Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 50-51)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ التَّوْرَاةِ } عطف على { رسولا } أو حال حذف عامله وصاحبه ، أى وجئتكم مصدقاً ، وجملة جئتكم معطوفة على جئتكم ، وكل رسول يصدق الكتب ، والرسل قبله ، فعيسى مصدقاً لموسى وتوراته . { وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِى حُرِّمَ عَلَيْكُمْ } أى جئتكم لأحل لكم ، أو عطف على معنى " بآية " لأن حاصل معنى قوله " بآية " لأجل أن أظهر لكم ما أيدنى الله تعالى به ، ويجوز تعليق " بآية " بحال ، فيعطف مصدقاً ولأحل عليه ، أى ملتبساً " بآية " ومصدقاً وكائنا ، لأحل وليس النبى يحل أو يحرم من نفسه ، ولكن المعنى لأبين لكم أن الله حلل لكم أشياء ، حرمت فى التوراة ، فالإنجيل نسخ بعض التوراة ، وليس ذلك بداء - تعالى الله عنه - ولكن حرم فى التوراة أشياء هى فى قضائه أن تحريمها ينتهى وقت كذا ، وهو وقت نزول ناسخها ، وذلك كالشحوم والثروب ، وبعض السمك ، وهو ما له حرفشة ، وبعض الطير وهو ما له منها صيصية ، ولحم الإبل ، والعمل فى السبت ، فقد حل ذلك لليهود من عهد الإنجيل ، وإن كان الإنجيل أحل غيرهن فقد أحلهن لهم القرآن ، وأعنى بالثروب الشحم الذى يغشى الكرش والأمعاء . وكان عيسى عليه السلام ، على حكم التوراة ، يستقبل بيت المقدس ، ويعتبر السبت ، ثم رفع السبت بأمر الله ، ووضع الأحد مكانه وقال قتادة إن بعض الناس زادوا تحريم أشياء بعد موسى ، فجاء عيسى بتحليلها ، فليس بنسخ ، وقيل إنه أحل جميع ما حرم عليه ، وذلك نسخ فبعض بمعنى جميع ، كذا قيل . يعنى قائله جميع ما يمكن تحليله ، وأما ما تحليله مستحيل فى حق الله ، كالزنا وأكل أموال الناس ظلماً ، فلا ، ولكن لا يحسن التعبير ، بأن بعض بمعنى كل على الحقيقة ، ولا المجاز مع إمكان إبقائه على معناه ، لبقاء بعض آخر ، وهو ما استحال تحليله ، وفاعل التحريم هو الله تبارك وتعالى ، وقرئ حرم بالبناء للفاعل ، وهو أيضاً الله ، وأجيز أن يكون موسى ، بدلالة التوراة عليه وكونه معلوماً عندهم ، وقرئ حرم بالتخفيف وفتح الحاء وضم الراء . { وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّنْ رَّبِّكُمْ ، فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ، إِنَّ اللَّهَ رَبِّى وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ، هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } يعنى بآية أخرى ألهمنى الله إياها تدل على رسالتى ، هى قولى { إن الله هو ربى وربكم … } إلخ وليس المراد أن قوله ذلك معجزة ، بل المراد أن قوله ذلك عمل بمقتضى الرسالة بعدما آتيتها بالمعجزة ، فالجملة مقول لقول محذوف ، هو خبر لمحذوف كما رأيت ، وجملة { فَاتَّقوا اللهَ وَأطِيعُون } معترضة فإن قوله هى قول { إن الله هو ربى وربكم … } إلخ نعت لآية { ومن ربكم } نعت أول ، أو متعلق { وجئتكم } . وقرىء بفتح همزة أن على الإبدال من آية ، أو تقدير جار ، أى على أن الله ، أى بآية دالة على أن الله ربى وربكم ، أو لأن الله وعلى تقدير اللام يعلق باتقوا ، أو باعبدوه بعده ، على زيادة الفاء بعده ، وإن علمت أن المراد بالآية هنا آية غير ما تقدم ، علمت أن قوله { جِئتُكُمْ بآيَةٍ مِّن رَّبِّكُم } تأسيس لا تأكيد ، أو للأول ، فيكون الأول لتمهيد الحجة ، والثانى لتقريبها إلى الحكم ، ولذلك رتب على الثانى قوله { فَاتَّقُواْ اللَّه } بالفاء ، أى اتقوا الله فى مخالفتى ، لمجيئى إليكم بمعجزات تقطع عذركم ، وأطيعونى فيما أدعوكم إليه وهو التوحيد . كما قال إن الله هو ربى وربكم ، والعمل كما قال { فاعبدوه } ، واسم الإشارة عائد إلى المذكور من التوحيد والعبادة أو عائد إلى المذكور من العبادة المقيدة بقيد كونها مسببة ، عن كونه ربا لهم ، كما قال صلى الله عليه وسلم " قل آمنت بالله ، ثم استقم " وفى الآية الرد على نصارى نجران وغيرهم فى دعواهم أن عيسى إله بالحصر فى قوله إن الله هو ربى وربكم ، وتعريض بأنهم على غير صراط مستقيم .