Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 72-72)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَعَدَ اللهُ المؤمِنينَ والمؤمِناتِ } هذا ذكر لوعد المؤمنين ، كما ذكر وعيد غيرهم { جَنَّاتٍ تَجرى مِنْ تَحْتها } أى من أشجارها ، أو من تحت علياتها ، أو تحت مجالسها وفرشها { الأنهارُ } فإن ماء الجنة يطلع إلى فوق ولا يتفسح ، ويجرى تحت الفراش ، أعنى قربه ولا يبله ، وإذا أراده السعيد طلع إليه فى فراشه . { خَالدينَ فِيها ومَسَاكن طَيِّبةً } تستطيبها النفس ، أو يطيب فيها العيش ، قال الحسن سألت عنها عمران بن الحصين وأبا هريرة فقالا على الخبير سقطت ، سألنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " لكل مؤمن قصر من لؤلؤ فيه سبعون دارا من ياقوتة حمراء ، فى كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء ، فى كل بيت سبعون سريرا ، على كل سرير سبعون فراشا من كل لون ، على كل فراش زوجة من الحور العين ، وفى كل بيت سبعون مائدة ، على كل مائدة سبعون لونا من طعام ، وفى كل بيت سبعون وصيفة ، ويعطى المؤمن من القوة ما يأتى على ذلك كله أجمع " . وعن ابن عباس الخيمة درة مجوفة فرسخ فى فرسخ ، لها أربعة آلاف مصراع من ذهب ، وعن أبى موسى الأشعرى أن الرجل من أهل الجنة تكون له الخيمة طولها فى السماء سبعون ميلا ، وأن له فيها لأهل يطوف عليهم لا يشعر بهم الآخرون ، وعن الحسن أدنى أهل الجنة آخرهم دخولا ، فينظر مسيرة مائة ألف سنة كلها له معمورة ، قصور ذهب وفضة ، وخيام لؤلؤ وياقوت ، فيها أزواجه وخدمه ، يُغْدَى عليه كل صباح ورواح بسبعين ألف صحيفة ذهب ، فى كل منها لون ليس فى الأخرى ، يأكل من آخرها كما يأكل من أولها ، لو نزل عليه الجن والإنس فى غداء واحد لوسعهم ، ولم ينقص شيئا . والآية تحتمل أن لكل مؤمن أو مؤمنة جنات ومساكن ، وتحتمل أن لهم ذلك موزعا ، بينهم لكل منهم نصيبه ، ويكون أيضا لكل واحد جنات ومساكن ، بدليل الأحاديث ، فالمقصد واحد ، ولو اختلف المقصدان ، وأجاز بعضهم أن يكون المراد بالجنات ما يشبه المساكن ، أو بالمساكن ما يشمل الجنات ، فيكون العطف لتغاير وصف الجنان ، ووصف المساكن ، وأولى خلافه ، والتغاير موجود وجودا بينا على خلاف ذلك . وعلى كل فوصف الموعود به أولا لما يميل إليه الطبع أول السماع وهو الجنان ، ثم ذكر أنه فى أماكن طيبة العيش ، عارية عما يكون فى الدنيا ، ويجوز أن يكون طيبة نعمتان لجنات ومساكين جميعا ، ثم ذكر أن ذلك فى دار إقامة وثبات لا رحيل فيها ولا زوال ، إذ قال { فى جَنَّاتٍ عَدْنٍ } أى إقامة وخلود ، ثم ذكر ما هو أكبر من ذلك كله وهو الرضوان ، قال أبو الدرداء ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " عدن دار الله التى لم ترها عين ، ولم تخطر على قلب بشر ، لا يسكنها غير ثلاثة النبيون والصديقون والشهداء ، يقول الله سبحانه وتعالى طوبى لمن دخلك " قال عبد الله بن عمرو بن العاص هو قصر حوله بروج ومروج ، له خمسة آلاف باب ، وعن الضحاك جنات عدن هى مدينة الجنة ، فيها الأنبياء ، والعلماء ، والشهداء ، وأئمة العدل ، والناس حولهم بعد ، والجنات حولها . وعن الحسن عدن قصر فى الجنة لا يدخله إلا نبى ، أو صديق ، أو شهيد ، أو حاكم عدل ، ومد بها صوته ، قال ابن مسعود بطنان الجنة أى وسطها ، وقال عطاء نهر فى الجنة جنانه على حافتيه ، وقال الكلبى أعلى درجة فى الجنة فيها عين التسنيم والجنان حولها ، وهى مغطاة من حين خلقت حتى ينزلها أهلها ، وهم الأنبياء ، والصديقون ، والشهداء ، والصالحون ، ومن شاء الله ، فيها قصور الدرر ، والياقوت ، والذهب ، تهب ريح طيبة فتدخل كثبان المسك الأبيض وتأتيهم . وقيل الآية تأبى التخصيص ، إذ وعد الله بها جميع المؤمنين ، والجنان كلها جنات عدن ، أى إقامة ، إذ الإفناء لواحدة ، ولا رحيل فيها وهو الواضح ، ولو اشتهر الأول ، بل قيل جنات عدن علم بدليل الوصف بالمعرفة فى قوله تعالى { جنات عدن التى وعد الرحمن عباده } ولا دليل فيه لجواز البدلية . { ورِضْوانٌ مِنَ الله أكْبرُ } من ذلك كله ، لأنه مبتدأ كل سعادة وكرامة وقول ، ولأن النعم تتم به ، إذ لا لذة لعبد فى نعمة تنغصت عنه بغضب مولاه ، فهو فى نفسه أكبر ، ولأنه تعالى يوصل إلى قلوبهم بواسطة علمهم برضاه ما هو الذى عندهم من جميع النعم ، وأقر لأعينهم من كل شىء كما روى عن الحسن . وفى الحديث ، عن جابر بن عبد الله ، وأبى سعيد الخدرى ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا دخل أهل الجنة الجنة قال الله جل جلاله يا أهل الجنة ، فيقولون لبيك ربنا وسعديك ، والخير فى يديك ، فيقول هل رضيتم ؟ فيقولون يا ربنا ما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا ، فيقول ألا أعطيكم أفضل من هذا ؟ وفى رواية سأعطيكم ، فيقولون أى شىء أفضل من هذا ؟ فيقول أحل عليكم رضوانى فلا أسخط عليكم أبدا " وتنكير الرضوان للتعظيم أو الواحدة ، أى رضوة واحدة من جنس رضاه أكبر من ذلك كله . { ذلك } الرضوان أو المذكور كله { الفَوْز } الخلاص من كل مكروه ، والاتصال بكل محبوب { العَظيمُ } الذى تستحقر دونه الدنيا وما فيها .