Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 115-115)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وتمَّت كَلمةُ ربِّك } أى معلوماته ، أى كملت لا زيادة عليها ، لأنه لا يجهل ولا تبدو له البدوات ولا نقص منها لتحقق علمه ، فهو كقوله صلى الله عليه وسلم " قد جفّ القلم بما كان وما يكون " فهو صادق فيما أخبرنا به منها ، وعادل فيما حكم به منها كما قال . { صِدْقاً وعَدْلاً } أى صادقات ، أو ذوات صدق ، أى أخبر بها وعادلات ، أو ذوات عدل إذا حكم بها ، فهما حالان من الكلمات ، ودخل فى ذلك ما فى القرآن من الخير والحكم ، أو الكلمات ما أنزل الله من كلمات فى كتبه ، ومنها القرآن ، وفى غير الكتب كوحى ما ليس من الكتاب ، أو الكلمات كلمات القرآن ، ففى هذين الوجهين يكون التمام بمعنى بلوغ الغاية فى الصدق ، من حيث ما هو خبر ، ودخل فيه الوعد والوعيد ، وبلوغ الغاية فى العدل من حيث ما هو حكم . ويجوز أن يراد بالكلمات لفظ القرآن لا باعتبار أخباره وأحكامه ، بمعنى أنه بلغ الغاية فى الإعجاز ، دالا على صدق محمد صلى الله عليه وسلم ، وعادلا فى حكمه ، بحيث لا يبقى احتياج إلى معجز آخر ، وآية أخرى ، فضلا عن أن يطلب آيات سواه ، والنصب أيضا على الحال ، ويجوز أن يكون على التمييز أو التعليل ، أى لصدق وعدل ، وقرأ الكوفيون ويعقوب كلمة ربك بالإفراد ، وفيه ما فى قراءة الجمع من الكلمات ، لأن المفرد يجوز أن يراد به الجمع إذا أضيف ، لأن الإضافة تكون للاستغراق أو للعهد وللحقيقة ، فالاستغراق ظاهر ، وكذا الحقيقة ، والمعهود القرآن أو الكتب كلها ، ووجه إخراجه سمى الكلمات كلمة لانضباطها فى التصديق والصدق ، وكونها حجة وإعجازاً ، وهذا فى القرآن . { لا مُبدِّل لِكلماتِه } أى لا أحد يبدل معلوماته التى قضاها بزيادة أو نقص ، أو جعل شئ فى مكانها لا أصدق منها ، ولا أعدل ولا مساوى ، بل لا صدق ولا عدل البتة فى مخالفة أمر الله ، ودخل فى ذلك أن الشقى لا يسعد ، والسعيد لا يشقى ، وذلك أن التبديل بمعنى التغيير ، والزيادة على الشئ والنقص منه تغيير لحاله ، وتبديل بحال أخرى ، فإن كون الشئ ثلاثة غير كونه اثنين ، فلا راد لقضائه ، ولا خلف لوعده ووعيده ، أو لا مبدل لما أنزل الله تبديلا مستمراً ، فربما بدل شئ ثم يظهر الحق . ويجوز أن يراد بالكلمات كتب الله ، فإنها ولو بدلت لكن لا يستمر بأن يظهر الحق بعد ، كما حرَّف اليهود وظهر تحريفهم ، وأن يراد القرآن الكريم وحده ، وعلى هذا الوجه يكون قوله { لا مبدل لكلماته } ضماناً من الله تعالى بالحفظ ، كقوله تعالى { وإنا له لحافظون } ويجوز أن يراد لا وحى ولا كتاب بعد محمد صلى الله عليه وسلم ، تبدل القرآن بالنسخ . { وهُوَ السَّميعُ } أى الذى يسمع ما يقولون { العَليمُ } أى العليم بما فى صدورهم وأحوالهم فيجازيهم على ذلك .