Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 59-59)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } لما بيّن أنه الخالق القادر على الكمال ذكر أقاصيص الأمم وما فيها من تحذير الكفار . واللام في « لقد » للتأكيد المنبِّه على القسم . والفاء دالة على أن الثاني بعد الأوّل . { يَاقَوْمِ } نداء مضاف . ويجوز « يا قومي » على الأصل . ونوح أوّل الرسل إلى الأرض بعد آدم عليهما السلام بتحريم البنات والأخوات والعمات والخالات . قال النحاس : وانصرف لأنه على ثلاثة أحرف . وقد يجوز أن يشتق من ناح ينوح وقد تقدّم في « آل عمران » هذا المعنى وغيره فأغنى عن إعادته . قال ابن العربيّ : ومن قال إن إدْرِيسَ كان قبله من المؤرّخينَ فقد وَهِم . والدليل على صحة وهمِه الحديث الصحيح في الإسراء حين لقي النبيّ صلى الله عليه وسلم آدم وإدريس فقال له آدم : « مرحباً بالنبيّ الصالح والابن الصالح » . وقال له إدْريسٌ : « مَرْحَباً بالنبيّ الصالح والأخ الصالح » . فلو كان إدريس أبا لنوح لقال مرحباً بالنبيّ الصالح والابن الصالح . فلما قال له والأخ الصالح دَلّ ذلك على أنه يجتمع معه في نوح ، صلوات الله عليهم أجمعين . ولا كلام لمنصف بعد هذا . قال القاضي عِياض : وجاء جواب الآباء ها هنا كنوح وإبراهيم وآدم « مرحباً بالابن الصالح » . وقال عن إدريس « بالأخ الصالح » كما ذكر عن موسى وعيسى ويوسف وهارون ويحيـى ممن ليس بِأب بٱتفاق للنبيّ صلى الله عليه وسلم . وقال المازِريّ : قد ذكر المؤرخون أن إدريس جدّ نوح عليهما السلام . فإن قام الدليل على أنّ إدريس بُعِثَ أيضاً لم يصح قول النسابين أنه قبل نوح لما أخبر عليه السلام من قول آدم أن نوحاً أوّل رسول بعث ، وإن لم يقم دليل جاز ما قالوا : وصح أن يحمل أن إدريس كان نبياً غير مرسل . قال القاضي عِياض : قد يجمع بين هذا بأن يقال : اختص بعث نوح لأهل الأرض كما قال في الحديث كافَّة كنبينا عليه السلام . ويكون إدريس لقومه كموسى وهود وصالح ولوط وغيرهم . وقد استدل بعضهم على هذا بقوله تعالى : { وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ } [ الصافات : 123 و124 ] . وقد قيل : إن إلياس هو إدريس . وقد قرىء « سلام على إِدْرَاسِين » . قال القاضي عياض : وقد رأيت أبا الحسن بن بَطّال ذهب إلى أن آدم ليس برسول ليسلم من هذا الاعتراض . وحديث أبي ذَرٍّ الطويل : يدل على أن آدم وإدريس رسولان . قال ابن عطية : ويجمع ذلك بأن تكون بعثة نوح مشهورة لإصلاح الناس وحملهم بالعذاب والإهلاك على الإيمان فالمراد أنه أوّل نبيّ بُعث على هذه الصفة . والله أعلم . وروي عن ابن عباس أن نوحاً عليه السلام بعث وهو ابن أربعين سنة . قال الكلبيّ : بعد آدم بثمانمائة سنة . وقال ابن عباس : وبقي في قومه يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً كما أخبر التنزيل . ثم عاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثُر الناس وفَشَوْا . وقال وهب : بعث نوح وهو ابن خمسين سنة . وقال عَوْن بن شدّاد : بعث نوح وهو ابن ثلثمائة وخمسين سنة . وفي كثير من كتب الحديث : الترمذيّ وغيره أن جميع الخلق الآن من ذرية نوح عليه السلام . وذكر النقّاشُ عن سليمان بن أَرْقَم عن الزهريّ : أن العرب وفارس والروم وأهل الشام وأهل اليمن من ولد سَامِ بن نوح . والسند والهند والزّنج والحبشة والزُّطّ والنُّوبة ، وكلُّ جلد أسود من ولد حَامِ بن نوح . والترك وبَرْبَر ووراء الصين ويأجوج ومأجوج والصقالبة كلهم من ولد يَافِثَ بن نوح . والخلق كلهم ذرية نوح . قوله تعالى : { مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } برفع « غَيْرُهُ » قراءة نافع وأبي عمرو وعاصم وحمزة . أي ما لكم إله غيره . نعت على الموضع . وقيل : « غير » بمعنى إلا أي ما لكم من إله إلا الله . قال أبو عمرو : ما أعرف الجر ولا النصب . وقرأ الكسائي بالخفض على الموضع . ويجوز النصب على الاستثناء ، وليس بكثير غير أن الكسائي والفراء أجازا نصب « غير » في كل موضع يحسن فيه « إلاّ » تَمَّ الكلام أو لم يتم . فأجازا : ما جاءني غيرك . قال الفراء : هي لغة بعض بني أُسْد وقُضَاعَة . وأنشد : @ لم يَمْنَع الشُّرْبَ منها غيَر أن هتفَتْ حمامةٌ في سَحُوق ذاتِ أوْقَال @@ قال الكسائيّ : ولا يجوز جاءني غيرك ، في الإيجاب لأن إلا لا تقع ها هنا . قال النحاس : لا يجوز عند البصريين نصب « غير » إذا لم يتم الكلام . وذلك عندهم من أقبح اللحن .