلم " السخى قريب من الله تعالى ، قريب من الناس ، قريب من الجنة ، بعيد عن النار ، والبخيل بعيد عن الله ، بعيد من الناس ، بعيد من الجنة ، قريب من النار ، ولجَاهلٌ سخىّ أحب إلى الله من عابد بخيل " . { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ } الممسكين الغيظ غير مطلقين العمل بما يقتضيه ، وقيل كظم الغيظ أن يمسك على ما فى نفسه منه بالصبر ، ولا يظهر منه أثر وذلك مأخوذ من كظم القربة إذا ملأها وشد فاها ، فبعض القرب لا يرشح فوهاً ، ولا غيره ، منها كمن لم يظهر له أثر الغيظ وبعضها يرشح فوهاً ، أر غيره كمن ظهر منه أثره ، ومثل ذلك أن يقال كظم الغيظ رده فى الجوف ، إذا كان يخرج من كثرته ، والكظام السير الذى يشد به فم الزق فما فى القلب غيظ ، وما ظهر منه على الجوارح غصب ، وعنه صلى الله عليه وسلم " من كظم غيظاً وهو يقدر على إبعاده ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً " وروى أن عائشة غاظها خادم لها ، فقالت لله در التقوى ؟ ما تركت لذب غيظ شفاء " . وعنه صلى الله عليه وسلم " من كظم غيظاً وهو يستطيع أن ينفذه ، دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره من أى الحور شاء " قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب " . { وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ } أى الذين لا يعاقبون من جنى عليهم من الناس عموماً ، وقيل المراد المماليك لسوء أدبهم ، ويجمل غيرهم عليهم ، والظاهر العموم ، وروى أنه ينادى مناد يوم القيامة أين الذين كانت أجورهم على الله ؟ فلا يقوم إلا من عفا . وقال ابن عيينه إنى رويت هذا الحديث للرشيد ، وقد غضب على رجل ، فخلاه . وعنه صلى الله عليه وسلم " إن هؤلاء فى أمتى قليل ، إلا من عصم الله ، وقد كانوا كثيراً فى الأمم التى مضت " قال عطاء بن يسار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من جرعة يتجرعها رجل ، أفضل من جرعة غيظ " وعنه صلى الله عليه وسلم " من أراد أن يشرف الله لهُ البنيان ، وأن يرفع لهُ الدرجات يوم القيامة ، فليصل من قطعه ، وليعط من حرمه ، وليعف عمن ظلمه ، وليحلم عمن جهل عليه " ، وعنه صلى الله عليه وسلم " من كظم غيظاً ، وهو يقدر على إنفاذه ملأه الله أمناً وإيماناً ، ومن ترك لبس ثوب جميل وهو يقدر عليه … " قال بشر أحسبه قال تواضعاً ، كساه الله حلة الكرامة وعنه صلى الله عليه وسلم " أفضل أخلاق المؤمنين العفو " وعنه صلى الله عليه وسلم " من كف غضبهُ كف الله عنه عذابه ، ومن خزن لسانه ستر الله عورته " . وخفض { الكاظمين } و { العافين } يدل على أن { الذين } نعت للمتقين لا مرفوع على أنه جر المحذوف على المدح أى هم الذين ينفقون فى السراء والضراء ، إذ لا دليل عليه ، مع أن الظاهر خلافه ، ويجوز النصب على المدح وتلك النعوت إما لموصوف واحد ، وكان العطف فيها تنزيلا لتعدد الصفة منزلة تعدد الذات ، فكأنه قيل الجامعين للكاظمين ، والعفو ، وأما أن يكون ما عطف موصوف على حدة بأن مدح الله من كظم غيظه ، وأخذ نصيبه من التقوى ، ومن عفى ، وأخذ نصيبه منها ، أو مدح من بالغ فى الصفة ، ولو شورك فيها بدون مبالغة . { واللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } مَنْ يُحْسِنُ إلى عباد الله ، وقيل من يحسن إلى من غاظه أو ظلمه ، وأل للجنس على القولين ، وقيل أراد بالمحسنين من ذكر فى قوله { أعدت للمتقين } إلى آخره ، وعلى هذا يكون مقتضى أن يقال والله يحبهم ، فجعل الظاهر مكان الضمير ليشعر بأنهم محسنون ، وفعلهم إحسان ، فأل للعهد الذهنى