Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 2-2)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَسِيحُوا فى الأرْضِ أرْبعَة أشْهرٍ } هذا خطاب للمشركين أن يسيروا فى الأرض حيث شاءوا ، آمنين أن يضرهم أحد من المسلمين ما لم تتم أربعة أشهر ، ويتفكروا فيها ويختاروا ، فإنه ليس بعدها إلا الإسلام أو القتل ، وذلك إعلان لهم خروج عن الغدر ، وابتداء الأجل المذكور يوم الحج الأكبر وانقضائه تمام عشرة من ربيع الآخر ، ومن كان له عهد قد رفع إلى هذا وأكثر ، حط إلى هذا أو لا عهد له فهذا عهد قاله السدى . قال وذلك هو الأشهر الحرم أستعير لها هذا الاسم لهذه الحرمة ، والأمن الخاص أو للتغليب ، لأن ذا الحجة والمحرم منها ، وفى أول ذلك الأجل نزلت الآية ، ونسبه بعضهم للأكثر ، وقال ابن عباس ، والزهرى الأشهر الأربعة شوال ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، وأن الآية نزلت فى شوال ، وقيل الحادى عشر من ذى القعدة إلى عشرين من ربيع الأول ، لأن الحج فى تلك السنة ، كان فى ذلك الوقت للنسىء الذى كان فيهم ، ثم صار فى السنة بعدها فى ذى الحجة ، واستمر فيها ، وفى هذه حج صلى الله عليه وسلم وقال " ألا إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلقه الله " . وقيل كان ابتداؤها فى العاشر من ذى القعدة ، وانقضاؤها فى العاشر من ربيع الأول ، والحج فى تلك السنة فى ذلك الوقت ، وقيل أجل لمن له عهد أربعة أشهر من شوال ، وأجل سائر المشركين خمسون يوما من يوم الأذان ، واعترض بأن الأجل لا يلزم إلا من يوم سمع ، ويحتمل أن البراءة كانت سمعت من أول شوال ، وكرر إشهارها مع الأذان يوم الحج كذا قيل . وقال الضحاك هذه الأربعة من يوم الأذان لانقضاء العشر الأول من ربيع الأخير لمن له عهد تحسس بنقضه ، وقوله { فإذا انسلخ الأشهر الحرم } إلى آخره فيمن لا عهد له ، فوافق أجل تأمينهم خمسين يوما ، أولها يوم الأذان ، وآخرها انقضاء المحرم ، وقوله { الذين عاهدتم } فيمن له عهد لم ينقضه ، وهم بنو ضمرة ، وكنانة ، وقيل عاهد لضمرة المخش بن خويلد ، وبقى من عهدهم يوم الأذان تسعة أشهر . وقيل أربعة الأشهر لمن لا عهد له ، أو له عهد دونها ، أو على تمامها ، وأما من له عهد أكثر فإنه يوفى له { فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم } وقال مجاهد نزلت فى أهل مكة ، عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية أن يضعوا الحرب عشر سنين ، ودخلت خزاعة فى عهده ، بعث بعده عليا راكبا على العضباء ، وهى ناقته صلى الله عليه وسلم ، والغضبا وبنو بكر فى عهد قريش ، فنكثوا كما يأتى إن شاء الله فى سورة النصر أو الفتح ، وكان فتح مكة سنة ثمانٍ ، وأمَّر عليهم عتاب بن أسيد حديث السن . " ولما كانت سنة تسع أراد صلى الله عليه وسلم الحج فقيل له إن المشركين يحضرون ويطوفون بالبيت عراة ، فبعث أبا بكر تلك السنة أميرا على الموسم ليقم للناس حجهم ، وأمره أن يقرأ فى الموسم على الناس أربعين آية من أول براءة ، وقيل ثلاثين ، وقال سليمان بن موسى الشامى ثمان وعشرين آية ، وقيل عشرين ، وقال مجاهد ثلاث عشرة ، وقيل عشر ، وقيل تسع وقيل له لو بعث بها إلى أبى بكر ؟ فقال " لا يؤدى عنى إلا رجل منى " وهذا فى نقض العهد كإثباته كما روى " لا ينبغى لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلى " وعادة العرب أن لا يثبتوا العهد أو ينقضوه إلا سيد القبيلة ، أو رجل من أقاربه عنه فأزيحت علتهم بعلى ، وأبو بكر متقدم عليه رتبة وسنا ، وأمير على الموسم ، وإمام يصلى بعلى وغيره ، ويخطب . وقد قيل إنه بعث عليا ليصلى خلفه كالتنبيه على إمامته العظمى بعد ، وقيل تطييبا لقلب على ، ورعاية لجنابه ، وقيل إن أول براءة نزل بعد خروج أبى بكر ، ولما دنا علىّ سمع أبو بكر الرغاء فوقف وقال هذا رغاء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولما لحقه قال أمير أو مأمور ؟ قال مأمور ، وروى أنه لحقه فى العرج وقد استوى لتكبير الصبح بعد التثويب ، فوقف عن التكبير فقال هذا رغاء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم الجدعاء ، لقد بدا له الحج ، فإن كان فهو يصلى بنا ، فإذا عليها علىّ فسأله فقال مأمور بقراءة براءة فى مواقف الحج . وخطب أبو بكر قبل التروية ، وعلم الناس مناسكهم فقرأها على حتى ختمها ، وخطبهم يوم عرفة ، وحدثهم عن مناسكهم ، فقرأها علىّ حتى ختمها ، وخطبهم يوم النحر ، وحدثهم عن إفاضتهم ، فقرأها علىّ حتى ختمها يقرأهما فى ذلك كله قائما . " وروى أن أبا بكر كان ببعض الطريق ، وهبط جبريل فقال يا محمد لا يبلغن رسالتك إلا رجل منك فأرسل عليا ، فرجع أبو بكر إلى رسول الله فقال يا رسل الله أشىء نزل من السماء ؟ قال " نعم فسر وأنت على الموسم وعلىّ ينادى بالآى " وكان قبل ذلك أمر أبا بكر بالآى " ، وفى رواية " قال حين رجع بأبى أنت وأمى يا رسول الله ، أنزل فى شأنى شىء ؟ قال " لا ولكن لا ينبغى لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلى ، أما ترضى يا أبا بكر أنك أنت معى فى الغار ، وأنك معى على الحوض ؟ " قال بلى يا رسول الله " . وخطب أبو بكر فى اليوم الذى قبل يوم التروية ، وحدثهم عن مناسكهم ، وأقام حجهم ، والعرب فى تلك السنة على أمر الجاهلية فى الحج ، وقام علىّ يوم النحر عند جمرة العقبة فقال يا أيها الناس إنى رسول الله إليكم ، فقالوا بماذا ؟ فقرأ عليهم الآى ، ثم قال أمرت بأربع أن لا يقرب البيت بعد هذا العام مشرك ، وفى رواية لا يجتمع المؤمنون والمشركون بعد عامهم هذا فى حج ، وروى لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا تدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ، وأن يتم إلى كل ذى عهد عهده ، ومن لا عهد له فعهده إلى أربعة أشهر . فقالوا عند ذلك يا علىّ أبلغ ابن عمك أنا قد نبذنا العهد وراء ظهورنا ، وأن ليس بيننا وبينه عهد إلا طعنا بالرماح ، وضربا بالسيوف ، ثم تلاوموا فقالوا ما تصنعون وقد أسلمت قريش فأسلموا كلهم . وروى أنهم ندموا فقالوا يا على نحن على المدة التى ذكرت ، وذلك فى السنة التاسعة ، وحج صلى الله عليه وسلم فى العاشرة ، وهى حجة الوداع ، وقال قوم منهم الداودى الماوردى حج أبو بكر فى ذى الحجة حقيقة ، فيناسبه ما رواه ابن إسحاق ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بعد ما رجع من تبوك رمضان ، وشوالا ، وذا القعدة ، ثم بعث أبا بكر أميرا على الحج ، وهو ظاهر فى أن بُعثَ أبو بكر فى ذى القعدة . وفى رواية خطب أبو بكر بعرفة فقال قم يا على فأدى رسالة رسول الله فقام ففعل ، قال على ثم وقع فى نفسى أن الناس لم يشهدوا خطبة أبى بكر كلهم ، فجعلت أتتبع الفسطاط يوم النحر ، وأرسل أبو بكر معه أبا هريرة يعينه وغيره ، وتتبعوا أسواق العرب كذى المجاز ، وعكاظ ومجنة ، وفى رواية أمر عليا أن يؤذن بمكة ومنى وعرفة أن قد برئت ذمة الله ورسوله من كل مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان . { واعْلَموا أنكُم غَير مُعْجزى اللهَ } غير فائتيه ، ولو أمهلكم هذه المدة فإنكم فى قبضته { وأنَّ الله مُخْزى الكَافِرينَ } مذلهم فى الدنيا بالقتل والأسر والسلب فى الدنيا ، وبالعذاب فى الآخرة .