Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 46-47)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } فيه مسألتان : الأولى : لما ذكر أحوال أهل النار ذكر ما أعدّ للأبرار . والمعنى خاف مقامه بين يدي ربه للحساب فترك المعصية . فـ « ـمَقَامَ » مصدر بمعنى القيام . وقيل : خاف قيام ربه عليه أي إشرافه وٱطلاعه عليه بيانه قوله تعالى : { أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } [ الرعد : 33 ] وقال مجاهد وإبراهيم النخعي : هو الرجل يَهُمّ بالمعصية فيذكر الله فيدعها من خوفه . الثانية : هذه الآية دليل على أن من قال لزوجه : إن لم أكن من أهل الجنة فأنت طالق أنه لا يحنث إن كان هَمَّ بالمعصية وتركها خوفاً من الله وحياءً منه . وقال به سفيان الثوريّ وأفتى به . وقال محمد بن عليّ الترمذيّ : جنةٌ لخوفه من ربه ، وجنةٌ لتركه شهوته . وقال ٱبن عباس : من خاف مقام ربه بعد أداء الفرائض . وقيل : المقام الموضع أي خاف مقامه بين يدي ربه للحساب كما تقدّم . ويجوز أن يكون المقام للعبد ثم يضاف إلى الله ، وهو كالأجل في قوله : { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ } [ الأعراف : 34 ] وقوله في موضع آخر : { إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخَّرُ } [ نوح : 4 ] . { جَنَّتَانِ } أي لمن خاف جنتان على حدة فلكل خائف جنتان . وقيل : جنتان لجميع الخائفين والأوّل أظهر . وروي عن ٱبن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الجنتان بستانان في عرض الجنة كل بستان مسيرة مائة عام في وسط كل بستان دار من نور وليس منها شيء إلا يهتز نغمة وخضرة ، قرارها ثابت وشجرها ثابت " ذكره المهدوي والثعلبي أيضاً من حديث أبي هريرة . وقيل : إن الجنتين جنته التي خلقت له وجنة ورثها . وقيل : إحدى الجنتين منزله والأخرى منزل أزواجه كما يفعله رؤساء الدنيا . وقيل : إن إحدى الجنتين مسكنه والأخرى بستانه . وقيل : إن إحدى الجنتين أسافل القصور والأخرى أعاليها . وقال مقاتل : هما جنة عدن وجنة النعيم . وقال الفراء : إنما هي جنة واحدة فثنى لرؤوس الآي . وأنكر القتبي هذا وقال : لا يجوز أن يقال خزنة النار عشرون وإنما قال تسعة عشر لمراعاة رؤوس الآي . وأيضاً قال : { ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ } . وقال أبو جعفر النحاس : قال الفراء قد تكون جنة فَتُثَنَّى في الشعر وهذا القول من أعظم الغلط على كتاب الله عز وجل ، يقول الله عز وجل : « جَنَّتَانِ » ويصفهما بقوله : « فِيهِمَا » فيدع الظاهر ويقول : يجوز أن تكون جنة ويحتج بالشعر ! وقيل : إنما كانتا ٱثنتين ليضاعف له السرور بالتنقل من جهة إلى جهة . وقيل : نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه خَاصةً حين ذكر ذات يوم الجنة حين أُزْلِفَت والنار حين بُرِّزَت قاله عطاء وٱبن شَوْذَب . وقال الضحاك : بل شرب ذات يوم لبناً على ظمإ فأعجبه ، فسأل عنه فأخبر أنه من غير حِلّ فاستقاءه ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه فقال : " رحمك الله لقد أنزلت فيك آية " وتلا عليه هذه الآية .