Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 73, Ayat: 12-14)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً } الأنكال : القيود . عن الحسن ومجاهد وغيرهما . واحدها نِكْل ، وهو ما منع الإنسان من الحركة . وقيل سمّي نِكلاً ، لأنه يُنَكَّل به . قال الشعبيّ : أترون أن الله تعالى جعل الأنكال في أرجل أهل النار خشية أن يهربوا ؟ لا والله ! ولكنهم إذا أرادوا أن يرتفعوا ٱسْتَفَلت بهم . وقال الكلبيّ : الأنكال : الأغلال ، والأوّل أعرف في اللغة ومنه قول الخنساء : @ دَعاكَ فَقَطَّعْتَ أنْكَالَه وقَدْ كُنَّ قَبْلَكَ لا تُقْطَعُ @@ وقيل : إنه أنواع العذاب الشديد قاله مقاتل . وقد جاء أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يحبّ النَّكَل على النَّكَل » - بالتحريك ، قاله الجوهريّ - قيل : وما النَّكَل ؟ قال : « الرجل القويّ المجَّرب ، على الفرس القويّ المجَّرب " ذكره الماورديّ . قال : ومن ذلك سمي القيد نِكْلاً لقوته ، وكذلك الغُلّ ، وكل عذاب قوي فٱشتد . والجحيم النار المؤجَّجة . { وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ } أي غير سائغ يأخذ بالحلق ، لا هو نازل ولا هو خارج ، وهو الغِسلِين والزُّقوم والضّريع قاله ٱبن عباس . وعنه أيضاً : أنه شوك يدخل الحلق ، فلا ينزل ولا يخرج . وقال الزجاج : أي طعامهم الضّريع كما قال : { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } [ الغاشية : 6 ] وهو شوك كالعَوْسَج . وقال مجاهد : هو الزَّقوم ، كما قال : { إِنَّ شَجَرَةَ ٱلزَّقُّومِ * طَعَامُ ٱلأَثِيمِ } [ الدخان : 44 ] . والمعنى واحد . وقال حُمْران بن أَعْيَن : " قرأ النبيّ صلى الله عليه وسلم { إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً . وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ } فصعق " وقال خُلَيد بن حسان : أمسى الحسن عندنا صائماً ، فأتيته بطعام فعرضتْ له هذه الآية { إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً } { وَطَعَاماً } فقال : ٱرفع طعامك . فلما كانت الثانية أتيته بطعام فعرضت له هذه الآية ، فقال : ٱرفعوه . ومثله في الثالثة فٱنطلق ٱبنه إلى ثابت البُنَاني ويزيدَ الضَّبيّ ويحيى البكّاء فحدّثهم ، فجاؤوه فلم يزالوا به حتى شرب شربة من سَوِيق . والغُّصَة : الشَّجا ، وهو ما يَنَشب في الحلق من عَظْم أو غيره ، وجمعها غُصَصٌ . والغَصَصُ بالفتح مصدر قولك : غَصِصْتَ يا رجل تَغَصّ ، فأنت غاصّ بالطعام وغصّان ، وأغصصته أنا ، والمنزل غاصّ بالقوم أي ممتليء بهم . قوله تعالى : { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ } أي تتحرّك وتضطرب بمن عليها . وٱنتصب « يوم » على الظرف أي ينكل بهم ويعذّبون { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلأَرْضُ } . وقيل : بنزع الخافض يعني هذه العقوبة في يوم ترجف الأرض والجبال . وقيل : العامل « ذَرْنِي » أي وذرني والمكذبين يوم ترجُف الأرض والجبال . { وَكَانَتِ ٱلْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً } أي وتكون . والكثيب الرمل المجتمع قال حسان : @ عَرَفْتُ دِيار زَيْنَبَ بالْكَثِيبِ كَخَطِّ الْوَحْيِ في الْوَرَقِ الْقَشِيبِ @@ والمَهِيل : الذي يمرّ تحت الأرجل . قال الضحاك والكلبيّ : المهيل : هو الذي إذا وطئته بالقدم زلّ من تحتها ، وإذا أخذت أسفله ٱنهال . وقال ٱبن عباس : « مَهِيلاً » أي رملاً سائلاً متناثراً . وأصله مَهْيول وهو مَفْعول من قولك : هِلْت عليه التراب أَهِيله هيلاً : إذا صببته . يقال : مَهِيل ومَهْيول ، ومَكِيل ومَكْيول ، ومَدِين ومَدْيون ، ومَعِين ومَعْيون قال الشاعر : @ قد كان قَوْمُك يَحْسَبونَكَ سَيِّداً وإِخَالُ أَنَّكَ سَيِّدٌ مَعْيُونُ @@ وفي حديث النبيّ صلى الله عليه وسلم " أنهم شكوا إليه الجدُوبة فقال : « أَتكيلون أم تَهِيلون » قالوا : نَهِيل . قال « كِيلوا طعامكم يُبَارَكْ لكم فيه » " وأَهَلْت الدقيق لغة في هِلْت فهو مُهال ومَهِيل . وإنما حذفت الواو ، لأن الياء تثقل فيها الضمة ، فحذفت فسكنت هي والواو فحذفت الواو لالتقاء الساكنين .