Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 50-53)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } مكرهم ما روي أن هؤلاء التسعة لما كان في صدر الثلاثة الأيام بعد عقر الناقة ، وقد أخبرهم صالح بمجيء العذاب ، اتفقوا وتحالفوا على أن يأتوا دار صالح ليلاً ويقتلوه وأهله المختصين به قالوا : فإذا كان كاذباً في وعيده أوقعنا به ما يستحق ، وإن كان صادقاً كنا عجلناه قبلنا ، وشفينا نفوسنا قاله مجاهد وغيره . قال ابن عباس : أرسل الله تعالى الملائكة تلك الليلة ، فامتلأت بهم دار صالح ، فأتى التسعة دار صالح شاهرين سيوفهم ، فقتلتهم الملائكة رضخاً بالحجارة فيرون الحجارة ولا يرون من يرميها . وقال قتادة : خرجوا مسرعين إلى صالح ، فسلطّ عليهم ملك بيده صخرة فقتلهم . وقال السديّ : نزلوا على جرف من الأرض ، فانهار بهم فأهلكهم الله تحته . وقيل : اختفوا في غار قريب من دار صالح ، فانحدرت عليهم صخرة شدختهم جميعاً فهذا ما كان من مكرهم . ومكر الله مجازاتهم على ذلك . { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ } أي بالصيحة التي أهلكتهم . وقد قيل : إن هلاك الكل كان بصيحة جبريل . والأظهر أن التسعة هلكوا بعذاب مفرد ثم هلك الباقون بالصيحة والدمدمة . وكان الأعمش والحسن وابن أبي إسحاق وعاصم وحمزة والكسائي يقرؤون : { أَنَّا } بالفتح وقال ابن الأنباري : فعلى هذا المذهب لا يحسن الوقف على { عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ } لأن { أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ } خبر كان . ويجوز أن تجعلها في موضع رفع على الإتباع للعاقبة . ويجوز أن تجعلها في موضع نصب من قول الفرّاء ، وخفض من قول الكسائي على معنى : بأنا دمرناهم ولأنا دمرناهم . ويجوز أن تجعلها في موضع نصب على الإتباع لموضع { كَيْفَ } فمن هذه المذاهب لا يحسن الوقف على { مَكْرِهِمْ } . وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو : { إِنَّا دَمَّرْنَاهُمْ } بكسر الألف على الاستئناف فعلى هذا المذهب يحسن الوقف على « مَكْرِهِمْ » . قال النحاس : ويجوز أن تنصب { عَاقِبَةُ } على خبر { كَانَ } ويكون { إِنَّا } في موضع رفع على أنها اسم « كان » . ويجوز أن تكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ تبييناً للعاقبة والتقدير : هي إنا دمرناهم قال أبو حاتم : وفي حرف أُبَيّ { أَنْ دَمَّرْنَاهُمْ } تصديقاً لفتحها . قوله تعالى : { فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوۤاْ } قراءة العامة بالنصب على الحال عند الفرّاء والنحاس أي خالية عن أهلها خراباً ليس بها ساكن . وقال الكسائي وأبو عبيدة : { خَاوِيَةً } نصب على القطع مجازه فتلك بيوتهم الخاوية ، فلما قطع منها الألف واللام نصب على الحال كقوله : { وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً } [ النحل : 52 ] . وقرأ عيسى بن عمر ونصر بن عاصم والجحدري : بالرفع على أنها خبر عن { تِلْكَ } و { بُيُوتُهُمْ } بدل من { تِلْكَ } . ويجوز أن تكون { بُيُوتُهُمْ } عطف بيان و { خَاوِيَةٌ } خبر عن { تِلْكَ } . ويجوز أن يكون رفع { خَاوِيَةٌ } على أنها خبر ابتداء محذوف أي هي خاوية ، أو بدل من { بُيُوتُهُمْ } لأن النكرة تبدل من المعرفة . { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَأَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بصالح { وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } الله ويخافون عذابه . قيل : آمن بصالح قدر أربعة آلاف رجل . والباقون خرج بأبدانهم في قول مقاتل وغيره خُرَاجٌ مثل الحمّص وكان في اليوم الأوّل أحمر ، ثم صار من الغد أصفر ، ثم صار في الثالث أسود . وكان عقر الناقة يوم الأربعاء ، وهلاكهم يوم الأحد . قال مقاتل : فقعت تلك الخراجات ، وصاح جبريل بهم خلال ذلك صيحة فخمدوا ، وكان ذلك ضحوة . وخرج صاح بمن آمن معه إلى حضرموت فلما دخلها مات صالح فسميت حضرموت . قال الضحاك : ثم بنى الأربعة الآلاف مدينة يقال لها حاضورا على ما تقدّم بيانه في قصة أصحاب الرسّ .