Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 66, Ayat: 3-3)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَإِذَ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً } أي واذكر إذ أسرّ النبيّ إلى حفصة « حَدِيثاً » يعني تحريم مارية على نفسه واستكتامه إياها ذلك . وقال الكَلبيّ : أسرّ إليها أن أباك وأبا عائشة يكونان خليفتيّ على أمّتي من بعدي وقاله ابن عباس . قال : أسرّ أمر الخلافة بعده إلى حفصة فذكرته حفصة . روى الدَّارَقُطْنيّ في سننه عن الكَلْبي عن أبي صالح : " عن ابن عباس في قوله تعالى : { وَإِذَ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً } قال : اطلعت حفصة على النبيّ صلى الله عليه وسلم مع أم إبراهيم فقال : « لا تخبري عائشة » وقال لها « إن أباك وأباها سيملكان أو سَيَلِيَان بعدي فلا تخبري عائشة » قال : فانطلقت حفصة فأخبرت عائشة فأظهره الله عليه ، فعرّف بعضه وأعرض عن بعض . قال أعرض عن قوله : « إن أباكِ وأباها يكونان بعدي » " كره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينشر ذلك في الناس . { فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ } أي أخبرت به عائشة لمصافاة كانت بينهما ، وكانتا متظاهرتين على نساء النبيّ صلى الله عليه وسلم . { وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ } أي أطلعه الله على أنها قد نَبَّأت به . وقرأ طلحة بن مُصَرِّف « فلما أنبأت » وهما لغتان : أنبأ ونَبّأ . ومعنى « عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَض عَنْ بَعْضٍ » عَرَّف حفصة بعض ما أوحي إليه من أنها أخبرت عائشة بما نهاها عن أن تخبرها ، وأعرض عن بعض تَكَرُّماً قاله السُّدّي . وقال الحسن : ما استقصى كريمٌ قطّ قال الله تعالى : { عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ } . وقال مقاتل : يعني أخبرها ببعض ما قالت لعائشة ، وهو حديث أم ولده ولم يخبرها ببعض وهو قول حفصة لعائشة : إن أبا بكر وعمر سيملكان بعده . وقراءة العامة { عَلَيْهِ } مشدّداً ، ومعناه ما ذكرناه . واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ، يدل عليه قوله تعالى : { وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ } أي لم يعرّفها إياه . ولو كانت مخففة لقال في ضدّه وأنكر بعضاً . وقرأ عليّ وطلحة بن مُصَرِّف وأبو عبد الرحمن السُّلَمِي والحسن وقتادة والكلبي والكسائي والأعمش عن أبي بكر « عَرَف » مخففة . قال عطاء : كان أبو عبد الرحمن السُّلَمي إذا قرأ عليه الرجل « عرف » مشدّدة حَصَبه بالحجارة . قال الفرّاء : وتأويل قوله عز وجل : « عَرَف بَعْضَهُ » بالتخفيف ، أي غضب فيه وجازى عليه وهو كقولك لمن أساء اليك : لاعرفَنّ لك ما فعلت ، أي لأجازِيَنَّك عليه . وجازاها النبيّ صلى الله عليه وسلم بأن طلّقها طلقة واحدة . فقال عمر : لو كان في آل الخطاب خير لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طلقك . فأمره جبريل بمراجعتها وشفع فيها . واعتزل النبيّ صلى الله عليه وسلم نساءه شهراً ، وقعد في مشربة مارية أمّ إبراهيم حتى نزلت آية التحريم على ما تقدم . وقيل : هَمّ بطلاقها حتى قال له جبريل : « لاتطلّقها فإنها صوّامة قوّامة وإنها من نسائك في الجنة » فلم يطلّقها . { فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ } أي أخبر حفصة بما أظهره الله عليه . { قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا } يا رسول الله عني . فظنّت أن عائشة أخبرته ، فقال عليه السلام : { نَبَّأَنِيَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ } أي الذي لا يخفى عليه شيء . و « هذا » سدّ مسدّ مفعولي « أنْبَأ » . و « نَبّأَ » الأول تعدى إلى مفعول ، و « نَبَّأ » الثاني تعدّى إلى مفعول واحد ، لأن نَبّأ وأنبأ إذا لم يدخلا على المبتدأ والخبر جاز أن يكتفي فيهما بمفعول واحد وبمفعولين ، فإذا دخلا على الابتداء والخبر تعدّى كلّ واحد منهما إلى ثلاثة مفعولين . ولم يجز الاقتصار على الاثنين دون الثالث ، لأن الثالث هو خبر المبتدأ في الأصل فلا يقتصر دونه ، كما لا يقتصر على المبتدأ دون الخبر .