Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 12-12)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَّمْ يَكُنْ لَّهُنَّ وَلَدٌ } ذكر أو أنثى ، منكم أو من غيركم ، من بطنها أو من صلب ابنها أو ابن ابنها وإن سفل كان يرثها وإلا فللزوج النصف ، ولو كان مثل أن يكون مشركاً أو عبداً أو قاتلالها . { فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ } وارث على حد ما ذكر من التعميم . { فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ } وقال ابن مسعود الولد الذى لا يورث لا يحجب الزوج إلى الربع ، ولا الزوجة إلى الثمن ، ولا يحجب غيرها أيضاً حجب حرمان أو نقص . { وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّكُمْ وَلَدٌ } وارث على التعميم المذكور ، وعلى خلاف ابن مسعود . { فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ } كذلك . { فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ } فرض للزوج بحق الزواج نصف مال الزوجة منه ، وهكذا للذكر نصف الأنثى التى معه فى الجهة والقرب ، إلا ولد الأم أو لمسألة المشتركة ، قيل والمعتق والمعتقة ، فإن حظ المعتق عبداً ، أو حظ المعتقة إذا أعتقت عبداً سواء على قول غيرنا فى توريثهما الكل ، إن لم يترك العبد وارثاً فى العصبة إن ترك وارثاً ، وأما إذا اشتكا فى العتق فيقدر ملكها فيه ، وكذا أبو نوح يورث للمعتق أو المعتقة الكل إذا لم يكن وارث ولا عاصب ولا رحم ، وإن كان فلا شىء المعتق او المعتقة ، وإذا مات الرجل عن زوجتين أو عن ثلاث أو أربع قسمن الثمن أو الربع . { وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ } جملة يورث نعت لرجل ، وكلالة خبر كان ، وامرأة معطوف على رجل ، ونعته محذوف ، والمعطوف على الخبر محذوف ، أى أو امرأة تورث كلالة ، أى أو كانت امرأة تروث كلالة ، و يجوز عطف امرأة على رجل بلا تقدير عطف خبر محذوف ، فلو رد الخبر لأن الكلالة يطلق على الواحد فصاعداً ، ولأن العطف بأو ويجوز ، والكلالة من الرجال والنساء من لا ولد له ولا والد ، أى وإن كان الرجل الموروث ، أو المرأة الموروثة لم يترك ولداً ولا والدا ، هذا قول أكثر الصحابة ، ومنهم على وابن مسعود وابن عباس وعمر وزيد ابن ثابت وعطاء والضحاك وأبو بكر ، و هذا هو الصحيح ، ويدل له حديث جابر المذكور عند قوله تعالى { يوصيكم الله فى أولادكم } لأنه قتل أبوه يوم أحد ولم يخلف ولداً ولا والداً وفيه نزل { يستفتونك قل الله يفتيكم } وذلك اشتقاق من كلت الرحم بين فلان وفلان إذا تباعدت ، أو من كل يكل أى ذهبت حدثه ، فإن مات هو وأبوه وولده أو لم يكن له ولد فقد كل نسبه . وقيل بمعنى القرابة استعيرت من هذا المعنى وأصله على كل حال مصدر ، أو من كل يكل بمعنى أحاط كالإكليل ، لإحاطته بالرأس ، وذلك أن الورثة محيطة بالميت ، بخلاف الولادة والأبوه فإنهما توالد يتزايد ويتتابع على نسق واحد ، وفى رواية عن عمر وابن عباس وهو قول طاووس وسعيد بن جبير الكلالة من لم يخلف ولداً ، لقوله تعالى { قل الله يفتيكم فى الكلالة أن امرؤ هلك ليس له ولد } ولم يقل ولا والد ، وهو استدلال قوى لأن الكلالة مذكورة فيه ، وعنونها بأنها لم يكن له ولد بجائز ، ولم يكن له أيضاً أب لكن عدم وجوده أمر موافق ، أو لعمدة فى تسميته فى هذه الآية كلالة ، هو كونه لا ولد له ، إذ قال فى جواب الكلالة ليس له ولد ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، ولا واقعة حال وذلك قول أبى بكر . قال الشعبى سئل أبو بكر الصديق رضى الله عنه عن الكلالة . فقال سأقول فيها قولا برأيى ، فإن كان صواباً فمن الله ، وإن كان خطأ فمنى ومن الشيطان ، أراه ما خلا الولد والوالد ، ولما استخلف عمر قال إنى لأستحي من الله أن أرى شيئاً قاله أبو بكر . وقيل الكلالة اسم للحى من ورثة من لم يخلف من ذكر على القولين وهو قول نسبه بعض لأبى بكر وجمهور من قال الكلالة غير الولد والوالد . وقال ابن زيد الكلالة الذى لم يخلف ولداً ولا والداً ، والورثة الذين ليس فيهم والد ولا ولد ، فالكلالة تطلق على الميت المذكور تارة ، وعلى ورثته المذكورين تارة ، وقال أبو الخير سأل رجل عقبة عن الكلالة فقال لا تعجبوا من هذا يسألنى عن الكلالة وما أعضل بأصحاب النبى صلى الله عليه وسلم شىء ما أعضلت بهم الكلالة . قال عمر ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عهد إلينا فيها عهداً ننتهى إليه الجد ، والكلالة ، وأبواب من أبواب البر . وقال فى خطبته إنى لا أدع بعدى شيئاً أهم عندى من الكلالة ما راجعت النبى صلى الله عليه وسلم فى شىء ما راجعته فى الكلالة ، وما أغلظ لى فى شىء ما أغلظ فى الكلالة حتى طعن بأصبعه فى صدرى . وقال يا عمر ألا تكفيك آية الصيف ، وذلك أن الله جل وعلا أنزل فى الكلالة آيتين إحدهما فى الشتاء وهى هذه الآية فى أول سورة النساء نزلت فى الشتاء ، والأخرى فى آخرها نزلت فى الصيف ، وفيها من البيان ما ليس فى آية الشتاء ، ثم إذا جعلنا الكلالة تطلق على الموروث المذكور أو الورثة المذكورين ، وفسرنا الآية بالموروث فالإعراب ما ذكر ، والرجل فى الآية الميت ، وإن فسرناها بالورثة المذكورين أو جعلنا الكلالة الورثة المذكورين فقط ، فالرجل فيه حى وارث والإعراب هكذا يورث مضارع من أورث بهمزة التعدية ، فيتعدى لثان ، وهو كلالة فكلالة مفعول ثان ، والأول نائب الفاعل ، مستتر أى وإن كان رجل صيره الله يرث كلالة ، وكان لا خبر لها ، أن جملة ورث نعت رجل ، وكلالة مفعول ثان ، إلا أنه قد يقال إن رجلا يسوغ الابتداءه تنوع ، لأن الكلام فى تنويع الورثة ، فصح أن يكون اسم لكان فيصح أن يكون جملة يورث خبر كان ، وهذا الوجه يجوز أيضاً إذا جعلنا الرجل الميت ، ويورث من ورث الثلاثى ، وهو الوجه الأول ، الذى ذكرته أولا ، وعليه فكلالة خبر ثان ، ويجوز فى هذا الوجه الأول أيضاً أن يكون كلالة حالا من المستتر فى يورث ، قيل أو مفعول لأجله مراعاة لمعنى المصدر فى كلالة وإذا جعلنا يورث من أورث بهمزة التعدية ، جاز مع ما مر وجهه آخر ، وهو أن المفعول الثانى محذوف ، أى يورث غيره ، أى صيره الله يرث غيره ، فحينئذ يكون كلالة حالا من ضمير يورث ، أو مفعولا من أجله على ما مر آنفاً ، ويدل على أن المراد بالرجل الميت ، قرأ بعض يورث بالبناء للفاعل ، وبعض يورث بالتشديد والبناء للفاعل ، على معنى أن المعنى خلف كلالة يرثه فكأنه بموته صيره هو وارثاً ، وكلالة مفعول أول على هاتين القراءتين . والثانى محذوف ، أى يورث أو يورث كلالة حالا مالاً . { وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ } الواو للحال ، وصاحب الحال ضمير يورث ، سواء جعلناه من ورث الثلاثى ، أو من أورث ، فعلى الأول يكون سوق الآية على أن للميت أخاً واحداً ، أو أختاً واحدة ، وعلى الثانى يكون له أخ مع آخر أو مع أخت فيشكل الأمر حينئذ ، فيتكلف الجواب ، بأن يقال معنى قوله فلكل واحد منهما السدس ، أن لهما الثلث بقسمانه سواء ، فذلك سدس لكل واحد ، وهذا يوهم التكرير مع قوله وإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء فى الثلث ، فيتكلف الجواب بأنه لما كان قوله فلكل واحد منها السدس ، يوهم أنهُ لو كان ثلاثة لكان لهما ثلاثة أسداس ، دفع هذا أبوهم بقوله وإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء فى الثلث ، وإن قلت يبقى على هذا حكم ما إذا خلف أخاً واحداً أو أختاً واحدة غير مبين ، قلت يؤخذ مما ذكر لأنه إذا كان لكل منهما سدس ، إذا اجتمع مع الآخر كان له سدس ، إذا انفرد مع قوله فهم شركاء فى الثلث ، فإنهُ دليل أن الواحد له ما ذكر قبله وهو السدس ، فلا يخفى رجحان أن الرجل هو الميت ، وأن يورث من الثلاثى لسلامته من التكلف ، لأن المعنى حينئذ أنه مات وخلف أخاً ، أو خلف أختاً ، فلكل واحد منهما إذا خلفه وحده ليس معه آخر السدس . وأجمعوا أن المراد الأخ أو الأخت من الأم . وقد قرأ أبى وله أخ أو أخت من الأم وسعد بن وقاص وله أخ أو أخت من أم . فالكلالة فى الآية بالإجماع من ترك أخاً أو أختاً أو أكثر من جهة الأم أو من مات أخوه من أمه ، وله آخر أو أخرى ، ويدل على أنهما من الأم أنه ذكر آخر سورة أن للأختين الثلثين ، وللإخوة المال كله ، مع أنه جعل هنا السدس للواحد والثلث لما فوق ، ولم يزيدوا على الثلث ، وأن السدس أو الثلث فرض الأم ، فالأخ منها أولى به . قال أبو بكر الصديق رضى الله عنه فى خطبته إلا أن الآية التى أنزل الله فى أول سورة النساء من شأن الفرائض أنزلها فى الولد والوالد والأم ، والآية الثانية فى الزوج والزوجة والإخوة والأم ، والآية الثالثة التى ختم الله بها سورة النساء فى الإخوة والأخوات من الأب والأم والتى ختم الله بها سورة الأنفال فى أولى الأرحام . { فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا } إذا لم يكن معه آخر ، أو من هذا الرجل الحى الذى صير وارثاً ، والأخ الذى معه أو الأخت . { السُّدُسُ } وفى قوله { وله } ، وقوله { فلكل واحد } تغليب الذكر وكذا فى { يورث } إذا عطفنا امرأة على رجل بلا تقدير للفظ توريث لها ، لأن المنعوت المعطوف قد يرد تقديم نعته عليه ، نحو جاء رجل صالحان وامرأة ، ووجه التغليب فى يورث ، وله أنه يستحق رجل أن يقال يورث وله ، واستحق امراة أن يقال تورث ولها ، فوقع ما استحق رجل ، وجاء ذلك بالإفراد بدون أن يقال يورثان ولهما ، لأن العطف بأو فكأنه قيل يورث أحدهما ولأحدهما ، ووجه التغليب فى لكل واحد أنها تستحق واحدة ، وأنه يستحق واحد فقيل بما استحق ، ويجوز عود ضمير يورث وضمير له إلى أحدهما ، على أن امرأة فى نية التقديم ، ويجوز الاكتفاء بالكلام على الرجل ، فتلحق المرأة به أو يقدر لها ، أى أو امرأة تورث وله أخ أو أخت ولها أخ أو أخت . { فَإِنْ كَانُواْ أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكَآءُ فِى الثُّلُثِ } يقسمونه سواء الذكر