Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 10-13)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني الأخنس بن شَرِيق في قول الشعبيّ والسُّديّ وٱبن إسحاق . وقيل : الأسود بن عبد يغوث ، أو عبد الرحمن بن الأسود قاله مجاهد . وقيل : الوليد بن المغيرة ، عرض على النبيّ صلى الله عليه وسلم مالاً وحلف أن يعطيه إن رجع عن دينه قاله مقاتل . وقال ابن عباس : هو أبو جهل بن هشام . والحلاّف : الكثير الحَلِف . والمَهِين : الضعيف القلب عن مجاهد . ٱبن عباس : الكذاب . والكذاب مهين . وقيل : المكثار في الشَّر قاله الحسن وقتادة . وقال الكلبيّ : المَهِين الفاجر العاجز . وقيل : معناه الحقير عند الله . وقال ٱبن شجرة : إنه الذليل . الرُّمّاني : المهين الوضيع لإكثاره من القبيح . وهو فعيل من المهانة بمعنى القلة . وهي هنا القلة في الرأي والتمييز . أو هو فعيل بمعنى مُفْعَل والمعنى مُهان . { هَمَّازٍ } قال ابن زيد : الهّماز الذي يهمز الناس بيده ويضربهم . واللماز باللسان . وقال الحسن : هو الذي يهمز ناحية في المجلس كقوله تعالى : { هُمَزَة } [ الهمزة : 1 ] وقيل : الهَمّاز الذي يذكر الناس في وجوههم . واللّماز الذي يذكرهم في مغيبهم قاله أبو العالية وعطاء بن أبي رباح والحسن أيضاً . وقال مقاتل ضدّ هذا الكلام : إن الهُمَزَة الذي يغتاب بالغيبة . واللُّمَزَة الذي يغتاب في الوجه . وقال مرّة : هما سواء . وهو القَتّات الطّعّان للمرء إذا غاب . ونحوه عن ابن عباس وقتادة . قال الشاعر : @ تُدْلِي بودّ إذا لاقيتني كذباً وإنْ أغِبْ فأنت الهامز اللُّمَزَهْ @@ { مَّشَّآءِ بِنَمِيمٍ } أي يمشي بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم . يقال : نَمّ يَنِمّ نَمًّا ونَمِيماً ونَمِيمَةً أي يمشي ويسعى بالفساد . وفي صحيح مسلم : عن حُذيفة أنه بلغه أن رجلاً ينمّ الحديث ، فقال حذيفة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يدخل الجنة نمّام " وقال الشاعر : @ وموْلىً كبيت النمل لا خير عنده لمولاه إلا سَعْيُه بنميم @@ قال الفرّاء : هما لغتان . وقيل : النَّميم جمع نَميمة . { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ } أي للمال أن ينفق في وجوهه . وقال ابن عباس : يمنع عن الإسلام ولده وعشيرته . وقال الحسن : يقول لهم من دخل منكم في دين محمد لا أنفعه بشيء أبداً . { مُعْتَدٍ } أي على الناس في الظلم ، متجاوز للحدّ ، صاحب باطل . { أَثِيمٍ } أي ذي إثم ، ومعناه أَثُوم ، فهو فَعيل بمعنى فعول . { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } العُتُلّ الجافي الشديد في كفره . وقال الكلبيّ والفراء : هو الشديد الخصومة بالباطل . وقيل : إنه الذي يعتِل الناس فيجرّهم إلى حبس أو عذاب . مأخوذ من العَتْل وهو الجرّ ومنه قوله تعالى : { خُذُوهُ فَٱعْتِلُوهُ } [ الدخان : 47 ] وفي الصَّحاح : وعتلت الرجل أعْتِله وأعْتُله إذا جذبته جذباً عنيفاً . ورجل مِعْتَل بالكسر . وقال يصف فرساً : @ نَفْرعه فرعاً ولسنا نَعْتِله @@ قال ابن السكيت : عَتَله وَعتَنه ، باللام والنون