Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 102-102)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذَا كُنتَ فِيهِم فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَآئفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ وَليَأَخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَآئِكُمْ وَلتَأتِ طَآئِفَةُ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَليَأخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ } لكن فى هذا القول تبقى أن بلا جواب مذكور ، ولا مدلول عليه بما قبلها ، أو مستغنى عنه بما قبله ، كما دل عليه أو غنى عنه ما قبلها فى غير هذا القول ، فيقدر هكذا إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا وأردتم الصلاة فرادى فصلوا ، كما أمكنكم من التخفيف ، او فخذوا حذركم لأن الذين كفروا كانوا لكم عدوا مبينا ، واذا كنت فيه الآية أى كنت اماما ، ومثله ما اذا قمتم غيره صلى الله عليه وسلم ، لأنا مخاطبون بخطابه وثواب عنه ، الا اذا قام دليل الخصومة بهذا يرد على من خص صلاة الخوف برسول الله صلى الله عليه وسلم متمسكا بقوله تعالى { وإِذا كنت فيهم } لفضل الجماعة الذين يصلون وراءه على غيرهم كأبى يوسف ، والحسن بن زياد ، ومن أصحاب أبى حنيفة . وقال المزنى من أصحاب الشافعى كانت له ولغيره ، ثم نسخت والجمهور على أنها لم تنسخ ، وأنها له صلى الله عليه وسلم ، ولنا وقد صلاها على بأصحابه ليلة ، وكذا أبو موسى الأشعرى ، وصلاها حذيفة بن اليمانى بطبرستان ، ولا مخالف لهم ، وذلك منهم تبع له صلى الله عليه وسلم ، اذ قال " صلوا كما رأيتمونى أصلى " واذ قال الله { فاتبعوه } وقد قال الله تعالى { خذ من أموالهم صدقة } فكانت الأئمة تأخذها ، فليس اذا كنت فيهم شرطا ، بل بيانا ليفعلوا كما فعل ، وليس السفر شرطا أيضا فى صلاة الخوف ، ولو جعلنا ذكر السفر من صلاة السفر عند الجمهور لأنه انما ذكر السفر لأنه الذى هو مظنة الخوف غالبا ، ولأنه سبب نزول الآية . قال ابن عباس ، وجابر " ان المشركين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قاموا الى الظهر يصلون جميعا ، فندموا وقالوا لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم ، فلو شددتم عليهم وقد أصبتم منهم غزة ؟ فقال بعضهم لبعض ان لهم بعدها صلاة هى أحب اليهم من آبائهم وأبنائهم ، ويرى آبائهم وأمهاتهم يعنى صلاة العصر ، فاذا كانوا فيها فشدوا عليهم ، فأنزل الله تعالى بين الصلاتين صلاة الخوف { ان خفتم أن يفتنكم الذين كفروا } " الآية أو من قوله { واذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ان خفتم } الآية ، وأخبرهم الله تعالى بتمنيهم أن يشدوا عليهم فى الصلاة وقال { وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلَحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَّيْلَةً وَاحِدَةً } أى متأصلة لكم ، فهى على أخذ السلاح ، ومعنى { فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاة } فأردت اقامة الصلاة لهم ، أى أردت أن تصلى بهم صلاة مستقيمة شرعية ، نزل جبريل بالآية فعلمه صلاة الخوف ، فصلى العصر صلاة الخوف . وعن أبى عياش " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان وعلى المشركين يومئذ خالد بن الوليد ، فصلينا الظهر فقال المشركون لقد أصبنا غرة أى غفلة ، كما فى لفظ آخر لو حملنا عليهم وهم فى الصلاة فنزلت الآية " ، والمعنى اذا كنت يا محمد فى أصحابك شاهدا معهم