Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 8-9)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ } أي لا يلحقه بذلك نقص ، بل هو الغني . « الْحَمِيدُ » أي المحمود . قوله تعالى : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ } النبأ الخبر ، والجمع الأنباء قال : @ أَلَمْ يَأْتِيـكَ وَٱلأنبـاءُ تَنْمِـي @@ ثم قيل : هو من قول موسى . وقيل : من قول الله أي وٱذكر يا محمد إذ قال ربك كذا . وقيل : هو ٱبتداء خطاب من الله تعالى . وخبر قوم نوح وعاد وثمود مشهور قصه الله في كتابه . وقوله : { وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ } أي لا يحصي عددهم إلا الله ، ولا يعرف نسبهم إلا الله والنّسابون وإن نَسَبوا إلى آدم فلا يدّعون إحصاء جميع الأمم ، وإنما ينسبون البعض ، ويمسِكون عن نسب البعض " وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع النّسابين ينسبون إلى معدّ بن عدنان ثم زادوا فقال : « كذب النسابون إن الله يقول : { لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ } » " وقد رُوي عن عُرْوة بن الزبير أنه قال : ما وجدنا أحداً يعرف ما بين عدنان وإسمعيل . وقال ٱبن عباس : بين عدنان وإسمعيل ثلاثون أبا لا يعرفون . وكان ابن مسعود يقول حين يقرأ : « لاَ يعلمهُمْ إِلاَّ اللَّه » : كذب النّسابون . { جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ } أي بالحجج والدلالات . { فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فِيۤ أَفْوَاهِهِمْ } أي جعل أولئك القوم أيدي أنفسهم في أفواههم ليَعضُّوها غيظاً مما جاء به الرسل إذ كان فيه تَسفيه أحلامهم ، وشتم أصنامهم قاله ابن مسعود ، ومثله قاله عبد الرحمن بن زيد ، وقرأ : { عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظ } [ آل عمران : 119 ] وقال ابن عباس : لما سمعوا كتاب الله عجبوا ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم . وقال أبو صالح : كانوا إذا قال لهم نبيهم أنا رسول الله إليكم أشاروا بأصابعهم إلى أفواههم : أَنِ ٱسكت ، تكذيباً له ، وردًّا لقوله وهذه الأقوال الثلاثة متقاربة المعنى . والضميران للكفار والقول الأول أصحها إسناداً قال أبو عبيد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي إسحق عن أبي الأحوص عن عبد الله في قوله تعالى : { فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فِيۤ أَفْوَاهِهِمْ } قال : عَضُّوا عليها غيظاً وقال الشاعر : @ لو أنّ سَلْمَى أَبْصَرَتْ تَخَدُّدِي ودِقَّةً في عظمِ ساقي ويَدي وبُعْدَ أَهْليِ وجَفَاءَ عُوَّدِي عَضّتْ من الْوَجْدِ بأطرافِ اليدِ @@ وقد مضى هذا المعنى في « آل عمران » مجوّداً ، والحمد لله . وقال مجاهد وقَتَادة : ردّوا على الرسل قولهم وكذّبوهم بأفواههم فالضمير الأول للرسل ، والثاني للكفار . وقال الحسن وغيره : جعلوا أيديهم في أفواه الرسل ردًّا لقولهم فالضمير الأول على هذا للكفار ، والثاني للرسل . وقيل معناه : أَوْمأوا للرسل أن يسكتوا . وقال مقاتل : أخذوا أيدي الرسل ووضعوها على أفواه الرسل ليسكتوهم ويقطعوا كلامهم . وقيل : ردّ الرسل أيدي القوم في أفواههم . وقيل : إن الأيدي هنا النِّعم أي ردّوا نِعم الرسل بأفواههم ، أي بالنطق والتكذيب ومجيء الرسل بالشرائع نِعَمٌ والمعنى : كذّبوا بأفواههم ما جاءت به الرسل . و « في » بمعنى الباء يقال : جلست في البيت وبالبيت وحروف الصفات يقام بعضها مقام بعض . وقال أبو عبيدة : هو ضرب مَثَل أي لم يُؤْمنوا ولم يُجيبوا والعرب تقول للرجل إذا أمسك عن الجواب وسكت : قد ردّ يده في فيه وقاله الأخفش أيضاً . وقال القُتَبيّ : لم نسمع أحداً من العرب يقول : ردّ يده في فيه إذا ترك ما أمر به ، وإنما المعنى : عضوا على الأيدي حنقاً وغيظاً لقول الشاعر : @ تَرُدّون في فِيهِ غِشَّ الْحَسُو دِ حتى يَعَضَّ عليّ الأَكُفَّا @@ يعني أنهم يغيظون الحسود حتى يعضّ على أصابعه وكفّيه . وقال آخر : @ قَد أَفْنَى أنَامِلَهُ أَزْمَةً فأضحَى يَعَضُّ عليَّ الْوَظِيفَا @@ وقالوا : - يعني الأمم للرسل { إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ } أي بالإرسال على زعمكم ، لا أنهم أقرّوا أنهم أُرسلوا . { وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ } أي في ريب ومِرية . { مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ } من التوحيد . { مُرِيبٍ } أي موجب للرّيبة يقال : أربته إذ فعلت أمراً أوجب ريبة وشكًّا أي نظنّ أنكم تطلبون الملك والدنيا .