Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 69, Ayat: 15-17)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } أي قامت القيامة . { وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ } أي ٱنصدعتْ وتفطّرت . وقيل : تنشق لنزول ما فيها من الملائكة دليله قوله تعالى : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً } [ الفرقان : 25 ] وقد تقدم . { فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } أي ضعيفة . يقال : وَهَى البناء يَهِي وَهْياً فهو واهٍ إذا ضَعُف جدًّا . ويقال : كلامٌ وَاهٍ أي ضعيف . فقيل : إنها تصير بعد صلابتها بمنزلة الصوف في الوَهْي ويكون ذلك لنزول الملائكة كما ذكرنا . وقيل : لهول يوم القيامة . وقيل : { وَاهِيَةٌ } أي متخرّقة قاله ابن شجرة . مأخوذ من قولهم : وهَى السقاء إذا تخرّق . ومن أمثالهم : @ خَلِّ سبيلَ من وَهَى سِقاؤه ومن هُرِيق بالفلاة ماؤه @@ أي من كان ضعيف العقل لا يحفظ نفسه . { وَٱلْمَلَكُ } يعني الملائكة اسم للجنس . { عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ } أي على أطرافها حين تنشق لأن السماء مكانهم عن ابن عباس . الماوردِيّ : ولعله قول مجاهد وقتادة . وحكاه الثعلبيّ عن الضحاك ، قال : على أطرافها مما لم ينشق منها . يريد أن السماء مكان الملائكة فإذا انشقت صاروا في أطرافها . وقال سعيد بن جُبَير : المعنى والمَلَكُ على حافات الدنيا أي ينزلون إلى الأرض ويحرسون أطرافها . وقيل : إذا صارت السماء قِطَعاً تقف الملائكة على تلك القطع التي ليست متشققة في أنفسها . وقيل : إن الناس إذا رأوا جهنم هالتهم فَينِدُّوا كما تَنِدّ الإبل ، فلا يأتون قُطْراً من أقطار الأرض إلا رأوا ملائكة فيرجعون من حيث جاءوا . وقيل : { عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ } ينتظرون ما يؤمرون به في أهل النار من السَّوق إليها ، وفي أهل الجنة من التّحية والكرامة . وهذا كله راجع إلى معنى قول ابن جُبير . ويدل عليه : { وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً } وقوله تعالى : { يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [ الرحمن : 33 ] على ما بيناه هناك . والأرجاء النواحي والأقطار بلغة هذيل ، واحدها رَجاً مقصور ، وتثنيته رَجَوان مثل عَصاً وعَصَوان . قال الشاعر : @ فلا يُرْمَى بِيَ الرَّجَوَان أنّي أقلُّ القومِ مَن يُغْنِي مكانِي @@ ويقال ذلك لحرف البئر والقبر . قوله تعالى : { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } قال ابن عباس : ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عددهم إلا الله . وقال ابن زيد : هم ثمانية أملاك . وعن الحسن : الله أعلم كم هم ، ثمانية أم ثمانية آلاف . وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم " أن حملة العرش اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله تعالى بأربعة آخرين فكانوا ثمانية " ذكره الثعلبيّ . وخَرّجه الماورديّ عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يحمله اليوم أربعة وهم يوم القيامة ثمانية " وقال العباس بن عبد الملك : هم ثمانية أملاك على صورة الأوعال . ورواه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم . وفي الحديث : " إن لكل مَلَك منهم أربعة أوجه وجه رجل ووجه أسد ووجه ثَوْر ووجه نَسْر وكلّ وجه منها يسأل الله الرزق لذلك الجنس " ولما أنشد بين يدي النبيّ صلى الله عليه وسلم قولُ أُميَّة بن أبي الصَّلْت : @ رَجُلٌ وثَوْرٌ تحت رِجل يمينه والنَّسْرٌ للآخرى ولَيْثٌ مُرْصَدُ والشمس تطلع كلّ آخر ليلةٍ حمراء يُصبح لَوْنُهَا يَتَوَرَّدُ ليست بطالعة لهم في رِسْلِها إلاّ مُعَذّبةً وإلاّ تُجْلَدُ @@ قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " صَدَق " في الخبر « أن فوق السماء السابعة ثمانية أوعال بين أظلافهن وركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء وفوق ظهورهن العرش » . ذكره القشيريّ وخرّجه الترمذيّ من حديث العباس بن عبد المطلب . وقد مضى في سورة « البقرة » بكماله . وذكر نحوه الثعلبيّ ولَفْظه . وفي حديث مرفوع : " أن حملة العرش ثمانية أملاك على صورة الأوعال ما بين أظلافها إلى ركبها مسيرة سبعين عاماً للطائر المسرع " وفي تفسير الكلبيّ : ثمانية أجزاء من تسعة أجزاء من الملائكة . وعنه : ثمانية أجزاء من عشرة أجزاء من الملائكة . ثم ذكر عدّة الملائكة بما يطول ذكره . حكى الأوّل عنه الثعلبيّ والثاني القشيريّ . وقال الماورديّ عن ابن عباس : ثمانية أجزاء من تسعة وهم الكَرُوبِيّون . والمعنى ينزل بالعرش . ثم إضافة العرش إلى الله تعالى كإضافة البيت ، وليس البيت للسكنى ، فكذلك العرش . ومعنى : « فَوْقَهُمْ » أي فوق رؤوسهم . قال السُّدِّيّ : العرش تحمله الملائكة الحملة فوقهم ولا يحمل حملة العرش إلا الله . وقيل : « فَوْقَهُمْ » أي إن حملة العرش فوق الملائكة الذين في السماء على أرجائها . وقيل : « فَوْقَهُمْ » أي فوق أهل القيامة .