القتال ، ومعنى { فَلْتَقُمْ طَآئفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَك } اجعل أصحابك طائفتين احداهما تقوم معك فى الصلاة تصلى بها ، وطائفة تقابل العدو ، ولتأخذ الطائفة التى تصلى معك أسلحتهم حزما لئلا يكون ما يغلب الذين قابلوا العدو ، ولا ينقض صلاتهم مس الحديد والنحاس من سيوفهم لأجل الضرورة ، ولكن يأخذون ما لا يشغلهم عن الصلاة كالسيف والخنجر ، ولا يضر من بجنبهم ، فلا يأخذ الرمح لأنه يضر ، ولا الترس الكبير لأنه يشغل عن الصلاة ، والضمير فى وليأخذوا أسلحتهم للطائفة التى يصلى بها ، ثم انه لا مانع من كون الآخذ أن يكون سلاح كل واحد بحيث لا يفوته العدو به ولا بحجزه عنه ، مثل أن يمد أيضا رماحهم على طول الصف ، بحيث لا يضرون أحدا بها ، وسائر سلاحهم ، ولكن تعليق ما أمكن تعليقه أولى . وقيل الضمير فى وليأخذوا أسلحتهم للطائفة الأخرى ولو لم تذكر ، لأن الأولى تدل عليها ، ثم رأيت هذا التعليل للقاضى ، وذلك أنها ليست فى الصلاة ، وقد ندبت للحراسة ، ولا مانع من رد الضمير الى الطائفتين معا ، فهو عائد الى جملة من هو فيهم ، كما قال { واذا كنت فيهم } والضمير فى قوله { فَإِذَا سَجَدُوا } عائد الى الطائفة الأولى القائمة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والضمير فى قوله { فَلْيَكُونُوا } عائد الى الطائفة الأخرى التى جعلت لمقابلة العدو ، وليست فى الصلاة ، والخطاب فى { مِن وَرَائِكُمْ } لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والطائفة الأولى التى يصلى بها أولا وخاطبها تغليبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والا فقد ذكرت بغيبة فى قوله فلتقم الطائفة ، وقوله سجدوا ، أمر الطائفة الأخرى أن تكون من وراء الطائفة الأولى التى تصلى معه صلى الله عليه وسلم ، يحرسونهم من العدو ، ومعنى { فَإِذَا سَجَدُوا } فاذا شرعوا فى الصلاة سمى الصلاة سجودا أو اذا سجدوا للأرض ، لأن السجود مظنة الغفلة ، ويجوز أن تكون الواو فى { فَلْيَكُونُوا } للطائفة الأولى القائمة ، فيكون معنى سجدوا فرغوا من الصلاة ، أى فاذا صلوا ما يصلون معك ، وكأنه قيل فاذا فرغوا مما يصلون خلفك . والخطاب فى { مِن وَرَائِكُمْ } على هذا الوجه الأخير للطائفة الأخرى ، خوطبت تغليبا لخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو كانت انما تذكر بعد فى قوله { وَلتَأتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى } لأنه قد جرى لها ذكر فى الجملة لدخولها فى قوله فيهم ولهم ومنهم . مع دلالة ذكر الطائفة الأولى عليهم ، والطائفة هذه التى لم تصل ، وكانت قد قابلت العدو للحراسة ، أمرها الله أن تأتى وتصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قال { وَلتَأتِ طَآئِفَةُ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ } وجملة لم يصلوا نعت طائفة ، وأمرها الله أن تأخذ حذرها وسلاحها ، مع أنها فى الصلاة ، كما أمر الأولى بأخذ السلاح ، وذلك قوله { وَليَأخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ } ويجوز أن يكون الضمير فى { وَليَأخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ } للطائفة الأولى التى صلت لتقابل العدو ، أو للطائفتين معا ، واذا أعيد للثانية التى لم تصل فأخذ الأولى حذرها وسلاحها معلوم الوجوب من المقام ، لأنه مقام الكلام على العدو ، ولأنه اذا وجب عليهم أخذ السلاح مع أن الصلاة ليست محل حمل سلاح ، فأولى أن يجب أخذه خارج الصلاة . ومعنى