Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 67-67)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه سبع مسائل : الأولى : لما عزموا على الخروج خشي عليهم العين فأمرهم ألا يدخلوا مصر من باب واحد ، وكانت مصر لها أربعة أبواب وإنما خاف عليهم العين لكونهم أحد عشر رجلاً لرَجُل واحد وكانوا أهل جَمال وكمال وبَسْطة قاله ابن عباس والضّحاك وقَتَادة وغيرهم . الثانية : إذا كان هذا معنى الآية فيكون فيها دليل على التحرّز من العين ، والعين حق وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن العين لتدخِل الرجل القبر والجمل القِدر " . وفي تعوّذه عليه السلام : " أعوذ بكلمات الله التامّة من كل شيطان وهامّة ومن كل عين لامَّة " ما يدلّ على ذلك . وروى مالك عن محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حُنيف أنه سمع أباه يقول : اغتسل أبي سهل بن حُنيف بالخرّار فنزع جُبّة كانت عليه ، وعامر بن ربيعة ينظر ، قال : وكان سهل رجلاً أبيض حسن الجلد قال فقال له عامر بن ربيعة : ما رأيت كاليوم ولا جلد عَذْراء ! فوُعك سهل مكانه واشتدّ وَعْكه ، فأُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر أن سهلاً وُعِك ، وأنه غير رائح معك يا رسول الله فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره سهل بالذي كان من شأن عامر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عَلاَمَ يقتل أحدكم أخاه أَلاَ بَرَّكْت إنّ العين حق تَوضأْ له " فتوضأ عامر ، فراح سهل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس به بأس في رواية « ٱغتسلْ » فغسل له عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخل إزاره في قدح ثم صبّ عليه فراح سهل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس به بأس . وركب سعد بن أبي وَقّاص يوماً فنظرت إليه ٱمرأة فقالت : إن أميركم هذا ليعلم أنه أهضم الكَشْحين فرجع إلى منزله فسقط ، فبلغه ما قالت المرأة ، فأرسل إليها فغسلت له ففي هذين الحديثين أن العين حق ، وأنها تقتل كما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم وهذا قول علماء الأمّة ، ومذهب أهل السنة وقد أنكرته طوائف من المبتدعة ، وهم محجوجون بالسنة وإجماع علماء هذه الأمّة ، وبما يشاهد من ذلك في الوجود فكم من رجل أدخلته العين القبر ، وكم من جمل ظهير أدخلته القِدر ، لكن ذلك بمشيئة الله تعالى كما قال : { وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } [ البقرة : 102 ] . قال الأصمعي : رأيت رجلاً عَيُوناً سمع بقرة تحلب فأعجبه شَخْبها فقال : أيتهنّ هذه ؟ فقالوا : الفلانية لبقرة أخرى يورون عنها ، فهلكتا جميعاً ، المورَى بها والمورَي عنها . قال الأصمعيّ . وسمعته يقول : إذا رأيتُ الشيء يعجبني وجدتُ حرارة تخرج من عينيّ . الثالثة : واجب على كل مسلم أعجبه شيء أن يُبَرِّك فإنه إذا دعا بالبركة صرف المحذور لا محالة ألا ترى قوله عليه السلام لعامر : " ألا برّكت " فدلّ على أن العين لا تضر ولا تعدو إذا بَرَّك العائن ، وأنها إنما تعدو إذا لم يُبَرِّك . والتبريك أن يقول : تبارك الله أحسن الخالقين ! اللهم بارك فيه . الرابعة : العائن إذا أصاب بعينه ولم يُبَرِّك فإنه يؤمر بالاغتسال ، ويُجبر على ذلك إنْ أباه لأن الأمر على الوجوب ، لا سيما هذا فإنه قد يخاف على ٱلمَعِين الهلاك ، ولا ينبغي لأحد أن يمنع أخاه ما ينتفع به أخوه ولا يضره هو ، ولا سيما إذا كان بسببه وكان الجاني عليه . الخامسة : من عرف بالإصابة بالعين منع من مداخلة الناس دفعاً لضرره وقد قال بعض العلماء : يأمره الإمام بلزوم بيته وإن كان فقيراً رزقه ما يقوم به ، ويكفّ أذاه عن الناس . وقد قيل : إنه يُنفى وحديث مالك الذي ذكرناه يرد هذه الأقوال فإنه عليه السلام لم يأمر في عامر بحبس ولا بنفي ، بل قد يكون الرجل الصالح عائناً ، وأنه لا يقدح فيه ولا يفسّق به ومن قال : يحبس ويؤمر بلزوم بيته . فذلك ٱحتياط ودفع ضرر ، والله أعلم . السادسة : روى مالك عن حميد بن قيس المكّي أنه قال : " دُخِل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابني جعفر بن أبي طالب فقال لحاضنتهما : « ما لي أراهما ضَارِعَين » فقالت حاضنتهما : يا رسول الله ! إنه تسرع إليهما العين ، ولم يمنعنا أن نَسْتَرْقي لهما إلا أنا لا ندري ما يوافقك من ذلك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ٱسْتَرْقُوا لهما فإنه لو سبق شيء القدَر سبقته العين " وهذا الحديث منقطع ، ولكنه محفوظ لأسماء بنت عُمَيس الْخَثْعمية عن النبيّ صلى الله عليه وسلم من وجوه ثابتة متصلة صحاح وفيه أن الرُّقَى مما يُستَدفع به البلاء ، وأن العين تؤثر في الإنسان وتَضْرَعه ، أي تضعفه وتنحله وذلك بقضاء الله تعالى وقدره . ويقال : إن العين أسرع إلى الصغار منها إلى الكبار ، والله أعلم . السابعة : أمر صلى الله عليه وسلم في حديث أبي أُمامة العائن بالاغتسال للمَعِين ، وأمر هنا بالاسترقاء قال علماؤنا : إنما يسترقي من العين إذا لم يعرف العائن وأما إذا عرف الذي أصابه بعينه فإنه يؤمر بالوضوء على حديث أبي أمامة ، والله أعلم . قوله تعالى : { وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ } أي من شيء أحذره عليكم أي لا ينفع الحذر مع القدر . { إِنِ ٱلْحُكْمُ } أي الأمر والقضاء . { إِلاَّ للَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } أي ٱعتمدت ووثقت . { وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } . ]