Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 78-78)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكَكُّم المَوْتُ } وقرىء يدرككم بالرفع على تقدير فقد يدرككم الموت ، أو فأنتم يدرككم ، أو تنزيل أينما تكونوا منزلة أينما كنتم ، كذا قيل بهذا الأخير جريا على جواز رفع المضارع فى الجواب إهمالا لأداة الشرط عنه ، اذا لم تعمل فى لفظ الشرط كقوله وان أتاه خليل الخ ، وهذا قد شهرته فى النحو ، ثم تبين لى ضعفه ، كيف نبنى القرآن على شعر مع احتمال التأويل أيضا مثل فهو يقول . ويجوز أن يكون جواب أينما محذوفا دل عليه ولا تظلمون فتيلا ، أو أغنى عنه فيكون الوقف على تكونوا ويدرككم مستأنف ، ولم يرد الزمخشرى بقوله أينما متصلا بقوله لا تظلمون أنه متعلق به ، فضلا عن أن يلزم خروجه عن الصدر ، بل أراد اتصال المعنى ، بمعنى أنه يغنى عن جواب أينما ، أو يقدر مثله له ، أو أنه يتعلق بلا تظلمون فقدر جوابا لها ، دل عليه المذكور . نعم الراجح أن أينما يناسب مواضع الدنيا المعتبرة بالموت ، فهو لما بعده لا لما قبله ، لضعف قولك ولا تظلمون فتيلا من ثواب عملكم ، أينما تكونوا من مواضع الآخرة ، والخطاب لمن له الضمير فى قوله وقالوا ربنا من المنافقين أو المؤمنين ، أو مستأنف فى المنافقين القائلين فى شأن أحد ، لو كانوا عندنا ما ماتوا ولا قتلوا ، واذا كان الموت لا بد منه فلأن يموت الانسان شهيدا خير من أن تموت غير شهيد . { وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍ } أى فى حصون ظاهرة لعلوها . من برج بمعنى ظهر ، هذا قول الجمهور ، وعن قتادة البروج القصور المحصنة ، وقيل البرج فى الأصل البيت على طرف القصر . { مُّشَيَّدَةٍ } أى مرفوعة أو مطلية بالشيد وهو الجير ، قال مجاهد كان ممن قبلكم امرأة ، وكان لها أجير ، فولدت جارية ، فقالت لأجيرها يقتبس لنا نارا ، فخرج فوجد بالباب رجلا ، فقال له الرجل ما ولدت هذه المرأة ؟ قال جارية . قال أما أن هذه الجارية لا تموت حتى تزنى بمائة ، ويتزوجها أجيرها ، ويكون موتها بالعنكبوت ، فقال الأجير فى نفسه فأنا لا أريد هذه بعد أن تفجر بمائة ، لأقتلنها ، فأخذ شفرة فدخل فشق بطن الصبية ، وخرج على عقبه وركب البحر . وخيط بطن الصبية ، فبرئت وشبت ، فكانت تزنى ، فأتت ساحلا من سواحل البحر ، فأقامت عليه تزنى ، ولبثت ما شاء الله ، ثم قدم ذلك الرجل الساحل وله مال كثير ، فقال لامرأة من أهل الساحل اطلبى لى امرأة من القرية أتزوجها ، فقالت ها هنا امرأة من أجمل النساء ، ولكنها تفجر ، فقال ائتنى بها فأتيتها فقالت إنى قد تركت الفجور ولكن إن أراد تزوجته فتزوجها الرجل ، فوقعت منه موقعا حسنا ، فبينما هو يوما عندها اذا اخبرها بأمره ، فقالت أنا تلك الجارية ، فأرته الشق الذى فى بطنها وقالت قد كنت أفجر فما أدرى أبمائة أو أكثر . قال فان الرجل قال لى يكون موتها بالعنكبوت فبنى لها برجا فى الصحراء وشيده ، فبينما هى يوما فى ذلك البرج ، إذ عنكبوت فى السقف ، فقالت هذا يقتلنى لا يقتله أحد غيرى ، فحركته فسقط ، فاتت فوضعت ابهام رجلها عليه فشدخته ، وساخ سمه بين ظفرها ولحم الأصبع ، فاسودت رجلها فماتت ، وفى ذلك نزلت هذه الآية { أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ المَوْتُ وَلَوْ كُنتُم فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ } . وعن ابن مسعود رضى الله عنه " نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير ، فقام وقد أثر فى جنبه ، فقلنا يا رسول الله لو اتخذنا لك ، فقال " ما لى وللدنيا ما أنا فى الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها " . { وَإِن تُصِبْهُمْ } أى المنافقين . { حَسَنَةٌ } ما يحسن فى الطبع من خير الدنيا ، كخصب وصلاح الغلة وكثرتها ، والرخص ، وربح ونصر وغنيمة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . { يَقُولُوا هَذِهِ مِن عِندِ اللهِ } ولا يقولون هى من عند الله بسببك يا محمد وبركتك . { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } ما يكره طبعا كفساد الغلة ، وغلاء السعر ، كجدب وخسارة ، وعدم النصر والغنيمة ومرض وبلاء . { يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِندِكَ } يا محمد جئت بها أنت لشؤمك ، وهذا كما قاله الله عن اليهود { وان تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه } قال عن قوم صالح { قالوا اطيرنا بك وبمن معك } وقيل الآية فى اليهود ، تشاءمت برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا منذ دخل المدينة نقصت ثمارها ، وغلت أسعارها ، فرد الله عليهم . ويعترض بأن اليهود لا يدخلون فى قوله { وقالوا ربنا لما كتبت علينا القتال } إلا أن قالوه فى زمان موسى عليه السلام ، ولا فيما قبل تلك الآية . قال الثعالبى ليست الآية فى المؤمنين ، لأنهم لا يليق بهم هذه المقالة ولا فى اليهود ، لأنهم لم يكونوا للنبى صلى الله عليه وسلم تحت أمر فيصيبهم بسببه السوء انتهى ، ولا يخفى أنه يمكن لهم لعنهم الله أن يتشاءموا به ، ولو لم يكونوا له صلى الله عليه وسلم تحت أمر ، ولو لم يكذبوا فى اصابة السيئة ، كلما أصابتهم السيئة ، لأن الله جل وعلا قال { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } كما قال { وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ } ووافق أنه بعد قدومه صلى الله عليه وسلم أصابهم بسبب ذنوبهم بعض القحط ، وغلاء السعر ، وقد قيل الآية فى المنافقين ، وأن الحسنة الظفر ، والغنيمة يوم بدر ، والسيئة القتل والهزيمة يوم أحد ، ولهذه الروايات مع أن الحسنة التى هى العمل الصالح لا يقال فيها أصابتنى ، بل أصابتها مثلهم ، وكذا السيئة ، ثم تحمل الحسنة والسيئة على العمل الصالح والذنب ، ورد الله عز وجل عليهم بقوله { قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ القَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا مَّآ أصَابَكَ } يا انسان .