Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 84, Ayat: 10-15)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ } نزلت في الأسود بن عبد الأسد أخي أبي سلمة قاله ٱبن عباس . ثم هي عامة في كل مؤمن وكافر . قال ٱبن عباس : يمدّ يده اليمنى ليأخذ كتابه فيجذبه مَلَك ، فيخلع يمينه ، فيأخذ كتابه بشماله من وراء ظهره . وقال قتادة ومقاتل : يفك ألواح صدره وعظامه ثم تدخل يده وتخرج من ظهره ، فيأخذ كتابه كذلك . { فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً } أي بالهلاك فيقول : يا ويلاه ، يا ثبوراه . { وَيَصْلَىٰ سَعِيراً } أي ويدخل النار حتى يصلى بحرّها . وقرأ الحِرْميان وٱبن عامر والكسائي « ويُصْلَى » بضم الياء وفتح الصاد ، وتشديد اللام كقوله تعالى : { ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ } [ الحاقة : 31 ] وقوله : { وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ } [ الواقعة : 94 ] . الباقون « ويَصْلَى » بفتح الياء مخففاً ، فعل لازم غير متعد لقوله : « إِلا من هو صالِ الجحِيم » وقوله : { يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ } [ الأعلى : 12 ] وقوله : { ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو ٱلْجَحِيمِ } [ المطففين : 16 ] . وقراءة ثالثة رواها أبان عن عاصم وخارجة عن نافع وإسمعيل المكي عن ٱبن كثير « ويُصْلَى » بضم الياء وإسكان الصاد وفتح اللام مخففاً كما قرىء « وسَيُصْلَون » بضم الياء ، وكذلك في « الغاشية » قد قرىء أيضاً : « تُصْلَى ناراً » وهما لغتان صلى وأصلى كقوله : « نزل . وأنزل » { إِنَّهُ كَانَ فِيۤ أَهْلِهِ } أي في الدنيا { مَسْرُوراً } قال ٱبن زيد : وصف الله أهل الجنة بالمخافة والحزن والبكاء والشفقة في الدنيا ، فأعقبهم به النعيم والسرور في الآخرة ، وقرأ قول الله تعالى : { إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِيۤ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ } [ الطور : 26 - 27 ] . قال : ووصف أهل النار بالسرور في الدنيا والضحِك فيها والتفكه . فقال : { إِنَّهُ كَانَ فِيۤ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } . { إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ } أي لن يرجع حياً مبعوثاً فيحاسب ، ثم يثاب أو يعاقب . يقال : حار يحور إذا رجع قال لبيد : @ وما المرء إِلا كالشهابِ وضوئِهِ يحورُ رَماداً بعد إِذا هو ساطِعُ @@ وقال عِكرمة وداود بن أبي هند ، يحور كلمة بالحبشية ، ومعناها يرجع . ويجور أن تتفق الكلمتان فإنهما كلمة ٱشتقاق ومنه الخبز الحُوارَى لأنه يرجع إلى البياض . وقال ٱبن عباس : ما كنت أدري : ما يحور ؟ حتى سمعت أعرابية تدعو بنية لها : حُورى ، أي ارجَعي إليّ ، فالحَوْر في كلام العرب الرجوع ومنه قوله عليه السلام : " اللهم إني أعوذ بك من الحَوْر بعد الكَوْر " يعني : من الرجوع إلى النقصان بعد الزيادة ، وكذلك الحُور بالضم . وفي المثل « حُورٌ في محارة » أي نقصان في نقصان . يضرب للرجل إذا كان أمره يُدْبِر قال الشاعر : @ وٱستعجلوا عن خفِيف المضغِ فٱزدردُوا والذم يبقَى وزاد القومِ في حُوْرِ @@ والحُورْ أيضاً : الاسم من قولك : طحَنَتِ الطاحنة فما أحارت شيئاً أي ما ردت شيئاً من الدقيق . والحُورْ أيضاً : الهلكة قال الراجز : @ فـي بِئرِ لا حُورٍ سَرَى ولا شَعَر @@ قال أبو عبيدة : أي بئر حُورِ ، و « لا » زائدة . وروي « بعد الكون » ومعناه من ٱنتشار الأمر بعد تمامه . وسئِل معمر عن الحَوْر بعد الكون ، فقال : هو الكُنْتِيّ . فقال له عبد الرزاق : وما الكُنْتِيّ ؟ فقال : الرجل يكون صالحاً ثم يتحول رجل سَوْء . قال أبو عمرو : يقال للرجل إذا شاخ : كنتِيّ ، كأنه نسب إلى قوله : كنت في شبابي كذا . قال : @ فأصبحت كُنتِيا وأصبحت عاجِنا وشر خِصالِ المرءِ كُنْتُ وعاجِنُ @@ عجن الرجل : إذا نهض معتمداً على الأرض من الكبر . وقال ٱبن الأعرابي : الكنتِيّ : هو الذي يقول : كنت شاباً ، وكنت شجاعاً ، والكانِيّ هو الذي يقول : كان لي مال وكنت أهب ، وكان لي خيل وكنت أركب . قوله تعالى : { بَلَىٰ } أي ليس الأمر كما ظنّ ، بل يحور إلينا ويرجع . { إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً } قبل أن يخلقه ، عالماً بأن مرجعه إليه . وقيل : بلَى ليَحُورنّ وليرجعَنّ . ثم ٱستأنف فقال : « إن ربه كان بِهِ بِصيرا » من يوم خلقه إلى أن بعثه . وقيل : عالماً بما سبق له من الشقاء والسعادة .