Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 19-19)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلأ ٱللَّهُ } قال الماورديّ : وفيه وإن كان الرسول عالماً بالله ثلاثة أوجه : يعني ٱعلم أن الله أعلمك أن لا إلٰه إلا الله . الثاني ما علمته ٱستدلالاً فٱعلمه خبراً يقيناً . الثالث يعني فاذكر أن لا إلٰه إلا الله فعبّر عن الذكر بالعلم لحدوثه عنه . وعن سفيان بن عيينة أنه سئل عن فضل العلم فقال : ألم تسمع قوله حين بدأ به { فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلا ٱللَّهُ وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ } [ محمد : 19 ] فأمر بالعمل بعد العلم وقال : { ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ إلى قوله سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } [ الحديد : 0 2 ـ21 ] وقال : { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ } [ الأنفال : 82 ] . ثم قال بعد : « فَٱحْذَرُوهُمْ » . وقال تعالى : { وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ } [ الأنفال : 41 ] . ثم أمر بالعمل بعد . قوله تعالى : { وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ } يحتمل وجهين : أحدهما يعني ٱستغفر الله أن يقع منك ذنب . الثاني ٱستغفر الله ليعصمك من الذنوب . وقيل : لما ذكر له حال الكافرين والمؤمنين أمره بالثبات على الإيمان أي ٱثبت على ما أنت عليه من التوحيد والإخلاص والحذر عما تحتاج معه إلى ٱستغفار . وقيل : الخطاب له والمراد به الأمة وعلى هذا القول توجب الآية استغفار الإنسان لجميع المسلمين . وقيل : كان عليه السلام يضيق صدره من كفر الكفار والمنافقين فنزلت الآية . أي فٱعلم أنه لا كاشف يكشف ما بك إلا الله ، فلا تعلق قلبك بأحد سواه . وقيل : أمر بالاْستغفار لتقتدي به الأمة . { وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } أي ولذنوبهم . وهذا أمر بالشفاعة . وروى مسلم عن عاصم الأحول عن عبد الله بن سَرْجِس المخزوميّ قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأكلت من طعامه فقلت : يا رسول الله ، غفر الله لكٰ فقال له صاحبي : هل ٱستغفر لك النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، ولك . ثم تلا هذه الآية : { وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } ثم تحوّلت فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه ، جُمْعاً عليه خِيلان كأنه الثآليل . { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ } فيه خمسة أقوال : أحدها يعلم أعمالكم في تصرفكم وإقامتكم . الثاني « مُتَقَلَّبَـكُم » في أعمالكم نهاراً « وَمَثْوَاكُمْ » في ليلكم نياماً . وقيل « مُتَقَلَّبَـكُمْ » في الدنيا . « وَمَثْوَاكُمْ » في الدنيا والآخرة قاله ابن عباس والضحاك . وقال عكرمة : « مُتَقَلَّبَـكُمْ » في أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات . « وَمَثْوَاكُمْ » مقامكم في الأرض . وقال ابن كَيْسان : « مُتَقَلَّبَـكُمْ » من ظهر إلى بطن إلى الدنيا . « ومثواكم » في القبور . قلت : والعموم يأتي على هذا كله ، فلا يخفى عليه سبحانه شيء من حركات بني آدم وسكناتهم ، وكذا جميع خلقه . فهو عالم بجميع ذلك قبل كونه جملة وتفصيلاً أُولَى وأخْرَى . سبحانه ! لا إلٰه إلا هو .