Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 104, Ayat: 3-7)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يَحْسَبُ } أي يظنّ { أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } أي يبقيه حياً لا يموت قاله السُّدِّيّ . وقال عكرمة : أي يزيد في عمره . وقيل : أحياه فيما مضى ، وهو ماضٍ بمعنى المستقبل . يقال : هلك والله فلان ودخل النار أي يدخل . { كَلاَّ } ردّ لما توهمه الكافر أي لا يَخْلُد ولا يَبقَى له مال . وقد مضى القول في « كَلاّ » مستوفى . وقال عمر بن عبد الله مولى غُفْرة : إذا سمعت الله عز وجل يقول « كَلاَّ » فإنه يقول كذبت . { لَيُنبَذَنَّ } أي ليطرحنّ وليلقين . وقرأ الحسن ومحمد بن كعب ونصر بن عاصم ومجاهد وحُمَيد وابن محيصن : لَيَنْبَذَانِّ بالتثنية ، أي هو وماله . وعن الحسن أيضاً « لَيُنْبَدَنَّهُ » على معنى لَيُنْبَذَنّ مالُه . وعنه أيضاً بالنون « لَنَنْبِذَنَّهُ » على إخبار الله تعالى عن نفسه ، وأنه يَنْبِذ صاحب المال . وعنه أيضاً « لَيُنْبَذُنَّ » بضم الذال على أن المراد الهمزة واللمزة والمال وجامعه . { فِي ٱلْحُطَمَةِ } وهي نار الله سُمّيت بذلك لأنها تكسر كل ما يُلْقى فيها وتحطمه وتَهْشمُه . قال الراجز : @ إِنا حَطَمْنا بالقَضيبِ مُصْعَبَا يَومَ كَسَرْنا أَنْفَه لِيغضبَا @@ وهي الطبقة السادسة من طبقات جهنم . حكاه الماوردي عن الكلبي . وحَكى القشيري عنه : « الحُطَمة » الدَّرَكة الثانية من درك النار . وقال الضحاك : وهي الدرك الرابع . ابن زيد : اسم من أسماء جهنم . { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ } على التعظيم لشأنها ، والتفخيم لأمرها . ثم فسرها ما هي فقال : { نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ } أي التي أُوقد عليها ألفَ عام ، وألف عام ، وأَلْف عام فهي غير خامدة ، أعدّها الله للعصاة . { ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ } قال محمد بن كعب : تأكل النار جميع ما في أجسادهم ، حتى إذا بلغت إلى الفؤاد ، خُلِقوا خلقاً جديداً ، فرجعت تأكلهم . وكذا روى خالد بن أبي عمران عن النبيّ صلى الله عليه وسلم : " أن النار تأكل أهلها ، حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت ، ثم إذا صَدَروا تعود ، فذلك قوله تعالى : { نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ * ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ } " وخص الأفئدة لأن الألم إذا صار إلى الفؤاد مات صاحبه . أي إنه في حال من يموت وهم لا يموتون كما قال الله تعالى : { لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ } [ طه : 74 ] فهم إذاً أحياء في معنى الأموات . وقيل : معنى « تَطَّلِعُ على الأَفْئِدةِ » أي تعلم مقدار ما يستحقُّه كل واحد منهم من العذاب وذلك بما استبقاه الله تعالى من الأمارة الدالة عليه . ويقال : اطَّلَع فلان على كذا : أي علمه . وقد قال الله تعالى : { تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّىٰ } [ المعارج : 17 ] . وقال تعالى : { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } [ الفرقان : 12 ] . فوصفها بهذا ، فلا يبعد أن توصف بالعلم .