أو الأنثى ، لأنهم كلهم أدلوا إلى الميت بالأنثى وهو الأم ، والكلام شامل لما إذا كانت أخوات أو أختان ، لا ذكر معهن ، لأن هذا أيضاً يعد من باب التغليب ، لأن المعنى وإن كان أصحاب الأخوة وربما دلت الآية على أن وجود الأم أو الجدة يمنع كون الأخ إلى الأخت فصاعداً كلالة ، فلا يرثون بالإجماع مع وجود إحداهما ، كما لا يرثون مع البنت أو بنت الابن ، لكنهم يرثون بالإجماع مع وجود الأم والجدة ، فالإجماع خص عموم الآية ، واعلم أن الوارث إما متصل نفسه إلى الميت وهو أعلى وهو قرابة الولادة ، أو بعقد النكاح ، وهذا بعده لأنه عرضى ، وإما منفصل بواسطة كالأخوة للأم وهو دون ذلك فأخر فى الآية . { مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى } ذلك الرجل . { بِهَآ أَوْ دَيْنٍ } أى أو دين يوصى به أو دين يقر به ، والإيصاء به إقرار ، وكذا فيما مضى ولعله لم يذكر ذلك ، لأن الدين كما يثبت بالإقرار عند الموت يثبت ببينة يأتى بها من قوله " فأطلق " فلا يقدر له محذوف ، وفى صحيح الربيع بن حبيب ، والبخارى ومسلم ، أنه لا يحل لامرئ يؤمن بالله له شىء يوصى به ، أن يبيت ليلة إلا ووصية مكتوبة عند رأسه ، وذلك تمثيل لأن فى رواية ليلتين ، وفى أخرى ثلاث ليال ، والمراد أن يوصى بها . كما تجوز ، وذلك ببينة عادلة ، فلا يكفى وجودها عنده ، بلا بينة عند الإنكار لأنها عند ذلك لا يصدق عليه فى الحكم أنها وصيته . والمراد فى الآية الوصية الجائزة والواجبة ، فى الحديث الوصية الواجبة وهى وصية الأقرب والوصية بحقوق الله وحقوق العباد ، مما لم يعتد أن يسمى ديناً ، والوصية بالثلث لغير الوارث ، أما بأكثر منه فلا تجوز إلا إن أجازها الوارث أما للوارث فلا ، ولو بأقل إلا إن أجازها غيره من الورثة ، والوصية بحق العباد فى حكم الدين ، " قال صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبى وقاص وهو فى الصحاح الثلاثة المذكورة بعد كلام الثلث " والثلث خير كثير إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس " وقال صلى الله عليه وسلم " لا وصية لوارث إلا إن شاء الورثة " . { غَيْرَ مُضَآرٍّ } للورثة أو لغيرهم ، بأن يقر لبعض الورثة أو غيرهم بما لا يلزمه ، أو يقول إن كذا وكذا عندى أمانة لفلان مما يوهم الحق ويحكم به فى ظاهر الحكم ، إذ لو أظهر ذلك وصية لم تثبت للوارث إلا برضاهم ، أو أظهر أن ذلك وصية ، لم يثبت لغير الوارث إلا الثلث وأقل ، أما إذا أقر بحق لغير الوارث ، ثم إنه تبين أنه لا حق له ، فلا يثبت له بالإقرار لظهور بطلانه وعدمه ، ولا بالوصية ، لأنه لم يوص له أيضاً ، ودخل فى الضرار المذكور أن لا تكون له رغبة مباحة ، أو واجبة فى الإيصاء ولكنه أبغض الوارث فنقص عنه بإيصاء ، وأن يبيع برخص ، أو يشترى بغلاء أيها ما فقد لا يفطنون لذلك فيردوه للثلث ، أو يرد الوارث إلى القيمة ، وقيل معنى { غير مضار } أن لا يجاوز الثلث فى الوصية لغير الوارث ، ولا يوصى لوارث حتى أنه إن أوصى بذلك لم تكن القسمة بعد تلك الوصية ، بل تبطل ويقسم المال إلا الثلث فما دون لغير الوارث ، إلا إن أجازوا ما زاد ، أو أجازوا ما أوصى به الوارث . قال صلى الله عليه وسلم " من قطع ميراثاً فرضه الله ، قطع الله ميراثه من الجنة " قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الرجل