Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 59-59)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه ست مسائل : الأولى : قوله تعالى : { قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ } قد مضى الكلام في تفضيل أزواجه واحدة واحدة . قال قتادة : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تسع . خمس من قريش : عائشة ، وحفصة ، وأمّ حبيبة ، وسَوْدة ، وأمّ سلمة . وثلاث من سائر العرب : ميمونة ، وزينب بنت جحش ، وجويرِية . وواحدة من بني هارون : صفية . وأما أولاده فكان للنبيّ صلى الله عليه وسلم أولاد ذكور وإناث . فالذكور من أولاده : القاسم ، أمّه خديجة ، وبه كان يُكْنَى صلى الله عليه وسلم ، وهو أوّل من مات من أولاده ، وعاش سنتين . وقال عروة : ولدت خديجة للنبيّ صلى الله عليه وسلم القاسم والطاهر وعبد الله والطيّب . وقال أبو بكر البرقي : ويقال إن الطاهر هو الطيّب وهو عبد الله . وإبراهيم أمّه مارِية القبطية ، ولد في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة ، وتوفي ابن ستة عشر شهراً ، وقيل ثمانية عشر ذكره الدَّارَقُطْنِيّ . ودفن بالبقيع . وقال صلى الله عليه وسلم : " إن له مرضعاً تُتِمّ رضاعه في الجنة " وجميع أولاد النبيّ صلى الله عليه وسلم من خديجة سوى إبراهيم . وكل أولاده ماتوا في حياته غير فاطمة . وأما الإناث من أولاده فمنهنّ : فاطمة الزهراء بنت خديجة ، ولدتها وقريش تبني البيت قبل النبوّة بخمس سنين ، وهي أصغر بناته ، وتزوّجها عليّ رضي الله عنهما في السنة الثانية من الهجرة في رمضان ، وبنى بها في ذي الحجة . وقيل : تزوّجها في رجب ، وتوفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيسير ، وهي أوّل من لحقه من أهل بيته . رضي الله عنها . ومنهنّ : زينب أمّها خديجة تزوّجها ابن خالتها أبو العاصي بن الربيع ، وكانت أمّ العاصي هالة بنت خويلد أخت خديجة . واسم أبي العاصي لَقِيط . وقيل هاشم . وقيل هُشيم . وقيل مِقْسم . وكانت أكبر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتوفيت سنة ثمان من الهجرة ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبرها . ومنهنّ : رُقَيَّة أمّها خديجة تزوجها عُتبة بن أبي لَهَب قبل النبوّة ، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه : { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ } قال أبو لهب لابنه : رأسي من رأسك حرام إن لم تطلّق ابنته ففارقها ولم يكن بَنَى بها . وأسلمت حين أسلمت أمّها خديجة ، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم هي وأخواتها حين بايعه النساء ، وتزوّجها عثمان بن عفان ، وكانت نساء قريش يقلن حين تزوّجها عثمان : @ أحسنُ شخصين رأى إنسانُ رقيةٌ وبعلها عثمانُ @@ وهاجرت معه إلى أرض الحبشة الهجرتين ، وكانت قد أسقطت من عثمان سقطاً ، ثم ولدت بعد ذلك عبد الله ، وكان عثمان يُكْنَى به في الإسلام ، وبلغ ست سنين فنقره ديك في وجهه فمات ، ولم تلد له شيئاً بعد ذلك . وهاجرت إلى المدينة ومرضت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتجهز إلى بدر فخلّف عثمانَ عليها ، فتوفّيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر ، على رأس سبعة عشر شهراً من الهجرة . وقدم زيد بن حارثة بشيراً من بدر ، فدخل المدينة حين سوَّى التراب على رُقَيَّة . ولم يشهد دفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومنهنّ : أم كلثوم أمّها خديجة تزوّجها عُتيبة بن أبي لهب أخو عتبة قبل النبوّة ، وأمره أبوه أن يفارقها للسبب المذكور في أمر رقية ، ولم يكن دخل بها ، فلم تزل بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأسلمت حين أسلمت أمها ، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أخواتها حين بايعه النساء ، وهاجرت إلى المدينة حين هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما توفّيت رقية تزوّجها عثمان ، وبذلك سمي ذا النُّورَيْن . وتوفيت في حياة النبيّ صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة تسع من الهجرة . وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرها ، ونزل في حفرتها عليّ والفضل وأسامة . وذكر الزبير بن بكار أن أكبر ولد النبيّ صلى الله عليه وسلم : القاسم ، ثم زينب ، ثم