Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 72, Ayat: 11-12)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ } هذا من قول الجنّ ، أي قال بعضهم لبعض لما دَعوا أصحابهم إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وإنا كنا قبل ٱستماع القرآن منّا الصالحون ومنّا الكافرون . وقيل : « وَمِنّا دُونَ ذَلِكَ » أي ومن دون الصالحين في الصلاح ، وهو أشبه من حمله على الإيمان والشرك . { كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً } أي فِرقاً شتّى قاله السُّديّ . الضحاك : أدياناً مختلفة . قتادة : أهواءً متباينة ومنه قول الشاعر : @ القَابِضُ الباسِطُ الْهادِي بِطاعتِهِ في فِتْنَةِ الناسِ إِذْ أَهْوَاؤُهُمْ قِدَدُ @@ والمعنى : أي لم يكن كل الجنّ كفاراً بل كانوا مختلفين : منهم كفّار ، ومنهم مؤمنون صلحاء ، ومنهم مؤمنون غير صلحاء . وقال المسيّب : كنا مسلمين ويهود ونصارى ومجوس . وقال السّدّي في قوله تعالى : { طَرَآئِقَ قِدَداً } قال : في الجنّ مثَلكم قَدَرية ، ومُرْجئة ، وخوارج ، ورافضة ، وشيعة ، وسُنّية . وقال قوم : أي وإِنا بعد ٱستماع القرآن مختلفون : منّا المؤمنون ومنّا الكافرون . أي ومنّا الصالحون ، ومنّا مؤمنون لم يتناهوا في الصلاح . والأوّل أحسن لأنه كان في الجنّ من آمن بموسى وعيسى ، وقد أخبر الله عنهم أنهم قالوا : { إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } [ الأحقاف : 30 ] وهذا يدلّ على إيمان قوم منهم بالتوراة ، وكان هذا مبالغة منهم في دعاء من دعوهم إلى الإيمان . وأيضاً لا فائدة في قولهم : نحن الآن منقسمون إلى مؤمن وإلى كافر . والطرائق : جمع الطريقة وهي مذهب الرجل ، أي كنا فرقاً مختلفة . ويقال : القوم طرائق أي على مذاهب شتّى . والقِدد : نحوٌ من الطرائق وهو توكيد لها ، واحدها : قِدّة . يقال : لكل طريق قِدّة ، وأصلها من قَدّ السيور ، وهو قطعها قال لبيد يرثي أخاه أَرْبَد : @ لم تَبْلُغِ العينُ كلَّ نَهْمَتِها ليلةَ تُمْسِي الجِيادُ كالقِددِ @@ وقال آخر : @ ولَقَدْ قُلْتُ وزَيدٌ حاسِرٌ يومَ وَلَّتْ خيلُ عَمْرو قِدَدَا @@ والقِدّ بالكسر : سير يُقَدّ من جلد غير مدبوغ ويقال : ماله قِدٌّ ولا قِحْف فالقِدُّ : إناء من جلد ، والقِحف : من خشب . قوله تعالى : { وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن نُّعْجِزَ ٱللَّهَ فِي ٱلأَرْضِ } الظنّ هنا بمعنى العلم واليقين ، وهو خلاف الظنّ في قوله تعالى : { وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ } [ الجن : 5 ] ، { وَأَنَّهُمْ ظَنُّواْ } [ الجن : 7 ] أي علمنا بالاستدلال والتفكر في آيات الله : أنَّا في قبضته وسلطانه ، لن نفوته بهرب ولا غيره . و { هَرَباً } مصدر في موضع الحال أي هاربين .