جميعاً . والْعُتُلّ الغليظ الجافي . والْعُتُلّ أيضاً : الرمح الغليظ : ورجل عَتِلٌ بالكسر بَيِّن العَتَل أي سريع إلى الشر . ويقال : لا أنعتل معك أي لا أبرح مكاني . وقال عُبيد بن عمير : العُتُلّ الأكول الشروب القويّ الشديد يوضع في الميزان فلا يزن شعيرة يدفع المَلَك من أولئك في جهنم بالدُّفعة الواحدة سبعين ألفاً . وقال عليّ بن أبي طالب والحسن : العُتُلّ الفاحش السييء الخلق . وقال مَعْمَر : هو الفاحش اللئيم . قال الشاعر : @ بعُتُلّ من الرجال زَنِيم غير ذي نجدة وغير كريم @@ وفي صحيح مسلم . عن حارثة بن وهب سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " ألاَ أخبركم بأهل الجنة قالوا بلى قال كلُّ ضعيف مُتَضَعِّف لو أقسم على الله لأبرّه . ألا أخبركم بأهل النار قالوا بلى قال كلُّ عُتُلٍّ جَوّاظٍ مُسْتَكْبِر " في رواية عنه " كلُّ جوّاظ زَنيم متكبّر " الجَوّاظ : قيل هو الجَمُوع المنوع . وقيل الكثير اللحم المختال في مشيته . وذكر الماوردي عن شَهْر بن حَوْشَب عن عبد الرحمن بن غنم ، ورواه ٱبن مسعود : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " « لا يدخل الجنة . جَوّاظ ولا جَعْظَرِيّ ولا الْعُتُلّ الزَّنيم » . فقال رجل : ما الجوّاظ وما الجَعْظَريّ وما العُتُلّ الزَّنيم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الجوّاظ الذي جَمَع ومَنَع . والجَعْظَرِيّ الغليظ . والعُتُل الزَّنيم الشديد الخَلْق الرّحيب الجوف المصَحَّح الأكول الشروب الواجد للطعام الظلوم للناس » " وذكره الثعلبي : عن شدّاد بن أوس : " لا يدخل الجنة جَوّاظ ولا جَعْظَرِيّ ولا عُتُل زنيم " سمعتهن من النبيّ صلى الله عليه وسلم قلت : وما الجوّاظ ؟ قال : الجَمَّاع المنّاع . قلت : وما الجَعْظَرِيّ ؟ قال : الفَظّ الغليظ . قلت : وما العُتُلّ الزنيم ؟ قال : الرّحِيب الجوَفْ الوثَيِر الخْلَق الأكول الشروب الغشوم الظلوم . قلت : فهذا التفسير من النبيّ صلى الله عليه وسلم في العُتُل قد أربى على أقوال المفسرين . ووقع في كتاب أبي داود في تفسير الجَوّاظ أنه الفظّ الغليظ . ذكره من حديث حارثة بن وهب الخزاعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة الجَوّاظ ولا الجَعْظَرِيّ " قال : والجوّاظ الفظّ الغليظ . ففيه تفسيران مرفوعان حسب ما ذكرناه أوّلاً . وقد قيل : إنه الجافي القلب . وعن زيد بن أسلم في قوله تعالى : { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } قال : قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " تبكي السماء من رجل أصحّ الله جِسْمَه ورحّب جَوْفَه وأعطاه من الدنيا بعضاً فكان للناس ظلوماً فذلك الْعُتُلّ الزنيم . وتبكي السماء من الشيخ الزاني ما تكاد الأرض تُقِلّه " والزّنِيم المُلْصَق بالقوم الدَّعيّ عن ابن عباس وغيره . قال الشاعر : @ زَنيمٌ تداعاه الرجال زيادةً كما زيد في عَرْضِ الأدِيم الأكارعُ @@ وعن ابن عباس أيضاً : أنه رجل من قريش كانت له زَنَمة كزنمة الشاة . وروى عنه ابن جُبَير : أنه الذي يُعرف بالشر كما تُعرف الشاة بزنمتها . وقال