Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 8-9)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً } نزلت في سعد بن أبي وقّاص فيما روى الترمذي قال : أنزلت فيّ أربعُ آيات فذَكَر قصةً فقالت أم سعد : أليس قد أمر الله بالبرٰ والله لا أطعم طعاماً ، ولا أشرب شراباً حتى أموت أو تكفر قال : فكانوا إذا أرادوا أن يُطعموها شَجَرُوا فَاهَا فنزلت هذه الآية . { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً } الآية . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح . وروي عن سعد أنه قال : كنت باراً بأمي فأسلمتُ ، فقالت : لتدعنّ دينك أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعيَّر بي ، ويقال يا قاتل أمه ، وبقيت يوماً ويوماً فقلت : يا أماهٰ لو كانت لك مائة نفس ، فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني هذا ، فإن شئت فكلي ، وإن شئت فلا تأكلي ، فلما رأت ذلك أكلت ونزلت : { وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي } الآية . وقال ابن عباس : نزلت في عيّاش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه وقد فعلت أمه مثل ذلك . وعنه أيضاً : نزلت في جميع الأمة إذ لا يصبر على بلاء الله إلا صدّيق . و { حُسْناً } نصب عند البصريين على التكرير أي ووصيناه حسناً . وقيل : هو على القطع تقديره ، ووصيناه بالحسن كما تقول وصيته خيراً أي بالخير . وقال أهل الكوفة : تقديره ووصينا الإنسان أن يفعل حسناً فيقدر له فعل . وقال الشاعر : @ عَجبتُ من دَهْمَاء إذ تَشكونَا ومن أبي دَهْمَاءَ إذ يُوصينَا خيـراً بهـا كـأنّمـا خـافـونـا @@ أي يوصينا أن نفعل بها خيراً كقوله : { فَطَفِقَ مَسْحاً } [ صۤ : 33 ] أي يمسح مسحاً . وقيل : تقديره ووصيناه أمراً ذا حسنٍ ، فأقيمت الصفة مقام الموصوف ، وحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه . وقيل : معناه ألزمناه حسناً . وقراءة العامة : { حُسْناً } بضم الحاء وإسكان السين . وقرأ أبو رجاء وأبو العالية والضحاك : بفتح الحاء والسين . وقرأ الجحدري : { إحْسَاناً } على المصدر وكذلك في مصحف أُبيّ ، التقدير : ووصينا الإنسان أن يحسن إليهما إحسانا ، ولا ينتصب بوصينا لأنه قد استوفى مفعوليه . { إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } وعيد في طاعة الوالدين في معنى الكفر . { فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي ٱلصَّالِحِينَ } كرر تعالى التمثيل بحالة المؤمنين العاملين لتحرك النفوس إلى نيل مراتبهم . وقوله : { لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي ٱلصَّالِحِينَ } مبالغة على معنى فالذين هم في نهاية الصلاح وأبعد غاياته . وإذا تحصل للمؤمن هذا الحكم تحصل ثمرته وجزاؤه وهو الجنة .