Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 19-19)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُواْ النِّسَآءَ كَرْهاً } أن ترثوا نكاح نساء أقاربكم ، فتتزوجوا بهن أو تزوجوهن بحسب ما أردتم ولو كارهات ، كما ورثتم مال أزواجهن ، وقيل المعنى لا يحل لكم تزوجهن كارهات ، كان الرجل إذا مات قريبه الذى هو عصبته تزوج امرأته ، ولو كرهت . وقيل أن ترثوا مالهن بأن يمسكوهن ، لا يتزوجون بهن ، ولا يزوجوهن حتى يفتدين بما ورثنن و { كَرْهاًً } مفعول مطلق ، أى إرث كره أو حال من النساء ، أى كارهات ، أو ذوات كره ، ويضعف أن يكون اسم مصدر كره ، فهو بمعنى إكراه ، فحينئذ يكون بمعنى اسم مفعولا ، كره حالا من النساء ، أى مكرهات ، أو بمعنى اسم فاعل أكره حالا من واو { تَرِثُواْ } أى مكرهين . وقرأ حمزة والكسائى كرها بضم الكاف فى جميع القرآن ، والمعنى واحد ، وهو نفار القلب عن الشىء ، وقيل بالضم المشقة ، وبالفتح ما يكره عليه ، وليس كذلك . { وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ } لا تعضلوهن عن الزواج ، ولا صلة لتأكيد النفى السابق ، وليست ناهية ، والفعل منصوب بحذف النون ، لا مجزوم ، والعطف على { تَرِثُواْ } أى لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً وتعضلوهن . زعم بعض أن الخطاب لأقارب الزوج الذى يرمى أحدهم ثوبه على امرأته ، فيرث ماله وأمر زوجته فيعطلها حتى يرث مالها ، أو تفتدى كما مر ، كما قال { لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ آتَيْتُمُوهُنَّ } أى ببعض ما آتاهن ، أمثالكم من جنبكم ، وهم الأزواج الأقربون إليكم قبلكم ، الذين ماتوا ، وذلك أنه يعضلها حتى تفتدى ببعض ما أعطاها الزوج الأول ، وإن أعطته كل ما أعطاها الأول أخذه ، ويرد ذلك الزعم قوله تعالى { إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } لأنها إذا أتت بفاحشة مبينة ، ليس يسوغ له أن يعضلها ليذهب ببعض ما أصدقها الأول ، ولا أن يرثها كرها ، وكذا يرده ما بعد إلى غليظاً ، إلا أن يدعى أن قوله { وَعَاشِرُوهُنَّ … } إلخ راجع معنى إلى قوله { وآتوا النساء صدقاتهن } أو إلى الأزواج هكذا عموماً أزواجهن التى لم يطلقوهن ولم يموتوا عنهن ، فالحق فى تعضلوا جواز أن يكون منصوب بأن على حد ما مر ، وأن يكون مجزوماً على أن { لا } ناهية ، والحق أن الخطاب إما للأزواج الأحياء الذين يعطلون أزواجهن حتى يمتن فيرثوهن ، أو يفتدين منهم ببعض ما أصدقوا لهن ، ولا سيما بكله ، فإنه أشد نهياً يكونون معهن بإساءة العشرة ، وترك جماعهن كراهة عنهم لصحبتهن ، وضيقاً بمهرهن فلا هن واصلات حقوقهن ، ولا هن مطلقات يتزوجن غيرهم ، كما قاله ابن عباس ، وأما لأزواجهن المطلقين لهن يطلقوهن لم يراجعونهن ثم يطلقونهن مضارة لهن ، كما هو قول بعض ، والقولان مناسبان لقوله { إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } ، وقوله { وعَاشِروهُنَّ بالمعروف } إلى قوله { ميثاقاً غليظاً } . وقول ابن عباس أنسب فهو المعتمد فى تفسير الآية لأن القول بعده يكون المعنى عليه أمسكوهن على معروف وإن طلقتم وراجعتم فأمسكوهن بلا قصد إضرار ، وإن أردتم الزوج الأخرى وطلاق هذه فليعط الزوج صداقها بلا نقص ، والقولان مناسبان لقوله { ما آتيتموهن } وأما على القول بأن الخطاب لأولياء الزوج المتوفى فل يناسب إلا بتكلف التاويل ، بأن المعنى ما أتى جنسكم وهم الأزواج لقرابة الموتى - كما مر - والفاحشة المبينة النشوز وسوء المعاشرة ، والزنى وعدم التعفف ونحو ذلك كمضرة أقاربه ، وكإيذاء باللسان . وقال الحسن الفاحشة الزنى . وعن ابن عباس البغض والنشوز فإن كان بعض ذلك فله أن يمسكها ، ولا حق لها لتضيعها حقه حتى يرثها ، أو تفتدى منه . قال أبو قلابة إذا زنت امرأة الرجل جاز أن يشق عليها حتى تفتدى منه ، وكذلك يضعف القول بأن الخطاب لأولياء المرأة ، وأن { يأتين } تعليل والاستثناء مفرغ ، أى ولا تعضلوهن الا لأن يأتين أو ظرف ، أى إلا إتيانهن إلى إلا وقت إتيانهن ، أو الاستثناء منقطع منظور فيه إلى قوله قوله { لتذهبوا } أى لن إن أتين بفاحشة فلكم العضل ، والمرأة إذا زنت عمداً غير مكرهة أبطلت صداقها ولا يرجع إليها ، ولو تابت على الصحيح ولا بينة لزوجها فقد يكون بطلب الفداء ، وقرأ ابن كثير وأبو بكر بفتح الياء المثناة تحت هنا فى الأحزاب والطلاق ، ومعنى مبينة بالكسر عظيمة الظهور ، أو بالفتح لم تخف بل أظهرت أوأقيمت بالبينة عليها ، قال الشيخ هود رحمه الله ، قال الحسن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة أى الزنى إلا أن تقوم عليها البينة ، وهن منسوخة ، انتهى . يعنى أنه كانت المرأة إذا زنت أخذ منها زوجها ما ساق إليها وأخرجها ، فنسخ الله ذلك بالحدود . { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } الإنصاف فى المبيت معها ، والنفقة والقول الجميل ، والفعل الجميل ، وقيل أن تصنع لها كما تحب أن تصنع لك . { فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً } هذا إغراء بإمساك المرأة ما لم تتبين منها فاحشة ونحوها من سوء الخلق الذى لا يحمل مثله ما ورد فى الحديث ، " أبغض الحلال عند الله الطلاق " والمعنى لا تطلقون لكراهتكم لهن ، فلعل صلاحكم الدينى والأخروى أو الدنيوى ، أو كل ذلك فيهن ، ومضرتكم فى فراقهن كما يشاهد الإنسان أنه كثيراً ما يحب ما هو شر له ، ويكره ما هو خير له ، وليكن نظركم إلى صلاح الذين وأدنى إلى الخير ، فأمسكوهن بمعروف ، ولو كرهتموهن فيكون لكم الثناء فى الدنيا والثواب رلجزيل فى العقبى بإخلاص ذلك لله تعالى ، وعن ابن عباس والسدى الخير الكثير المستعمل فى مطلق الشىء مثله فى خصوص المرأة وهو الولد الصالح ، وقيل الآية تسلية للنساء المطلقات ، أى فإن كرهتمون وتطلقتموهن فليرضين لقضاء الله ، ولا يشتد عليهن ذلك ، لأنه ربما كان ذلك الطلاق خيراً لهن ولو كرهته ، مثل أن تستريح فمن كرهها وتتزوج خيراً منه .