Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 83, Ayat: 7-13)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ } قال قوم من أهل العلم بالعربية : { كَلاَّ } : ردْع وتنبيه أي ليس الأمر على ما هم عليه من تطفيف الكيل والميزان ، أو تكذيب بالآخرة ، فليرتدعوا عن ذلك . فهي كلمة رَدْع وزَجْر ، ثم ٱستأنف فقال : { إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ } . وقال الحسن : { كَلاَّ } بمعنى حَقًّا . ورَوَى ناس عن ٱبن عباس « كَلاَّ » قال : ألا تصدقون فعلى هذا : الوقفُ « لِرب العالمِين . وفي تفسير مقاتل : إن أعمال الفجار . وروي ناس عن ٱبن عباس قال : إن أرواح الفجار وأعمالهم « لفِي سجِينٍ » . وروى ٱبن أبي نجَيج عن مجاهد قال : سجِيِّن صخرة تحت الأرض السابعة ، تقلب فيجعل كتاب الفجار تحتها . ونحوه عن ٱبن عباس وقتادة وسعيد بن جُبير ومقاتل وكعب قال كعب : تحتها أرواح الكفار تحت خدّ إبليس . وعن كعب أيضاً قال : سجين صخرة سوداء تحت الأرض السابعة ، مكتوب فيها ٱسم كل شيطان ، تلقى أنفس الكفار عندها . وقال سعيد بن جبير : سجين تحت خد إبليس . يحيى بن سلام : حجر أسود تحت الأرض ، يكتب فيه أرواح الكفار . وقال عطاء الخُراساني : هي الأرض السابعة السفلى ، وفيها إبليس وذرّيته . وعن ٱبن عباس قال : إن الكافر يحضُره الموت ، وتحضره رسل الله ، فلا يستطيعون لبغض الله له وبغضهم إياه ، أن يؤخروه ولا يعجلوه حتى تجيء ساعته ، فإذا جاءت ساعته قبضوا نفسه ، ورفعوه إلى ملائكة العذاب ، فأروه ما شاء الله أن يُرُوه من الشر ، ثم هبطوا به إلى الأرض السابعة ، وهي سجِيِّن ، وهي آخر سلطان إبليس ، فأثبتوا فيها كتابه . وعن كعب الأحبار في هذه الآية قال : إن رُوح الفاجر إذا قبضت يُصْعد بها إلى السماء ، فتأبى السماء أن تقبلها ، ثم يُهْبط بها إلى الأرض ، فتأبى الأرض أن تقبلَها ، فتدخل في سبع أرضين ، حتى يُنْتَهِى بها إلى سجِيِّن ، وهو خد إبليس ، فيخرج لها من سجين من تحت خدّ إبليس رَقّ ، فيرقم فيوضع تحت خد إبليس . وقال الحسن : سجِيِّن في الأرض السابعة . وقيل : هو ضرب مثل وإشارة إلى أن الله تعالى يرد أعمالهم التي ظنوا أنها تنفعهم . قال مجاهد : المعنى عملهم تحت الأرض السابعة لا يصعد منها شيء . وقال : سجين صخرة في الأرض السابعة . وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سجين جُب في جهنم وهو مفتوح " " وقال في الفلق : « إنه جُبّ مغطى » " وقال أنس : هي دَرَكة في الأرض السفلى . وقال أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم : " سجين أسفلَ الأرض السابعة " وقال عِكرمة : « سجِين : خسار وضلال كقولهم لمن سقط قدره : قد زلق بالحضيض . وقال أبو عبيدة والأخفش والزجاج : « لفِي سجِينٍ » لفي حبس وضيق شديد ، فِعيِّل من السَّجْن كما يقول : فِسِّيق وشِرِّيب قال ٱبن مقبل : @ ورُفقةٍ يضرِبون البَيْضَ ضاحِية ضَرْباً تواصتْ به الأبطالُ سجِيّناً @@ والمعنى : كتابهم في حبس جعل ذلك دليلاً على خساسة منزلتهم ، أو لأنه يَحُل من الإعراض عنه والإبعاد له مَحَلّ الزجر والهوان . وقيل : أصله سِجِّيل ، فأبدلت اللام نوناً . وقد تقدّم ذلك . وقال زيد بن أسلم : سجِيِّن في الأرض السافلة ، وسجِيل في السماء الدنيا . القُشيريّ : سجيِّن : موضع في السافلين ، يدفن فيه كتاب هؤلاء ، فلا يظهر بل يكون في ذلك الموضع كالمسجون . وهذا دليل على خبث أعمالهم ، وتحقير الله إياها ولهذا قال في كتاب الأبرار : « يشهده المقربون » . { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ } أي ليس ذلك مما كنت تعلمه يا محمد أنت ولا قومك . ثم فسره له فقال : { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } أي مكتوب كالرقْم في الثوب ، لا يُنْسَى ولا يُمْحى . وقال قتادة : مرقوم أي مكتوب ، رقم لهم بشر : لا يُزاد فيهم أحدَ ولا يَنْقُص منهم أحد . وقال الضحاك : مرقوم : مختوم ، بلغة حمير وأصل الرقم : الكتابة قال : @ سأُرقم في الماءِ القَراحِ إِليكُمُ على بعدِكُم إِن كان للمِاءِ راقِمُ @@ وليس في قوله : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ } ما يدل على أن لفظ سجين ليس عربياً ، كما لا يدل في قوله : { ٱلْقَارِعَةُ * مَا ٱلْقَارِعَةُ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْقَارِعَةُ } [ القارعة : 1 - 3 ] بل هو تعظيم لأمر سجين . وقد مضى في مقدّمة الكتاب والحمد لله أنه ليس في القرآن غير عربيّ . { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } أي شدةٌ وعذاب يوم القيامة للمكذبين . ثم بيَّن تعالى أمرهم فقال : { ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } أي بيوم الحساب والجزاء والفصل بين العباد . { وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } أي فاجر جائز عن الحق ، معتد على الخلق في معاملته إياهم ، وعلى نفسه ، وهو أثيم في ترك أمر الله . وقيل هذا في الوليد بن المغيرة وأبي جهل ونظرائهما لقوله تعالى : { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } وقراءة العامة « تُتْلَى » بتاءين ، وقراءة أبي حَيْوة وأبي سِماك وأشهب العُقَيلي والسُّلَمي : « إذا يُتْلَى » بالياء . وأساطير الأولين : أحاديثهم وأباطيلهم التي كتبوها وزخرفوها . واحدها أُسْطورة وإِسطارة ، وقد تقدّم .