Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 66, Ayat: 2-2)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فيه ثلاث مسائل : الأولى ـ : قوله تعالى : { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } تحليل اليمين كفّارتها . أي إذا أحببتم استباحة المحلوف عليه ، وهو قوله تعالى في سورة « المائدة » : { فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ } [ المائدة : 89 ] . ويتحصل من هذا أن من حَرّم شيئاً من المأكول والمشروب لم يَحْرُم عليه عندنا ، لأن الكفارة لليمين لا للتحريم على ما بيّناه . وأبو حنيفة يراه يميناً في كل شيء ، ويعتبر الانتفاع المقصود فيما يحرّمه ، فإذا حَرّم طعاماً فقد حلف على أكله ، أو أَمَةً فعلى وطئها ، أو زوجةً فعلى الإيلاء منها إذا لم يكن له نية ، وإن نوى الظِّهار فظهارٌ ، وإن نوى الطلاق فطلاق بائن . وكذلك إن نوى ثنتين أو ثلاثاً . وإن قال : نَوَيت الكذب دِينَ فيما بينه وبين الله تعالى . ولا يَدين في القضاء بإبطال الإيلاء . وإن قال : كل حلال عليه حرام فعلى الطعام والشراب إذا لم يَنْو ، وإلا فعلى ما نَوَى . ولا يراه الشافعي يميناً ولكن سبباً في الكفارة في النساء وحدهن . وإن نوى الطلاق فهو رجعي عنده ، على ما تقدم بيانه . فإن حلف ألا يأكله حنِث وَيَبرّ بالكفارة . الثانية ـ : فإن حَرّم أَمَته أو زوجته فكفّارة يمين ، كما في صحيح مسلم عن ابن عباس قال : إذا حَرَّم الرجل عليه امرأته ، فهي يمين يكفّرها . وقال : لقد كان لكم في رسول الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ . الثالثة ـ : قيل : إن النبيّ صلى الله عليه وسلم كفّر عن يمينه . وعن الحسن : لم يكفّر ، لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم قد غُفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر ، وكفارة اليمين في هذه السورة إنما أمر بها الأمّة . والأوّل أصح ، وأن المراد بذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم . ثم إن الأمّة تقتدي به في ذلك . وقد قدّمنا عن زيد بن أسلم أنه عليه السلام كفّر بعتق رقبة . وعن مقاتل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق رقبة في تحريم مارية . والله أعلم . وقيل : أي قد فرض الله لكم تحليل مِلْك اليمين ، فبيّن في قوله تعالى : { مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُ } [ الأحزاب : 38 ] أي فيما شرعه له في النساء المحلّلات . أي حلّل لكم مِلك الأيمان ، فلِم تُحَرّم مارية على نفسك مع تحليل الله إياها لك . وقيل : تحِلّة اليمين الاستثناء ، أي فرض الله لكم الاستثناء المخرج عن اليمين . ثم عند قوم يجوز الاستثناء من الأيمان متى شاء وإن تحلّل مدّة . وعند المُعْظَم لا يجوز إلا متصلاً ، فكأنه قال : استثن بعد هذا فيما تحلف عليه . وتَحِلة اليمين تَحليلُها بالكفارة ، والأصل تحللة ، فأدغمت . وتفعلة من مصادر فَعّل كالتّسمية والتّوصية . فالتَّحِلّة تحليل اليمين . فكأن اليمين عَقْد والكفّارة حلّ . وقيل : التّحِلّة الكفارة أي إنها تُحِل للحالف ما حَرّم على نفسه أي إذا كَفّر صار كمن لم يحلف . { وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ } وَلِيّكم وناصركم بإزالة الحظر فيما تحرّمونه على أنفسكم ، وبالترخيص لكم في تحليل أيمانكم بالكفارة ، وبالثواب على ما تخرجونه في الكفارة .