عبد الله ، وكان يقال له الطيّب والطاهر ، ووُلد بعد النبوّة ومات صغيراً . ثم أمّ كلثوم ، ثم فاطمة ، ثم رقية . فمات القاسم بمكة ثم مات عبد الله . الثانية : لما كانت عادة العربيات التبذّل ، وكنّ يكشفْن وجوههنّ كما يفعل الإماء ، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن ، وتشعب الفكرة فيهن ، أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن ، وكنّ يتبرّزن في الصحراء قبل أن تتخذ الكُنُف فيقع الفرق بينهن وبين الإماء ، فتُعرف الحرائر بسترهن ، فيكُفّ عن معارضتهن من كان عذَبا أو شابًّا . وكانت المرأة من نساء المؤمنين قبل نزول هذه الآية تتبرّز للحاجة فيتعرضّ لها بعض الفجار يظن أنها أَمَة ، فتصيح به فيذهب ، فشكوا ذلك إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم . ونزلت الآية بسبب ذلك . قال معناه الحسن وغيره . الثالثة : قوله تعالى : { مِن جَلاَبِيبِهِنَّ } الجلابيب جمع جلباب ، وهو ثوب أكبر من الخمار . وروي عن ابن عباس وابن مسعود أنه الرداء . وقد قيل : إنه القناع . والصحيح أنه الثوب الذي يستر جميع البدن . وفي صحيح مسلم عن أمّ عطيّة قلت : يا رسول الله ، إحدانا لا يكون لها جلباب ؟ قال : " لِتُلْبِسْها أختُها من جلبابها " . الرابعة : واختلف الناس في صورة إرخائه فقال ابن عباس وعَبيدة السَّلْمانيّ : ذلك أن تلوِيه المرأة حتى لا يظهر منها إلا عين واحدة تُبصر بها . وقال ابن عباس أيضاً وقتادة : ذلك أن تلويه فوق الجبين وتشدّه ، ثم تعطِفه على الأنف ، وإن ظهرت عيناها لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه . وقال الحسن : تغطّي نصف وجهها . الخامسة : أمر الله سبحانه جميع النساء بالستر ، وأن ذلك لا يكون إلا بما لا يصف جلدها ، إلا إذا كانت مع زوجها فلها أن تلبس ما شاءت لأن له أن يستمتع بها كيف شاء . " ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال : « سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن وماذا فتح من الخزائن من يوقِظ صواحب الحجر رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٍ في الآخرة » " . " وروي أن دِحْيَةَ الكلْبيّ لما رجع من عند هِرقْل فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قُبْطِيّة فقال : « اجعل صديعاً لك قميصاً وأعط صاحبتك صديعاً تختمر به » " والصّديع النصف . " ثم قال له : « مُرْها تجعل تحتها شيئاً لئلا يصف » " وذكر أبو هريرة رقّة الثياب للنساء فقال : الكاسيات العاريات الناعمات الشقيّات . ودخل نسوة من بني تميم على عائشة رضي الله عنها عليهنّ ثياب رِقاق ، فقالت عائشة : إن كنتنّ مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات ، وإن كنتن غير مؤمنات فتمتعينه . وأدخلت امرأة عروس على عائشة رضي الله عنها وعليها خمار قُبْطِيّ مُعَصْفَر ، فلما رأتها قالت : لم تؤمن بسورة « النور » امرأة تلبس هذا . وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " نساء كاسيات عاريات مائلات مُمِيلات رؤوسهن مثل أسنمة البُخْت لا يَدخلْنَ الجنة ولا يجدْنَ ريحها " وقال عمر رضي الله عنه : ما يمنع المرأة المسلمة إذا كانت لها حاجة أن تخرج في أطمارها أو أطمار جارتها مستخفية ، لا يعلم بها أحد حتى ترجع إلى بيتها . السادسة : قوله تعالى : { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ } أي الحرائر ، حتى لا يختلطن بالإماء ، فإذا عُرفن لم يقابلن بأدنى من المعارضة مراقبة لرتبة الحرّية ، فتنقطع الأطماع عنهن . وليس المعنى أن تُعرف المرأة حتى تُعلم من هي . وكان عمر رضي الله عنه إذا رأى أمَة قد تقنعت ضربها بالدرّة ، محافظة على زيّ الحرائر . وقد قيل : إنه يجب الستر والتقنعّ الآن في حق الجميع من الحرائر والإماء . وهذا كما أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منعوا النساء المساجد بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قوله : " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله " حتى قالت عائشة رضي الله عنها : لو عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا لمنعهنّ من الخروج إلى المساجد كما مُنعت نساء بني إسرائيل . { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } تأنيس للنساء في ترك الجلابيب قبل هذا الأمر المشروع .