Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 127-127)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قالَ الملأ مِنْ قَوم فِرعَونَ } لفرعون { أتذَرُ مُوسَى وقَومَه } بنى إسرائيل { ليفْسِدُوا فى الأرْض } اللام للصيرورة ، أى أتذرهم فيصير أمرهم إلى الإفساد فيها ، أو للتعليل إعظاماً لتركه وترك قومه ، كأنه قيل ليس فيهم إلا الإفساد ، فإذا تركتهم فكأنك ما تركتهم إلا للإفساد ، أو اللام زائدة ، ومصدر الفعل بعدها بدل اشتمال ، أو مفعول لحال محذوف أى مريدا إفسادهم ، وهذا مرادف للتعليل ، ويضعف جعل اللام بمعنى على أو إلى أو مع ، لأن أن لا تضمر مع هذه الحروف ، فكذا ما ناب عنها . { ويذَرَك } عطف على يفسد بأحد هذه المعانى ، أو نصب على معنى مع كقوله @ ألم أك جاركم ويكون بينى وبينكم المودة والإخاء @@ فانتصابه بأن مضمرة له على حدة ، فهذه هى الواو التى يقال لها واو المعية التى مع الفعل وواو الجمع الحرفية ، وواو الصرف ، وقرأ ابن عامر ، ونعيم بن ميسرة ، والحسن فى رواية عنه بالرفع عطفا على تذر ، أو للاستئناف أو للحالية بلا تقدير شىء على القول بجواز قرن الجملة الحالية المضارعية المثبتة بواو الحال ، ومن لم يجز ذلك قدر مبتدأ أو قدر على الحالية ، أى وهو يذرك ، وقرأ الأشهب العقيلى بإسكان الراء تخفيفا من ضمها أو من فتحها ، ولو كان الفتح خفيفا لكثرة توالى الحركات لا جزما بالعطف على المعنى المسمى فى غير القرآن عطف التوهم كما قيل ، لأن ذلك إنما يصح هنا لو كان يفسدوا مقرونا بالفاء ، فيكون منصوبا بعد فاء السببية فى جواب الاستفهام ، فيقدر إسقاطها ، فيكون العقل مجزوما فى جواب الاستفهام ، فيعطف عليه بالجزم ، وقرأ أنس ابن مالك ونذرك بالنون ورفع الفعل أو نصبه روايتان عنه ، توعدا منهم أو إخبارا بأن الأمر يئول إلى هذا ، بأن يصرفنا عنك فنذرك ، وقرأ أبى بن كعب ، وعبد الله بن مسعود وقد تركوك أن يعبدوك ، وقرأ الأعمش وقد تركك . { وآلهتَكَ } جمع إله وهى كواكب كان يعبدها ، وعن بعضهم أنه منكر لوجود الصانع ، وقائل إن مدبر العالم السفلى هو الكواكب فاتخذ أصناما على صور الكواكب يعبدها ويأمر بعبادتها تقربا إليه ، وقائل فى نفسه إنه المطاع المخدوم فى الأرض ، ولذا قال أنا ربكم الأعلى ، ويقول أنا ربكم ورب هذه الأصنام ، وقيل آلهته البقر ، وكان يعبد بقرة له ، ويأمرهم بعبادة كل بقرة حسنة ، ولذلك جعل السامرى ربه عجلا ، وتنسب كل بقرة عبدت بأنها آلهة من حيث إنها كانت إلها بأمره . وعن الحسن وغيره شرع لهم عبادة الأوثان من بقر وأحجار وغيرها ، وقيل كان يعبد حجرا يعلقه فى صدره كياقوتة ، وعن الحسن كان لفرعون حنانة معلقة فى نحره يعبدها ويسجد لها ، وقيل كان يعبد الشمس ولهم آلهة كالكواكب أو البقر وغيرها ، فصح الجمع ، وقد قرأ ابن عباس ، وعلى ، وابن مسعود ، وأنس ، والشعبى ، والضحاك ، وإلاهتك بكسر الهمزة وهى الشمس أو العبادة ، أى يترك عبادتك ويعبد سواك ، وهو المروى عن هذه الجماعة . قال ابن عباس كان يُعْبد ولا يَعْبد ، قال سعيد بن جبير ، ومحمد بن المكندر عاش ستمائة سنة وعشرين ، لم ير مكروها قط ، ولو حصل له جوع يوم أو حمى ليلة أو وجع ساعة لما ادعى الربوبية ، وملك من ذلك أربعمائة سنة ، وروى أنهم قالوا ذلك لأنه وافق السحرة على الإيمان ستمائة ألف إنسان ، وأن هذه الموافقة على الإيمان هى الإفساد ، وخافوا أن يغلبوا على الملك . { قالَ } فرعون { سَنُقتِّل أبْناءهُم } لئلا يتقوى بهم موسى ومن معه ، ولئلا يتوهم الناس أن موسى هو الذى أخبر المنجمون أنه يخرب ملكنا فيتبعوه ، وأما القتل الذى قبل ولادة موسى فليوافق من يخرب ملكه وتركه بعد ولادته ، وقرأ غير نافع وابن كثير سنقتل بالتشديد للمبالغة { ونَسْتَحى نِساءهُم } للخدمة ولما نريد ، أى يبقيهن أحياء ، ولم يقدر أن يصل موسى بشىء لقوته بالمعجزة { وإنَّا فوقَهُم قَاهِرونَ } كما كنا قبل ، فأبشروا بدوام دينكم ، وبقاء ملككم ، وشرع فى استعمال بنى إسرائيل بما لا طاقة لهم به مع وعده بقتل أبنائهم ، وجزعوا وضجروا وشكوا إلى موسى .