أخذ الحذر الكون على الحذر ، شبه الحذر بجسم يؤخذ ودل على ذلك باثبات الأخذ ، وذلك من قبيل عموم المجاز المتخرج به عن استعمال الكلمة فى حقيقتها ومجازها ، لأن أخذ السلاح حقيق ، ولك أن تقدر أخذا وأخر السلاح حقيقة ، وتجعل المذكور مجازا فى الأول ، وللخائف أن يجعل بعض فكره فى غير الصلاة ، كما دل عليه ، وليأخذوا حذرهم مثل أن يتحقق بالاستماع الى شىء سمع أو رأى أمارته ، أو يلتفت قليلا للضرورة اذا احتاج لذلك ، ولا بد وذكر الحذر ثانيا ، ولم يذكره أولا لأنه يظهر للمشركين أن للطائفة فى الصلاة فضل ظهور اذا سجدوا ، أو لأنه اذا جاءت الطائفة المقابلة ، وذهبت للقتال التى كانت تصلى ، ظن المشركون اضطراب المسلمين واقعا ، أو ظنوا الجائية هاربة ، والله جل وعلا أمر الطائفتين أن تصلى كل واحدة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة بعد أخرى ، ومتى كانت احداهما فى الصلاة فالأخرى فى مقابلة العدو ، ولم يبين كم تصلى كل واحدة ، فقيل تصلى الأولى معه ركعة واحدة ، والأخرى قابلت العدو ، فاذا رفعوا رءوسهم من السجود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يستووا قائمين مضوا للقتال ، أو لمقابلة العدو ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، قائم ساكت فتجىء الأخرى فتصلى معه الركعة الثانية ، ويقرءون معه التحيات ، فيسلم فتسلم التى معه ، والتى عند العدو ويتفرغون جميعا الى العدو ، وهذا مروى عن أبى موسى الأشعرى . ووجه آخر أن يصلى بالأولى ركعة فينتظرها قائما حتى تتم ركعة أخرى وحدها ، وتذهب الى العدو ، وتجىء المقابلة للعدو فيصلى بها ركعة أخرى ، فيثبت قاعدا حتى تتم الركعة الثانية وحدها ، فسلم بهما جميعا ، وهكذا فعل صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع ، كما روى صالح بن خوات عمن صلى معه صلى الله عليه وسلم ذلك بها ، وهو سهل بن أبى حيثمة ، وهذا أقرب وهو مختار الشافعى ، لأنه قد أتى كل منهم بصلاة وهى ركعتان ، وكل قرأ التحيات ، والله جل وعلا قال فى كلتا الطائفتين انها صلت قال فى الأخيرة طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا ، فأفاد بالمفهوم من طائفة أخرى لم يصلوا أن الأولى قد صلت ، وقد أمر الآخرة بالصلاة ، وفيه قلت الذهاب والمجىء كالوجه الأولى ، ووجه آخر أن يصلى بالأولى ركعة ، ثم تذهب للعدو وتأتى الأخرى التى قبالته ، ويصلى بها ركعة ، ويقف ساكتا فيتم صلاتها بركعة ، وتذهب للعدو وترجع الأولى ، فتؤدى ركعة بلا قراءة ، وبه قال أبو حنيفة ، وهو مروى عن ابن مسعود ، وابن عمر ، ووجه آخر أن يصلى بالأولى ركعة ، والآخرى عند العدو فتذهب للعدو وتجىء التى عند العدو فيصلى بها ركعة ، ثم تصلى كل منهما ركعة واحدة بعد أخرى لا بمرة لئلا يميل بهم العدو ، فيسلم الامام بهم كما فعل أبو موسى بأصبهان وأجازه الشافعى . ووجه آخر أن يصلى بالأولى ركعة فتقابل العدو ، وبالأخرى ركعة فتقابل ، ثم ترجع الأولى فيصلى بها ركعة ، فتقابل فترجع الأخرى ويصلى به ركعة ، فيسلم بهم . ووجه آخر أن يصلى بطائفة ركعتين ، والأخرى تقابل ، ثم بأخرى ركعتين والأولى تقابل ، كما فعله صلى الله عليه وسلم ببطن نخلة ، وجميع تلك الأوجه قد فعلها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك كله فى صلاة أربع ركعات ، وفى صلاة ركعتين . وقيل الوجه الأخير قبل أن تقصر الصلاة ، واذا كان العدو أمامهم فقد قال جابر بن عبد الله صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الخوف ، وذلك فى