ليعمل والمرأة تعمل أهل الجنة بطاعة لله عز وجل ، بستين سنة ثم يحضرهما الموت ، فيضاران فى الوصية فتجب لهما النار " ثم قرأ أبو هريرة من بعد وصية إلى الفوز العظيم . قال ابن عباس رضى الله عنهما ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الضرار فى الوصية من الكبائر " قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من ضار فى وصية ألقاه الله تعالى فى واد جهنم " وعمت الأحاديث كما عمت الآية بحذف المفعول ، وذلك أن الضرار لا يختص بالوارث ، ألا ترى أنه إذا أقر بما لم يكن ، وكانت المحاصة بالزبون فى ماله فقد ضار الغرماء ، وكذا إذا أقر بما لم يكن ولم تكن المحاصة بالزبون وكانت بالوصايا فى الثلث ، فنقصت وصية الأقرب عما يجزىء ، أو نقصت الوصية الواجبة ، كالوصية بالزكاة ، ولولا إقراره لكملت الوصايا فى الثلث ، أو زادت أنصبائها ، و { مضار } مفاعل بضم الميم وكسر العين لغة بغير المفاعلة ، بل لموافقة وصف المجرد ، أى غير ضار أو للمبالغة العائدة إلى النفى ، أى مغاير للضر مغايرة عظيمة ، وغير حال من ضمير يوصى ، وقرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم من طريق ابن عباس يوصى بالبناء للمفعول فيكون { غير } حالا من فاعله من الذى ناب عنه نائب الفاعل وهو الضمير المجرور فى { بها } وفيه اعتبار الفاعل بعد حذفه وفى هذا الإعراب ضعف ، بل { غير } حال من ضمير فى الفعل المحذوف المبنى للفاعل ، الذى دل عليه المبنى للمفعول ، أى يوصى ذلك الرجل غير مضار . { وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ } مفعول مطلق مؤكد لكنه نائب عن عامله ، ألا ترى أن مقتضى أن لا يقال يوصيكم الله وصية من الله ، بل يوصيكم الله وصية منه ، فلما حذف الفعل والفاعل الظاهر ، أتى به مؤخراً مع بعد المفعول المطلق ، أو مفعول به لمضار ، لأن { مضار } اسم فاعل شبه مخالفة وصية الله بكونه يضرها ، والمضارة إنما تتحقق فى الورثة وغيرهم لا فى الوصية ، أو ذلك من المجاز العقلى ، بأن تكون المضارة حقيقة ، لكن التجوز فى تعلقها بالوصية ، وفى الوجهين مبالغة فى الزجر عن المضارة ، ويدل لكون وصية مفعولا به لمضار . قرأ الحسن غير مضار وصية بجر وصية ، وإسقاط تنوين مضار ، والمعنى على المفعولية أن الله جل وعلا قد أوصى نبيه أم للميت ثلث ماله فقط . الحديث ان الله جعل لكم ثلث أموالكم بعد وفاتكم فلا تخالفوا هذه الوصية بالزيادة الموهمة الثبوت بالاحتيال ، ولا تضروا الورثة بها ، أو أن الله جل وعلا قد أوجب وصية الأقرب إلا ما نسخ منها بالإرث أو الحديث " أنه لا وصية لوارث " فلا تخلفوا هذه الوصية بتركها ولا تضروا أصحابها بتركها أو أن الله جل وعلا قد أوصى بالأولاد فلا تخالفوا وصيته بالترك ، ولا تضاروهم به ، أو لا تخالفوها ، وتضاروا غيرهم ، بالإسراف فى الوصية والإقرار ، الموهمين الصحة بالاحتيال ، أو المراد هذه الوصايا كلها . { وَاللَّهُ عَلِيمٌ } بمصالح العباد ، ومضارهم فيما يفرض عليهم من الأحكام ، وبمن يجوز ومن لا يجوز ، فذلك تهديد للذى يضار ، وإرشاد إلى الإذعان لأحكامه تعالى . { حَلِيمٌ } لا يعاجل بالعقوبة ، وخصت السنة من الورثة المذكورين القاتل والعبد والأمة والمخالف بالملة ، فإنهم لا يرثون .