Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 162-162)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ } مبتدأ خبره جملة يؤمنون بعده . { فِى العِلْمِ مِنْهُمْ } كعبد الله بن سلام وأصحابه ، دلت الآية أن الرسوخ فى العلم انما هو العمل به ، والثبوت عليه ، لا كثرة حفظه ، وجمع مسائله ، لأن فى اليهود من هو مثل عبد الله بن سلام أو أعلم منه ، لكنه كفر فعدم عمله بما علم زلق عن العلم ، وعدم ثبوت ورسوخ فيه . { وَالمُؤمِنُونَ } من أهل الكتاب ، وهم الذين لا يعدون فى العلماء لكن معهم من العلم ما يؤدون به الفرض ، ويتركون المحرم ، وقيل هم الراسخون أى متصفون بالرسوخ والايمان ، وقيل المراد المؤمنون من المهاجرين والأنصار وغيرهم ممن آمن من العجم ، كسلمان وبلال ، وعلى كل حال المراد المؤمنون بالله ورسوله تحقيقا ، فانهم يؤمنون بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن يوصلهم تحقق ايمانهم الى الايمان بهما ، كما يوصل الراسخين اليه رسوخهم ، وتحقيق العلم كما قال الله جل وعلا { يُؤمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ } من القرآن وسائر الوحى . { وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ } من كتب الله وسائر وحيه ، والايمان بكتاب نبى ما ايمان بذلك النبى ، والايمان بنبى ما ايمان بما أنزل اليه . { وَالمُقِيمِينَ الصَّلاةَ } أى واذكر يا محمد فى هذا المقام المؤمنين المقيمين الصلاة ، أو لا تنسى المقيمين أو أعنى المقيمين أيضا ، أو أمدح المقيمين ، أو أذكر المقيمين ، وحكمة المجىء به مخالفا لما قبله الاشعار بفضلهم ، ومثل هذا عندى يجوز فى الوسط والآخر لا فى الآخر فقط ، كما قيل ، لأن هذا عطف ، وليس من قطع النعت فضلا عن أن يقال لا اتباع بعد قطع ، فهذا النصب جائز ، سواء جعلنا يؤمنون خبر الراسخون ، وأولئك سنؤتيهم خبر المؤتون ، أو يؤمنون حالا من ضمير المؤمنون على بقاء الوصفية ، مقيدة بما أنزل اليك لا مؤكدة ، وجعلنا أولئك سنؤتيهم خبر الراسخون ، وما عطف عليه . ومن قال لا يجوز ذلك ولو فى العطف الا فى الآخر قال يؤمنون خبر الراسخون ، أو جعل المقيمين معطوفا على ما أنزل اليك ، فيكون المقيمين هم الأنبياء ، أى يؤمنون بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك ، وبالأنبياء المقيمين ، فيكون تصريحا بالايمان بهم بعد أن لوح الى الايمان بهم بدل الايمان بما أنزل عليهم تأكيدا ، أو يكونوا المقيمين الملائكة ، لأنهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون ، وقيل المقيمين المؤمنون من هذه الأمة ، معطوف على الكاف ، وفيه أنه لو كان كذلك لترجح إعادة الخافض ولقيل ، وقيل المقيمين . وفى مصحف عبد الله بن مسعود والمقيمون بالواو ، وهى قراءة مالك بن دينار رضى الله عنه ، والجحدرى ، وعيسى الثقفى ، وهو معطوف على الراسخون ، أوعلى ضمير يؤمنون ، وخبر المرفوعات كلها أولئك سنؤتيهم ، ويؤمنون حال على ما مر ، أو يؤمنون خبر ، والمقيمون مبتدأ خبره أولئك الى آخره ، يجوز عطف المرفوعات بعد يؤمنون على واوه ، أو على الراسخون ، والخبر يؤمنون ، فتكون واو يؤمنون عائدة على ما بعدها وقبلها اذا عطفهن على الراسخون ، ويكون أولئك مستأنفا اذا لم نجعله خبرا ، فأنت خبير بأوجه نصب المقيمين وأوجه رفعه عطفناهن . وليس كما قيل أنه روى عن عائشة ، وابان بن عثمان أن النصب غلط من الكتاب ، ولا كما قيل عن عثمان بن عفان أن فى المصحف من الكاتب لحنا ستقيمه العرب بألسنتها ، وأنه قيد له ، أفلا تغيره ؟ فقال دعوه لأنه لا يحل حراما ولا يحرم حلالا ، فان سبب كتابة المصاحف فى زمان عثمان وأبى بكر أن لا يختلف الناس ، فكيف يثبت فيها ما غلط فيه الكاتب اعتمادا على اصلاح العرب باللسان ، فان اللسان غير المصحف ، وكيف تترك الصحابة ثلمة فى المصحف ليسدها من بعدهم . والرواية عن عثمان فى ذلك منقطعة ، كيف لا يذب الصحابة عنها وهم يذبون عن أدنى شىء فى الدين ، وأما أن يقال ذلك لحن من كلام الله ، أو رسول الله صلى الله عليه وسلم لا من الكاتب فاشراك ، والقرآن متواتر . قال السيوطى عن هشام بن عروة عن أبيه سألت عائشة عن لحن القرآن قوله تعالى { ان هذان لساحران } وقوله تعالى { وَالمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } وقوله تعالى { ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون } فقاله يا ابن أخى هذا عمد الكتاب اخطاؤه فى الكتاب ، هذا اسناد صحيح على شرط الشيخين ، وعن عكرمة كما كتبت المصاحف عرضت على عثمان فوجد فيها حروفا من اللحن فقال لا تغيروها فان العرب ستغيرها ، أو قال ستعربها بألسنتها ، لو كان الكاتب من ثقيف ، والمملى من هذيل لم توجد فيه هذه الأحرف . وكان سعيد بن جبير يقرأ والمقيمين الصلاة ، ويقول هو لحن من الكتاب ، وذلك مشكل ، كيف يلحن الصحابة ، ولا سيما القرآن الذى ضبطوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وكيف يجتمعون عليه ؟ وكيف لا يرجعون عنه ؟ وكيف ينهى عثمان عن تغييره ؟ وكيف تستمر القراءة عليه ؟ وأجيب بأن ذلك لم يصح عن عثمان ، ففى سنده ضعف واضطراب وانقطاع وعثمان قدوة كيف يترك لحنا لا يغيره ، وقد كتبوا مصاحف لا مصحفا ، فكيف يعمها اللحن وان كان فى بعضها ذلك دون بعض فلا أحد يقول فى بعضها لحن ، وان صح أنه قال ذلك لحن ، فلعله أراد الانحراف عن الظاهر ، وان كان ذلك مطلقا لا بخصوص هؤلاء الآيات ، فلعله أراد مواضع الحذف كالكتاب والصابرين ، اذ حذف ألفهما والزيادة كلأذبحنه ، ولا يمكن أن يترك اللحن فى الخط اعتمادا على اصلاحه فى اللسان ، لأن النطق يؤخذ عن الكتاب ، والكتاب ينبىء عن النطق ، وقد أصلح عثمان ما ليس بلحن ، فكيف يقر اللحن ؟ وجد يتسن فأصلحه فى الخط بالحاق الهاء ، ووجد فأمهل الكافرين فأصلحه فمهل بمحو الألف . وروى أنه لما فرغوا من المصحف ، أتى به الى عثمان فنظر فيه فقال أحسنتم وأجملتم أرى شيئا سنقيمه بألسنتنا ولا اشكال فى هذا ، فان مثل هذا مثل الحذف الذى لم يقيد فى الخط والزيادة كذلك ، فكانوا ينطقون بما حذف خطا ، ويسقطون النطق ما زيد فى الخط ، أو مثل التابوه بالهاء أصلحه بلغة قريش بالتابوت بالتاء ، وأجيب عن قول عائشة أخطأوا بأنهم أخطأوا فى اختيار الأولى من الأحرف السبعة ، وفيه أنه لا يصلح ذلك ، وعن قول سعيد لحن من الكاتب أنه لغة كاتبه ، وفيه أنه لا لغة بالياء فى النصب مع فتح نون الجمع وفيه لا يصلح ذلك . { وَالمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } أصله المؤتيون ، نقلت ضمة الياء للتاء لثقلها عليها فحذفت للساكن بعدها . { وَالمُؤمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ } يوم البعث والجزاء قدم عليه الايمان بالأنبياء والكتب ، وما يصدق الايمان والعمل بالشريعة ، لأن المقصود بالآيات الزجر عن الشرك والنفاق . { أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً } اذ آمنوا وعملوا الصالحات ، ولو لم يعملوا أو لم يؤمنوا لم يكن لهم أجر عظيم ولا خير عظيم ، وقرأ حمزة سيؤتيهم بالياء المثناة التحتية والأجر العظيم نصيبهم فى الجنة .