عِكرِمة : هو اللئيم الذي يُعرف بلؤمه كما تُعرف الشاة بزنمتها . وقيل : إنه الذي يعرف بالأُبنْةِ . وهو مروي عن ابن عباس أيضاً . وعنه أنه الظلوم . فهذه ستة أقوال . وقال مجاهد : زَنِيم كانت له ستة أصابع في يده ، في كل إبهام له إصبع زائدة . وعنه أيضاً وسعيد ابن المسيّب وعكرمة : هو ولد الزّنى الملحق في النسب بالقوم . وكان الوَلِيد دَعِيًّا في قريش ليس من سِنْخهم ادّعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة من مولده . قال الشاعر : @ زنِيمٌ ليس يُعرف مَن أبوه بغيّ الأُمّ ذو حسب لئيم @@ وقال حَسَّان : @ وأنت زَنِيم نِيط في آل هاشمٍ كما نِيط خَلْفَ الراكب القَدَحُ الفَرْدُ @@ قلت : وهذا هو القول الأول بعينه . وعن عليّ رضي الله عنه أنه الذي لا أصل له والمعنى واحد . وروِي : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " لا يدخل الجنة وَلَدُ زنىً ولا ولده ولا ولد ولده " وقال عبد الله بن عمر : إن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " إن أولاد الزنى يحشرون يوم القيامة في صورة القردة والخنازير " وقالت ميمونة : سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تزال أمتي بخير ما لم يَفْشُ فيهم ولدُ الزِّنَى فإذا فَشَا فيهم ولد الزنى أوشكَ أن يعمهم الله بعقاب " وقال عكرمة : إذا كثر ولد الزنى قحط المَطَرُ . قلت : أما الحديث الأول والثاني فما أظن لهما سنداً يصح ، وأما حديث ميمونة وما قاله عكرمة ففي صحيح مسلم " عن زينب بنت جَحْش زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم قالت : خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم يوماً فزِعاً مُحْمَرًّا وَجْهُهُ يقول : « لا إلٰه إلا الله . ويلٌ للعرب من شرّ قد اقترب . فُتح اليومَ من رَدْم يأجوج ومأجوج مثلُ هذه » وحلّق بإصبعيه الإبهام والتي تليها . قالت فقلت : يا رسول الله ، أَنَهْلِك وفينا الصالحون ؟ قال : « نعم إذا كثُر الخَبَث » " خرّجه البخارِيّ . وكثرة الخبث ظهور الزنى وأولاد الزنى كذا فسّره العلماء . وقول عكرمة « قحط المطر » تبيينٌ لما يكون به الهلاك . وهذا يحتاج إلى توقيف ، وهو أعلم من أين قاله . ومعظم المفسرين على أن هذا نزل في الوليد بن المغيرة ، وكان يُطعم أهلَ مِنىً حَيْساً ثلاثة أيام ، وينادي ألاَ لا يوقدنّ أحد تحت بُرْمَةٍ ، ألا لا يدخّنن أحد بكُراع ، ألا ومن أراد الحَيْس فليأت الوليد بن المغيرة . وكان ينفق في الحجة الواحدة عشرين ألفاً وأكثر ، ولا يعطي المسكين درهماً واحداً فقيل : « مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ » . وفيه نزل : { وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ } [ فصلت : 6 - 7 ] . وقال محمد بن إسحاق : نزلت في الأَخْنَس بن شَريق ، لأنه حليف مُلْحق في بني زُهْرة ، فلذلك سُمِّيَ زَنِيماً . وقال ابن عباس : في هذه الآية نُعِت ، فلم يعرف حتى قُتل فعرُف ، وكان له زَنَمة في عنقه معلّقة يُعرف بها . وقال مُرّة الهَمْدانيّ : إنما ٱدعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة .