Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 73, Ayat: 15-19)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولاً } يريد النبيّ صلى الله عليه وسلم أرسله إلى قريش { كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولاً } وهو موسى { فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ ٱلرَّسُولَ } أي كذب به ولم يؤمن . قال مقاتل : ذكَر موسى وفرعون لأن أهل مكة ٱزدرَوا محمداً صلى الله عليه وسلم وٱستخفوا به لأنه ولد فيهم ، كما أن فرعون ٱزدرى موسى لأنه ربّاه ونشأ فيما بينهم ، كما قال تعالى : { أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً } [ الشعراء : 18 ] . قال المهدويّ : ودخلت الألف واللام في الرسول لتقدّم ذكره ولذلك ٱختير في أوّل الكتب سلام عليكم ، وفي آخرها السلام عليكم . { وَبِيلاً } أي ثقيلاً شديداً . وضَرْبٌ وبيل وعذاب وبيل : أي شديد قاله ٱبن عباس ومجاهد . ومنه مطر وابل أي شديد قاله الأخفش . وقال الزجاج : أي ثقيلاً غليظاً . ومنه قيل للمطر وابل . وقيل : مُهلكاً والمعنى عاقبناه عقوبة غليظة قال : @ أَكَلْتِ بَنِيِك أَكْلَ الضَّبِّ حتى وجَدْتِ مَرَارةَ الْكَلإَ الْوَبِيلِ @@ واستوبل فلان كذا : أي لم يَحَمد عاقبته . وماء وبيل : أي وخيم غير مريء ، وَكَلأٌ مستَوْبَل وطعام وبيل ومُستَوبَلٌ : إذا لم يُمْرِيء ولم يُسْتَمْرأْ قال زهير : @ فَقَضَّوْا مَنايَا بَيْنَهُمْ ثم أَصْدَرُوا إِلَى كَلأٍ مُسْتَوَبَلٍ مُتَوَخَّمِ @@ وقالت الخنساء : @ لَقَدْ أَكَلَتْ بَجِيلَةُ يومَ لاَقَتْ فَوَارِسَ مَالك أَكْلاً وَبِيلاً @@ والوبيل أيضاً : العصا الضخمة قال : @ لوَ ٱصْبَحَ في يُمْنى يَدَيَّ زِمامُها وفيِ كَفِّيَ الاُّخْرى وَبِيلٌ تُحاذِرُهْ @@ وكذلك المَوْبِل بكسر الباء ، والمَوْبِلة أيضاً : الحُزْمة من الحطب ، وكذلك الوَبِيل ، قال طَرفة : @ عَقِيـلَةُ شَيْـخ كالوَبيـلِ يَلَنْـدَد @@ قوله تعالى : { فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيباً } هو توبيخ وتقريع ، أي كيف تتقونَ العذاب إن كفرتم . وفيه تقديم وتأخير ، أي كيف تتقون يوماً يجعل الولدان شيباً إن كفرتم . وكذا قراءة عبد الله وعطية . قال الحسن : أي بأي صلاة تتقون العذاب ؟ بأي صوم تتقون العذاب ؟ وفيه إضمار ، أي كيف تتقون عذاب يوم . وقال قتادة : واللَّهِ ما يتقي من كفر بالله ذلك اليوم بشيء . و « يَوْماً » مفعول بـ « ـتَتَّقُونَ » على هذه القراءة وليس بظرف ، وإن قدر الكفر بمعنى الجحود كان اليوم مفعول « كَفَرْتُمْ » . وقال بعض المفسرين : وقف التمام على قوله : { كَفَرْتُمْ } والابتداء « يَوْماً » يذهب إلى أن اليوم مفعول « يجعل » والفعل لله عز وجل ، وكأنه قال : يجعل الله الولدان شيباً في يوم . قال ابن الأنباري : وهذا لا يصلح لأن اليوم هو الذي يفعل هذا من شدّة هوله . المهدويّ : والضمير في « يجعل » يجوز أن يكون لله عز وجل ، ويجوز أن يكون لليوم ، وإذا كان لليوم صلح أن يكون صفة له ، ولا يصلح ذلك إذا كان الضمير لله عز وجل إلا مع تقدير حذف كأنه قال : يوماً يجعل الله الولدان فيه شيباً . ٱبن الأنباريّ : ومنهم من نصب اليوم بـ « ـكفرتم » وهذا قبيح لأن اليوم إذا عُلّق بـ « ـكفرتم » ٱحتاج إلى صفة أي كفرتم بيوم .