Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 79-79)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَآ أصَابَكَ مِن سَيِئَةٍ فَمِن نَفْسِكَ } وهذا آخر الرد عليهم ، والمحكى بقل ، أى قل فيهم يا محمد كل من الحسنة والسيئة بإرادته ، يبسط ويقبض ، وقل بعد ذلك فمال هؤلاء القوم القائلين الحسنة من الله ، والسيئة من عندك ، حال كونهم لا يكادون يفقهون قولا عظيما بليغا فى الوعظ ، سهل الفهم وهو القرآن ، أو كلاما من القرآن ، أعنى أن التنكير للتعظيم أو للتعميم ، ولست أعنى القرآن كله فى الوجه الأول ، أو أراد قولا ما من أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الوعظ ، أو كلاما من كلام القرآن أو النبى صلى الله عليه وسلم وغيره ، فى الوعظ ، أو غير الوعظ . شبههم بالبهائم لا أفهام لهم ولو تدبروا كلام الله أو رسوله ، لعلموا أن الكل من عند الله ، أو حديثا بمعنى ما يحدث من صروف الدهر ، فلو تفكروا فيه لعلموا أن القابض الباسط هو الله جل وعلا ، والمراد بقوله { كل من عند الله } أنه كما أن الحسنة من الله ، كذلك السيئة منه ، ليس محمد هو الذى جاء بها فهذا دل أن قولهم هذه من عندك بمعنى أنه جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم ، ويجوز أن تكون الحكاية انتهت فى قوله { من عند الله } وقوله { فما لهٰؤلاء } مستأنف زيادة فى الرد عليهم الى { فَمِن نَفْسِكَ } . وعلى هذا فالخطاب فى قوله { مَآ أَصَابَكَ } 00الخ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويلتحق به غيره التحاقا أو للانسان على العموم البدلى أو لنوع الانسان ، ومعنى { فَمِنَ الله } أنها من الله خلقا لها وتفضلا بها منه على العباد ، فان الانسان ولو عبد الله آلاف أضعاف عبادة الملائكة كلهم ، والخلق كلهم ، من حين خلقوا الى فناء الدنيا ، أو آلاف أضعاف ذلك الزمان ، لم تكن طاعتهم تفى بنعمة ما ، فكل نعمة منه فضل . وما أصابك من سيئة فلتقصيرك أيها الانسان تقصيرا ما ، أو لذنبك ذنبا ما ، فكيف أصحاب الذنوب الكبار كاليهود والمنافقين ، وكل من الله ، لكن الحسنة الاحسان والامتنان ، وتكون استدراجا أيضا ، والسيئة جزاء وانتقام ، أو غفران أو اعلاء درجة . قالت عائشة رضى الله عنها " ما من مسلم يصيبه وصب ولا نصب حتى الشوكة يشاكها حتى انقطاع شسع نعله الا بذنب وما يعفوا الله أكثر " وفى مصحف ابن مسعود فمن نفسك وأنا قضيتها عليك ، وقرأ ابن عباس بهذا ، وفى رواية عن ابن عباس وأنا قدرتها عليك ، وذكر الداودى أن الخطاب فى قوله { مَآ أَصَابَكَ مِن حَسَنَةٍ } … الخ للنبى صلى الله عليه وسلم والمراد غيره ، وليس المراد بالحسنة والسيئة الطاعة والمعصية ، فضلا عن أن يستدل بها من زعم من القدرية أن المعصية خلقها فاعلها ، وأن علم الله لم يجر عليها حتى وقعت ، ومن زعم ذلك ولكن زعم أنه علم فى الأزل أن فاعلها سيخلقها كل ذلك كفر . { وَأَرْسَلْنَاكَ } يا محمد . { لِلنَّاسِ رًسُولاً } حال مؤكدة لعاملها ، وهو أرسل ، والمراد بالناس العرب والعجم كلهم ، لقوله تعالى { ليكون للعالمين نذيرا } واللام بمعنى الى ، وعلى أصلها لأنه منفعة للناس متعلقة بأرسلناك أو برسولا ، وعليه فقدم للفاصلة وطريقة العرب فى الاهتمام لا كما قيل انه قدم للحصر لأنه لم يرد أن يقول رسولا الى الناس لا الى غيرهم ، ولا أن يقول الى الناس فقط لا اليهم مع غيرهم ، لأن المقام ليس لذلك بلا رد على من قال أرسل للعرب فقط ، ولأنه قد أرسل الى الجن ، بل قيل والى غيرهم أيضا ، وليس كما قيل انه اذا علقنا للناس برسولا لم يكن رسولا حالا مؤكدة ، بل حالا للتعميم ، فانه حال مؤكد لعامله ، علق اللام بأرسلناك أو به ، فان كونه فى وجه التعليق به بمعنى رسولا للناس جميعا غير معروف من جهة علم العربية واللغة . وأجيز أن يكون رسولا مصدرا فهو مفعول مطلق ، قيل أصله مصدر ، وذلك أفرد فى قوله تعالى { إنا رسول ربك } اعتبارا لأصله ، وفى الآية بحث فى محله ، قال الشاعر @ لقد كذب الواشون ما فهمت عندهم بشر ولا أرسلتهم برسول @@ أى ولا أرسلتهم رسالة . { وَكَفَى بِاللهِ شَهِيداً } على أنك بلغت الرسالة ، وعلى أن الحسنة والسيئة من الله ، أو على رسالتك الى الناس كلهم ، فليس لأحد أن ينكر رسالتك ، أن يخرج عن طاعتك لظهور المعجزات ، وقال صلى الله عليه وسلم " من أحبنى فقد أحب الله ومن أطاعنى فقد أطاع لله " فقال المنافقون لقد قارف الشرك وهو ينهى عنه ، ما يريد الا أن يُتخذ ربا كما اتخذت النصارى عيسى ربا فنزل قوله تعالى { مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ }