Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 11-14)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِ } يريد يوم القيامة . { وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيراً } يريد جهنم تتلظى عليهم . { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } أي من مسيرة خمسمائة عام . { سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } قيل : المعنى إذا رأتهم جهنم سمعوا لها صوت التغيظ عليهم . وقيل : المعنى إذا رأتهم خزّانها سمعوا لهم تغيظاً وزفيراً حرصاً على عذابهم . والأوّل أصح لما روي مرفوعاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من كذب علي متعمداً فليتبوأ بين عيني جهنم مقعداً " قيل : يا رسول الله ! ولها عينان ؟ قال : " أما سمعتم الله عز وجل يقول : { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } يخرج عُنق من النار له عينان تبصران ولسان ينطق فيقول وُكِّلت بكل من جعل مع الله إلهاً آخر فلهو أبصر بهم من الطير بحب السمسم فيلتقطه " في رواية " فيخرج عُنق من النار فيلتقط الكفار لقط الطائر حب السمسم " ذكره رَزِين في كتابه ، وصححه ابن العربي في قبسه ، وقال : أي تفصلهم عن الخلق في المعرفة كما يفصل الطائر حب السمسم من التربة . وخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة قال . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . " يَخرج عُنق من النار يوم القيامة له عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول إني وُكِّلت بثلاث بكل جبّار عنيد وبكلّ من دعا مع الله إلهاً آخر وبالمصوِّرين " وفي الباب عن أبي سعيد قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب صحيح . وقال الكلبي : سمعوا لها تغيظاً كتغيظ بني آدم وصوتاً كصوت الحمار . وقيل : فيه تقديم وتأخير ، سمعوا لها زفيراً وعلموا لها تغيظاً . وقال قطرب : التغيظ لا يسمع ، ولكن يرُى ، والمعنى : رأوا لها تغيظاً وسمعوا لها زفيراً كقول الشاعر : @ ورأيت زوجَكِ في الوَرى مُتقلِّداً سيفاً ورُمحا @@ أي وحاملاً رمحاً . وقيل : { سَمِعُوا لَهَا } أي فيها أي سمعوا فيها تغيظاً وزفيراً للمعذَّبين . كما قال تعالى : { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } [ هود : 106 ] و « في واللام » يتقاربان تقول : أفعل هذا في الله ولله . قوله تعالى : { وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ } قال قتادة : ذكر لنا أن عبد الله كان يقول : إن جهنم لتضيِّق على الكافر كتضييق الزُّج على الرمح ذكره ابن المبارك في رقائقه . وكذا قال ابن عباس ، ذكره الثعلبي والقُشَيري عنه ، وحكاه الماوردي عن عبد الله بن عمرو . ومعنى { مُقَرَّنِينَ } مكتَّفين قاله أبو صالح . وقيل : مصفَّدين قد قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال . وقيل : قرنوا مع الشياطين أي قرن كل واحد منهم إلى شيطانه قاله يحيـى بن سلام . وقد مضى هذا في { إبراهيم } وقال عمرو بن كلثوم : @ فآبُوا بالنِّهابِ وبالسَّبايَا وأُبْنَا بالملوكِ مقُرَّنِينا @@ { دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً } أي هلاكاً قاله الضحاك . ابن عباس : ويلاً . وروي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أوّل من يقوله إبليس وذلك أنه أوّل من يكسى حلة من النار فتوضع على حاجبيه ويسحبها من خلفه وذريته مِن خلفه وهو يقول واثبوراه " وانتصب على المصدر ، أي ثبرنا ثبوراً قاله الزجاج . وقال غيره : هو مفعول به . قوله تعالى : { لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً } فإن هلاككم أكثر من أن تدعوا مرة واحدة . وقال : ثبوراً لأنه مصدر يقع للقليل والكثير فلذلك لم يجمع وهو كقولك : ضربته ضرباً كثيراً ، وقعد قعوداً طويلاً . ونزلت الآيات في ابن خَطَل وأصحابه .