Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 144-144)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قالَ يا مُوسَى إنِّى } وفتح الياء ابن كثير وأبو عمرو { اصْطفيتُكَ } اخترتك ، وإنما يستعمل فى الخير ، لا يقال اصطفاه لشر ، وطاؤه عن تاء للصاد قبلها { عَلَى النَّاسِ } الذين ليسوا رسلا { بِرِسَالاتى وبكلامى } بلا واسطة ناطق به ، بل مخلوقا فى الهواء ، أو فى جرم ، وأما الرسل فمصطفى عليهم بالكلام المذكور فقط ، وأما آدم فإنه ، ولو كلم له ، ففى الجنة أو كلامه له بمواسطة ملك ، وأما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فإنه ولو كلمه لكن ليلة الإسراء ، فإما فى سماء وإما فى منام ، وقيل بواسطة ملك وليس ذلك تفضيلا لموسى على محمد صلى الله على سيدنا محمد وموسى وسلم ، وكم من مفضول خص بما ليس لفاضل ، وكثيرا ما تجد عند أحد من الرعية ما ليس للملك ، فمعنى اختيار موسى بذلك اختصاصه به ، بل كما تعطى عبدك العظيم شيئا عظيما فى بعض الأوقات ، لم تعطه لعبدك الأعظم ، بل يقال الكلام ليلة الإسراء فى سماء بلا واسطة أفضل . وعلى هذا ، فالمراد بالناس من فى زمانه كما فضل قومه على عالمى زمانه ، وهارون ولو كان نبيا رسولا لكن مأمور باتباع موسى ، وليس أصيلا فى حمل الرسالة ، ولا كليما ، وقد يقال الاصطفاء بمجموع الرسالة والكلام ، لكن هذا لا يكفى فإن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول مكلم ، إلا إن قيل كلم بواسطة أو فى يوم أو البحث فى الكلام فى الأرض ، والذى اختاره بعض أن المراد بالناس من فى زمانه . { فخُذْ ما آتيتُكَ } أخذ من يأخذ شيئا متبحبحا ومغتبطا ، والمراد الرسالة والكلام والمعجزات { وكُنْ مِنَ الشَّاكِرينَ } الله على الإنعام وقرأ غير نافع وابن كثير برسالاتى بالجمع ، لأنه أرسل بضروب وأرسل إليه فى أوقات ، ووجه الإفراد أن المصدر صالح للكثير ، وقرأ أبو رجاء برسالتى بالإفراد ، وبكلمى بالجمع ، وقرأ الأعمش برسالاتى وبكلمى بجمعهما . وحى عنه المهدوى وبتكليمى وهو المراد بكلامى ، وذلك مجرد تعديد للنعم ، وقيل تسلية له عما فاته من الرؤية وهو باطل ، فإنه منكر لها ، وإنما سألها ليزجر قومه بمنعها بأن يسمعوا المنع بالوحى . وقال كعب نظر موسى فى التوراة فقال يا رب إنى أجد أمة خير الأمم أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويؤمنون بالكتاب الأول والآخر ، ويسارعون فى الطاعة ، ويقاتلون أهل الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الدجال ؟ رب اجعلهم أمتى قال هى أمة محمد ، وفى رواية جعل مسألة القتال والإيمان بالكتاب الأول والآخر مسألة على حدة مجابا عنها بما ذكر من أنهم أمة محمد . وقال يا رب إنى أجد فى الألواح أمة هم الأولون ، أى دخولا الجنة ، والآخرون أى زمانا ؟ قال هم أمة محمد ، فقال يا رب إنى لأجد أمة هم الحامدون رعاة الشمس المحكمون إذا أرادوا أمرا قالوا نفعل إن شاء الله ، فاجعلهم أمتى ؟ قال هى أمة محمد ، قال يا رب إنى أجد أمة يأكلون كفاراتهم وصدقاتهم ومال المشركين ، وكان الأولون يحرقون صدقاتهم وغنائمهم بالنار ، أو تنزل من السماء نار أو مثلها فتحرق غير أن موسى كان يجمع صدقات بنى إسرائيل والغنائم ، ولا يجد إنسانا مملوكا إلا اشتراه ثم أعتقه ، وما فضل منها يحفر له حفرة عميقة ، ويلقيه فيها كى لا يرجعوا فيها وهم المستجيبون ، والمستجاب لهم وهم الشافعون والمشفعون ، يا رب اجعلهم أمتى ؟ قال هم أمة محمد . قال يا رب إنى أجد أمة إذا أشرف أحدهم على شرف كبر الله ، وإذا هبط حمده ، الصعيد لهم طهور ، والأرض مسجد غر محجلون من أثر الوضوء فاجعلهم أمتى ؟ قال هم أمة محمد ، قال يا رب إنى أجد أمة إذا هَمَّ أحدهم بحسنة ولم يعملها كتب له حسنة ، وإن عملها ضوعفت له عشراً إلى سبعمائة ، وإذا هَمَّ بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه ، وإن عملها كتبت له واحدة ، فاجعلهم أمتى ؟ قال هم أمة محمد . قال يا رب إنى أجد أمة مرحومة ضعفاء ، يؤتون الزكاة ويرثون الكتاب ، واصطفاهم الله ، ومنهم ظالم لنفسه ، ومنهم مقتصد ، ومنهم سابق بالخيرات ، وكل أولئك يدخلون الجنة فاجعلهم أمتى ؟ قال هم أمة محمد ، قال يا رب إنى أجد أمة مصاحفهم فى صدورهم ، يلبسون ألوان ثياب أهل الجنة ، ويصطفُّون فى صلاتهم كصفوف الملائكة ، أصواتهم فى مساجدهم كدوى النحل ، لا يدخل أحد منهم النار إلا مثل ما يرى الحجر من وراء البحر . ويأتى تفسير هذا إن شاء الله - فاجعلهم أمتى ؟ قال هم أمة محمد ، فقال يا ليتنى من أمة محمد ، وقيل قال اللهم اجعلنى منهم ، فأوحى الله إليه يرضيه يا موسى إنى اصطفيك إلى دار الفاسقين ، وأوحى إليه { ومن قوم موسى أمة } إلى { يعدلون } فرضى كل الرضا . ولم يعط الله لأمة ما أعطى هذه من الحفظ ، وروى أن كعبا رضى الله عنه رأى حبرا يبكى فقال ما يبكيك ؟ قال ذكرت بعض الأمر ، فقال كعب أنشدتك الله إن أخبرتك بما أبكاك تصدقنى ؟ قال نعم ، فذكر له ما مر عن التوراة وكلام موسى فى الأمة أنشدك الله ، هل تجد فى كتاب الله المنزل كذا ؟ أنشدك الله هل تجد كذا إلى آخر ما مر قطعة قطعة كما مر .