عسفان ، قال بعض والعدو وبينه وبين القبلة ، فصفوا كلهم خلفه ، فكبر بهم جميعا ، وركع بهم جميعا ، ورفع بهم جميعا ، فسجد الذين يلون ، والآخرون قيام فسجدوا بعد أن رفع الذين يلونه رءوسهم من السجود ، كذا روى الشيخ هود ، وزاد مسلم ثم تقدم الصف المؤخر ، وتأخر المتقدم ، عن جابر أنه قال ثم ركعنا جميعا ، ورفعنا جميعا ، وسجد الذين يلونه ورفعوا ، وسجد المؤخرون وهم الذين تقدموا أولا فسلم بهم جميعا . وقيل فى صلاة المغرب يصلى بالأولى ركعتين فيتأخر ، وتتقدم الأخرى فيصلى بهم ركعة ، ثم يسلم ، ثم يتأخرون الى مقام أصحابهم ثم يجىء أصحابهم ، فيصلون الركعة التى بقيت عليهم ، ثم يرجعون الى مقام أصحابهم ، ويتقدم الآخرون فيصلون ركعتين ، ثم يسلمون . واذا اشتد القتال صلوا رجالا وركبانا ، يؤمون بالركوع والسجود الى أى جهة كما أمكنهم ، وقد نووا الاستقبال ، هذا مذهبنا ومذهب الشافعى ، وقال أبو حنيفة لا يصلون فى هذه الحالة ، واذا أمنوا صلوا ما لزمهم ، وقرىء وأمتعاتكم جمع الجمع ، ولو تغفلون فى تأويل المصدر مفعول لود ولو مصدرية ، قال ابن عباس رضى الله عنهما كان عبدالرحمن بن عوف مريضا لجرح أصيبت به رضى الله عنه ، فوضع سلاحه فعنفه بعض الناس اذا أخذوا الأمر بأخذ السلاح على الوجوب ، وهو كذلك ، فنزل قوله تعالى { وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أّذىً مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُم } دل هذا على أن أخذه واجب الا حال المرض أو المطر ، فلا يجب لثقل أخذها مع المطر او المرض ، ولكن يجب مع المطر أو المرض أخذ الحذر كما قال عز وجل { وَخُذُوا حِذْرَكُمْ } مع المطر أو المرض أيضا ، لئلا يهجم عليكم العدو ، وعن ابن عباس رضى الله عنهما ، نزلت فى النبى صلى الله عليه سلم ، وذلك " أنه غزا بنى محارب وبنى أنمار ، فنزلوا ولا يرون من العد أحدا ، فوضع الناس السلاح ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة حتى قطع الوادى ، والسماء ترش بالمطر ، فسال الوادى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أصحابه ، فجلس تحت شجرة فبصر به غورث بن الحارث المحاربى فقال قتلنى الله ان لم أقتله ، ثم انحدر من الجبل ومعه السيف ، ولم يشعر به رسول الله صلى الله عليه وسلم الا وهو قائم على رأسه ، وقد سل السيف من غمده ، وقال يا محمد من يمنعك منى الآن ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمنعنى الله ، ثم قال اللهم اكفنى غورث ابن الحارث بما شئت ، فأهوى غورث بالسيف ليضرب رسول الله صلى الله عليه سلم به ، فأكب لوجهه من زلجة زلجها ، فوقع السيف من يده ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ السيف ، ثم قال يا غورث من يمنعك منى الآن ؟ فقال لا أحد ، فقال أتشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله وعبده ؟ فقال لا ، ولكن أشهد أن لا أقاتلك ولا أعين عليك عدوا ، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ، فقال غورث لأنت خير منى . قال النبى صلى الله عليه وسلم أجل أنا أحق منك بذلك فرجع غورث الى أصحابه فقالوا له ويلك يا غورث ما منعك منه ، فقال والله لقد هويت اليه بالسيف لأضربه ، فوالله ما أدرى من زلخنى بين كتفى ، فخررت لوجهى ، وذكر لهم حاله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسكن الوادى ، فقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم الوادى الى أصحابه ، وأخبرهم الخبر ، وقرأ هذه الآية { وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أّذىً مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى } الآية " . وفى البخارى ومسلم ، عن جابر بن عبد الله " أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد ، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معه ، فأدركتهم القائلة فى واد كثير العضاة ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة ، فعلق بها سيفه ، قال جابر فنمنا نومة ، ثم اذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا فجئناه ، فاذا عنده أعرابى جالس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ان هذا اخترط سيفى وأنا نائم فاستيقظت وهو فى يده صلتا فقال لى من يمنعك منى ؟ قلت الله ، فها هو ذا جالس " ثم لم يعاقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم " . وفى رواية فى البخارى عن جابر بن عبد الله ، " كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع ، فاذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبى صلى الله عليه وسلم ، فجاء رجل من المشركين ، وسيف النبى صلى الله عليه وسلم معلق بالشجرة ، فاخترطه فقال تخافنى ؟ قال لا ، قال فمن يمنعك منى ؟ قال الله عز وجل ، فتهدده أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم " . وقال ابن اسحاق فى غزوة ذات الرقاع ، حدثنى عمرو بن عبيد ، عن الحسن ، عن جابر بن عبد الله " أن رجلا من بنى محارب يقال له غورث ، قال لقومه من غطفان ومحارب ألا أقتل لكم محمدا ! قالوا بلى ! وكيف تقتله ؟ قال أفتك به ، فأقبل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس ، وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجره ، فقال يا محمد انظر الى سيفك هذا ، وكان محلى بفضة ، قال بن هشام صاحب السيرة قال نعم فأخذه فاستله ، ثم جعل يهزه ويهم به ، فيكتبه الله ، ثم قال يا محمد أما تخافنى وفى يدى السيف ؟ قال لا ، يمنعنى الله منك انى لا أخافك ، ثم عمد الى سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرده عليه " ، قال عياض غورث بن الحارث صاحب هذه القصة ، وأن النبى صلى الله عليه وسلم عفى عنه ، فرجع الى قومه ، وقال جئتكم من عند خير الناس ، وجرى له مثل هذا يوم بدر مع منافق ، وقد انفرد . قال وفى غطفان بذى أحد مع رجل أسمه دعثور بن الحارث ، وأن الرجل أسلم ، فلما رجع الى قومه الذين أعزوه ، وكان سيدهم وأشجعهم قالوا له أينما كنت تقول ، وقد أمكنك ، قال انى نظرت الى رجل أبيض طويل ، دفع فى صدرى ، فوقعت لظهرى ، وسقط السيف ، فعرفت أنه ملك ، فأسلمت . وفى رواية الخطابى " أن غورث بن الحارث المحاربى أراد أن يفتك بالنبى صلى الله عليه وسلم فلم يشعر به الا وهو قائم على رأسه منتضيا سيفا ، فقال اللهم اكفنى هما بما شئت ، فانكب لوجهه من زلخة زلخها بين كتفيه ، وسقط سيفه ، والزلخة وجع الظهر " . قال عياض وابن القطان روى " أنه كان النبى صلى الله عليه وسلم اذا نزل منزلا اختار له أصحابه شجرة يقيل تحتها ، فأتاه أعرابى فاخترط سيفه ثم قال من يمنعك منى ؟ قال الله ، فرعدت يد الأعرابى وسقط سيفه وضرب برأسه الشجرة حتى سال دماغه " . { إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } يهينهم فى الدينا ثم فى الآخرة ، فهذا وعد للمؤمنين بالنصر عليهم بعد الأمر بأخذ السلاح والحذر ، تعليما لهم أن الحذر والكسب لا ينافيان التوكل ، وارشادا الى الجمع بينهما وبين التوكل ، وفى ذلك الوعد توقية لنفوس المؤمنين .