Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 6-7)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً } أي فعادوه ولا تطيعوه . ويدلكم على عداوته إخراجه أباكم من الجنة ، وضمانه إضلالكم في قوله : { وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ } [ النساء : 119 ] الآية . وقوله : { لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } [ الأعراف : 16 17 ] الآية . فأخبرنا جل وعز أن الشيطان لنا عدوّ مبين ، واقتص علينا قصته ، وما فعل بأبينا آدم صلى الله عليه وسلم ، وكيف انتدب لعداوتنا وغرورنا من قبل وجودنا وبعده ، ونحن على ذلك نتولاه ونطيعه فيما يريد منا مما فيه هلاكنا ، وكان الفضيل بن عِياض يقول : يا كذاب يا مُفْتَرٍ ، اتق الله ولا تَسُبَّ الشيطان في العلانية وأنت صديقه في السر . وقال ابن السماك : يا عجباً لمن عصى المحسن بعد معرفته بإحسانه ! وأطاع اللعين بعد معرفته بعداوته ! وقد مضى هذا المعنى في « البقرة » مجوَّداً . و « عدُوّ » في قوله : « إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ » يجوز أن يكون بمعنى معادٍ ، فيثنّى ويجمع ويؤنث . ويكون بمعنى النسب فيكون موحداً بكل حال كما قال جل وعز : { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ } [ الشعراء : 77 ] . وفي المؤنث على هذا أيضاً عدوّ . النحاس : فأما قول بعض النحويين إن الواو خفية فجاؤوا بالهاء فخطأ ، بل الواو حرف جلد . { إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ } كفّت « ما » « إنّ » عن العمل فوقع بعدها الفعل . { حِزْبَهُ } أي أشياعه . { لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } فهذه عداوته . { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } يكون « الَّذِينَ » بدلاً « مِنْ أَصْحَابِ » فيكون في موضع خفض ، أو يكون بدلاً من « حِزْبَه » فيكون في موضع نصب ، أو يكون بدلاً من الواو فيكون في موضع رفع . وقول رابع وهو أحسنها : يكون في موضع رفع بالابتداء ويكون خبره « لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ » وكأنه سبحانه بيّن حال موافقته ومخالفته ، ويكون الكلام قد تَمّ في قوله : { مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } ثم ابتدأ فقال : { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } . { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } في موضع رفع بالابتداء أيضاً ، وخبره { لَهُم مَّغْفِرَةٌ } أي لذنوبهم . { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } وهو الجنة .