Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 19-23)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قَالَ أَلْقِهَا يٰمُوسَىٰ } : لما أراد الله تعالى أن يُدرِّبه في تلقي النبوّة وتكاليفها أمره بإلقاء العصا { فَأَلْقَاهَا } موسى فقلب الله أوصافها وأعراضها . وكانت عصا ذات شُعبتين فصارت الشُّعبتان لها فماً ، وصارت حية تسعى أي تنتقل ، وتمشي وتلتقم الحجارة فلما رآها موسى عليه السلام رأى عبرة فـ { وَلَّىٰ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ } [ النمل : 10 ] فقال الله له : { خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ } وذلك أنه { فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً } [ طه : 67 ] أي لحقه ما يلحق البشر . وروي أن موسى تناولها بكمي جُبَّته فنُهي عن ذلك ، فأخذها بيده فصارت عصاً كما كانت أول مرة وهي سيرتها الأولى ، وإنما أظهر له هذه الآية لئلا يفزع منها إذا ألقاها عند فرعون . ويقال : إن العصا بعد ذلك كانت تماشيه وتحادثه ويعلق عليها أحماله ، وتضيء له الشُّعبتان بالليل كالشّمع وإذا أراد الاستقاء انقلبت الشّعبتان كالدلو ، وإذا اشتهى ثمرة ركزها في الأرض فأثمرت تلك الثمرة . وقيل : إنها كانت من آس الجنة . وقيل : أتاه جبريل بها . وقيل : مَلَك . وقيل قال له شعيب : خذ عصا من ذلك البيت فوقعت بيده تلك العصا ، وكانت عصا آدم عليه السلام هبط بها من الجنة . والله أعلم . قوله تعالى : { فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ } النحاس : ويجوز « حَيَّةً » يقال : خرجت فإذا زيد جالس وجالساً . والوقف « حَيه » بالهاء . والسعي المشي بسرعة وخفة . وعن ابن عباس : انقلبت ثعباناً ذكراً يبتلع الصخر والشجر ، فلما رآه يبتلع كل شيء خافه ونفر منه . وعن بعضهم : إنما خاف منه لأنه عرف ما لقي آدمُ منها . وقيل لما قال له ربه : « لاَ تَخَفْ » بلغ من ذهاب خوفه وطمأنينة نفسه أن أدخل يده في فمها وأخذ بلحييها . { سَنُعِيدُهَا سِيَرتَهَا ٱلأُولَىٰ } سمعت علي بن سليمان يقول : التقدير إلى سيرتها ، مثل « وَاخْتَارَ مُوسىَ قَوْمَهُ » قال : ويجوز أن يكون مصدراً لأن معنى سنعيدها سنسيّرها . قوله تعالى : { وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ } يجوز في غير القرآن ضُمّ بفتح الميم وكسرها لالتقاء الساكنين ، والفتح أجود لخفته ، والكسر على الأصل . ويجوز الضم على الإتباع . ويَدٌ أصلها يَدْيٌ على فَعْل يدل على ذلك أيدٍ . وتصغيرها يُدَيَّة . والجناح العضد قاله مجاهد . وقال : « إلى » بمعنى تحت . قطرب : { إِلَىٰ جَنَاحِكَ } إلى جيبك ومنه قول الراجز : @ أَضُمُّه للصدر والجَنَاحِ @@ وقيل : إلى جنبك فعبر عن الجنب بالجناح لأنه مائِل في محل الجناح . وقيل : إلى عندك . وقال مقاتل : « إلى » بمعنى مع أي مع جناحك . و { تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ } من غير برص نوراً ساطعاً ، يضيء بالليل والنهار كضوء الشمس والقمر وأشد ضوءاً . عن ابن عباس وغيره : فخرجت نوراً مخالفة للونه . و « بَيْضَاءَ » نصب على الحال ، ولا ينصرف لأن فيها ألفي التأنيث لا يزايلانها فكأن لزومهما علّة ثانية ، فلم ينصرف في النكرة ، وخالفَتَا الهاء لأن الهاء تفارق الاسم . و { مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ } « من » صلة « بيضاء » كما تقول : ابيضت من غير سوء . { آيَةً أُخْرَىٰ } سوى العصا . فأخرج يده من مِدْرَعة له مصرية لها شعاع مثل شعاع الشمس يعشي البصر . و « آيةً » منصوبة على البدل من بيضاء قاله الأخفش . النحاس : وهو قول حسن . وقال الزجاج : المعنى آتيناك آية أخرى أو نؤتيك لأنه لما قال : { تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ } دل على أنه قد آتاه آية أخرى . { لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ } يريد العظمى . وكان حقه أن يقول الكبيرة ، وإنما قال : « الكبرى » لوفاق رؤوس الآي . وقيل : فيه إضمار معناه لنريك من آياتنا الآية الكبرى دليله قول ابن عباس : يد موسى أكبر آياته .