Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 2-2)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ هُو الَّذِى خَلقكُم مِن طِينٍ } بخلق أبيكم آدم منه ، وعن ما ظهر لى بلفظه ومعناه ، والله الذى لا إله إلا هو ، ثم رأيت السيوطى ذكره ولم يتقدم لى فيه مطالعة ، ولأن المأكول نبت من الطين ، وما لم ينبت منه كاللحم غير الحوت فغذاؤه يكون مما نبت ، واللبن أيضا مما غذاؤه مما ينبت من الطين ، والنطفة تتولد من الغذاء ، أو يقدر مضاف أى خلق أباكم من طين . { ثُمَّ قَضَى } كتب { أجلاً } أجل الموت ، بأن أمر ملك الأرحام عند وقوع النطفة التى يتولد بها الإنسان أن يكتب أجله كما كتبهُ الله قبل ذلك ، وسبق علمه الأزلى به لا إله إلا الله . { وأجلٌ مُسمًّى } محدود معين عنده تعالى { عنده } وهو المدة بين موته وبعثه ، كذا ظهر لى ، ثم رأيته كذلك للحسن وقتادة والضحاك وابن عباس ، وروى عنه أنه قال لكل أحد أجلان أجل إلى الموت ، وأجل من الموت إلى البعث ، فإن كان الرجل يرى تقياً وصولا بالرحم زيد لهُ من أجل البعث فى أجل العمر ، وإن كان فاجراً قاطعاً للرحم نقص من أجل العمر وزيد فى أحد البعث ، بمعنى قضى لهُ فى الأزل بأن يطول عمره أو يقصر كذا ، وقيل الأجل الأول نفس الوقت الذى يموت فيه ، والثانى نفس وقت قيام الساعة ، فإن الأجل يطلق على الجملة ، ويطلق على الجزء الأخير ، ويطلق على الجزء الأول . وقيل الأول بمن مضى ، والثانى لمن حضر فى الوجود ، ولمن يأتى ، وخص الثانى بكونه مسمى عنده ، لأن من مضى قد علم أجله بخلاف غيره فإنه لا يدرى إلا الله قدر حياته حتى يموت ، ولا مدخل لغيره فيه بعلم ، وقال ابن عباس وابن عطاء الأول للنوم ، والثانى للموت ، وخص بمسمى لذلك ، وبقى لى الكلام على ثم ، والخطاب فى خلقكم فأقول والله أعلم الخطاب لمن فى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت الآية ، فثم للترتيب فى الإسناد على أصلها ، ويقاس من مضى ومن يأتى بهم وهو ظاهر على ما فسرت به الأجلين . وأما على باقى الأقوال فلعلها للترتيب الذكرى ، وأجل مبتدأ ، ومسمى نعته ، وعند خبر ، وقدم المبتدأ لأنه المقصود بيانه لتعظيمه ، وكذلك نكر ووصف بأنه مسمى لا يقبل النقص والزيادة ، ولما لم يكن الأجل كذلك لم يستأنف به ، بل جعل مفعولا لقضى ، وقيل الأجلان واحد ، ولو كانا نكرتين معاً ، وذلك تعظيم ، والأصل أن يكون كل منهما غير الآخر فتنكيرهما ، وكذا لو نكر الثانى وعرف الأول . { ثمَّ أنتم تَمتَرُون } تشكون فى البعث ، وثم لاستبعاد الشك فى البعث بعد أن صح أن الله جل جلاله خالقهم وخالق أصولهم ومحييهم إلى آجالهم ، فالبعث والخلق الأول سواء شرعاً وعقلا صحيحا ، ولبادئ الرأى يكون البعث أسهل من الخلق الأول ، فخلْقه السموات والأرض ، وجعله الظلمات والنور ، دليل للتوحيد ، ولذلك رتب عليه التوبيخ لهم ، إذ لم يوحدوا بقوله { ثم الذين كفروا بربهم يعدلون } وخَلْقه الناس من طين دليل بعثهم .