Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 70, Ayat: 22-35)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ } دلّ على أن ما قبله في الكفار ، فالإنسان اسم جنس بدليل الاستثناء الذي يعقبه ، كقوله تعالى : { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ . إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ العصر : 2 - 3 ] قال النخعيّ : المراد بالمصلّين الذين يؤدّون الصلاة المكتوبة . ابن مسعود : الذين يصلونها لوقتها ، فأما تركها فكفر . وقيل : هم الصحابة . وقيل : هم المؤمنون عامة ، فإنهم يغلبون فَرْطَ الجزع بثقتهم بربهم ويقينهم . { ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ } أي على مواقيتها . وقال عقبة بن عامر : هم الذين إذا صلَّوْا لم يلتفتوا يميناً ولا شمالاً . والدائم الساكن ، ومنه : نهي عن البول في الماء الدائم ، أي الساكن . وقال ابن جريج والحسن : هم الذين يكثرون فعل التطوع منها . { وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ } يريد الزكاة المفروضة ، قاله قتادة وابن سيرين . وقال مجاهد : سوى الزكاة . وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس : صلة رَحِم وحَمْل كَلٍّ . والأوّل أصح ، لأنه وصف الحق بأنه معلوم ، وسوى الزكاة ليس بمعلوم ، إنما هو على قدر الحاجة ، وذلك يقِلّ ويكثر . { لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } تقدّم في « الذاريات » . { وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } أي بيوم الجزاء وهو يوم القيامة . وقد مضى في سورة « الفاتحة » القول فيه . { وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ } أي خائفون . { إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ } قال ابن عباس : لمن أشرك أو كَذّب أنبياءه . وقيل : لا يأمنه أحد ، بل الواجب على كل أحد أن يخافه ويشفق منه . { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } تقدم القول فيه في سورة : { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [ المؤمنون : 1 ] . { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } تقدم أيضاً . { وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ } على من كانت عليه من قريب أو بعيد ، يقومون بها عند الحاكم ولا يكتمونها ولا يغيّرونها . وقد مضى القول في الشهادة وأحكامها في سورة « البقرة » . وقال ابن عباس : { بِشَهَادَاتِهِم } أن الله واحدٌ لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله . وقرىء « لأمَانَتِهِمْ » على التوحيد . وهي قراءة ابن كثير وابن مُحَيْصن . فالأمانة اسم جنس ، فيدخل فيها أمانات الدِّين ، فإن الشرائع أمانات ائتمن الله عليها عباده . ويدخل فيها أمانات الناس من الودائع ، وقد مضى هذا كله مستوفًى في سورة « النساء » . وقرأ عباس الدُّوري عن أبي عمرو ويعقوب { بِشَهَادَاتِهِم } جمعاً . الباقون { بِشَهَادَتِهِم } على التوحيد ، لأنها تؤدّي عن الجمع . والمصدر قد يفرد وإن أضيف إلى جمع ، كقوله تعالى : { إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ } [ لقمان : 19 ] . وقال الفراء : ويدلّ على أنها { بِشَهَادَتِهِم } توحيداً قوله تعالى : { وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ } [ الطلاق : 2 ] . { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } قال قتادة : على وضوئها وركوعها وسجودها . وقال ابن جُرَيج : التطوع . وقد مضى في سورة « المؤمنون » . فالدوام خلاف المحافظة . فدوامهم عليها أن يحافظوا على أدائها لا يُخِلُّون بها ولا يشتغلون عنها بشيء من الشواغل ، ومحافظتهم عليها أن يراعوا إسباغ الوضوء لها ومواقيتها ، ويقيموا أركانها ، ويكملوها بسننها وآدابها ، ويحفظوها من الإحباط باقتراب المأثم . فالدوام يرجع إلى نفس الصلوات والمحافظة إلى أحوالها . { أُوْلَـٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ } أي أكرمهم الله فيها بأنواع الكرامات .