Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 87-87)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ } يعني التوراة . { وَقَفَّيْنَا } أي أتبعنا . والتَّقفِية : الإتباع والإرداف مأخوذ من إتباع القَفَا وهو مؤخر العنق . تقول ٱستقفيته إذا جئت من خلفه ومنه سُمِّيت قافية الشعر لأنها تتلو سائر الكلام . والقافية : القفا ومنه الحديث : " يَعقِد الشيطان على قافية رأسِ أحدِكم " والقَفِيّ والقَفاوة : ما يدّخر من اللبن وغيره لمن تريد إكرامه . وقفوت الرجل : قذفته بفجور . وفلانٌ قِفْوَتي أي تُهَمَتي . وقِفوتي أي خيرتي . قال ٱبن دريد كأنه من الأضداد . قال العلماء : وهذه الآية مثل قوله تعالى : { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى } [ المؤمنون : 44 ] . وكل رسول جاء بعد موسى فإنما جاء بإثبات التوراة والأمر بلزومها إلى عيسى عليه السلام . ويقال : رُسُل ورُسْل لغتان الأولى لغة الحجاز ، والثانية لغة تميم وسواء كان مُضافاً أو غير مضاف . وكان أبو عمرو يخفف إذا أضاف إلى حرفين ، ويُثَقّل إذا أضاف إلى حرف واحد . قوله تعالى : { وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ } أي الحجج والدّلالات وهي التي ذكرها الله في « آل عمران » و « المائدة » قاله ٱبن عباس . { وَأَيَّدْنَاهُ } أي قويناه . وقرأ مجاهد وٱبن مُحَيْصِن « آيدناه » بالمدّ ، وهما لغتان . { بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } روى أبو مالك وأبو صالح عن ٱبن عباس ومَعْمر عن قتادة قالا : جبريل عليه السلام . وقال حسان : @ وجبريلٌ رسولُ الله فِينا ورُوحُ القُدْس ليس به خَفاءُ @@ قال النحاس : وسُميَ جبريل روحا وأضيف إلى القدس لأنه كان بتكوين الله عز وجل له رُوحاً من غير ولادة والد ولده وكذلك سُمّيَ عيسى رُوحاً لهذا . وروى غالب بن عبد اللَّه عن مجاهد قال : القدس هو الله عز وجل . وكذا قال الحسن : القدس هو الله ، وروحه جبريل . وروى أبو روق عن الضحاك عن ٱبن عباس : « بِروحِ ٱلقُدُسِ » قال : هو الاسم الذي كان يحيي به عيسى الموتى وقاله سعيد بن جبير وعبيد بن عمير ، وهو ٱسم الله الأعظم . وقيل : المراد الإنجيل سمّاه روحاً كما سمى الله القرآن روحاً في قوله تعالى : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } [ الشورى : 52 ] . والأوّل أظهر ، والله تعالى أعلم . والقدس : الطهارة . وقد تقدّم . قوله تعالى : { أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمْ } أي بما لا يوافقها ويلائمها وحُذفت الهاء لطول الاسم أي بما لا تهواه . { ٱسْتَكْبَرْتُمْ } عن إجابته ٱحتقاراً للرسل ، وٱستبعاداً للرسالة . وأصل الهوى الميل إلى الشيء ويجمع أهواء ، كما جاء في التنزيل ، ولا يجمع أهوية على أنهم قد قالوا في نَدًى أندِية قال الشاعر : @ في ليلةٍ من جُمادَى ذاتِ أنْدِيةٍ لا يُبصِر الكلبُ في ظَلْمائها الطُّنُبَا @@ قال الجوهري : وهو شاذ . وسُمّيَ الهَوَى هَوًى لأنه يهوِي بصاحبه إلى النار ولذلك لا يستعمل في الغالب إلا فيما ليس بحق وفيما لا خير فيه وهذه الآية من ذلك . وقد يستعمل في الحق ، ومنه قول عمر رضي الله عنه في أسارى بَدْر : فَهوِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يَهْوَ ما قلت . وقالت عائشة للنبيّ صلى الله عليه وسلم في صحيح الحديث : والله ما أرَى ربَّك إلاّ يُسارِع في هواك . أخرجهما مسلم . قوله تعالى : { فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ } « ففريقاً » منصوب بـ « ـكذبتم » ، وكذا « وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ » فكان ممن كذبوه عيسى ومحمد عليهما السلام ، وممن قتلوه يحيى وزكريا عليهما السلام ، على ما يأتي بيانه في « سبحان » إن شاء الله تعالى .