Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 87, Ayat: 14-15)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فيه ثلاث مسائل : الأولى : قوله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ } أي قد صادف البقاء في الجنة أي من تَطَهَّر من الشرك بإيمان قاله ابن عباس وعطاء وعكرمة . وقال الحسن والربيع : من كان عمله زاكياً نامِياً . وقال مَعْمر عن قتادة : « تزَكَّى » قام بعمل صالح . وعنه وعن عطاء وأبي العالية : نزلت في صدقة الفِطر . وعن ابن سِيرينَ { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ * وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } . قال : خرج فصلَّى بعد ما أدّى . وقال عكرمة : كان الرجل يقول أقدّم زكاتي بين يدي صلاتي . فقال سفيان : قال الله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ * وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } وروي عن أبي سعيد الخُدْرِيّ وابن عمر : أن ذلك في صدقة الفطر ، وصلاة العيد . وكذلك قال أبو العالية ، وقال : إن أهل المدينة لا يرون صدقة أفضل منها ، ومن سِقاية الماء . وروى كَثير بن عبد الله عن أبيه عن جدّه ، " عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } قال : « أخرج زكاة الفطر » ، { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } قال : « صلاة العيد » " وقال ابن عباس والضحاك : { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ } في طريق المصلَّى { فَصَلَّىٰ } صلاة العيد . وقيل : المراد بالآية زكاة الأموال كلها قاله أبو الأحوص وعطاء . وروى ابن جُرَيج قال : قلت لعطاء : { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } للفطر ؟ قال : هي للصدقات كلها . وقيل : هي زكاة الأعمال ، لا زكاة الأموال أي تطهر في أعماله من الرياء والتقصير لأن الأكثر أن يقال في المال : زَكَّى ، لا تَزَكَّى . وروى جابر بن عبد الله قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } أي من شهد أَنْ لا إلٰه إلاَّ الله ، وخَلع الأندادَ ، وشهد أني رسولُ الله " وعن ابن عباس { تَزَكَّىٰ } قال : لا إلٰه إلا الله . وروى عنه عطاء قال : " نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه . قال : كان بالمدينة منافق كانت له نخلة بالمدينة ، مائلة في دار رجل من الأنصار ، إذا هبت الرياح أسقطت البُسْرَ والرطبَ إلى دار الأنصاريّ ، فيأكل هو وعياله ، فخاصمه المنافق فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسل إلى المنافق وهو لا يعلم نفاقه ، فقال : « إن أخاك الأنصاريّ ذكر أن بُسْرك ورُطَبك يقع إلى منزله ، فيأكل هو وعياله ، فهل لك أن أعطيك نخلة في الجنة بدلها ؟ » فقال : أبيع عاجلاً بآجلٰ لا أفعل . فذكروا أن عثمان بن عفان أعطاه حائطاً من نخل بدل نخلته ففيه نزلت « قد أفلح من تزكى » " ونزلت في المنافق { وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى } . وذكر الضحاك أنها نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه . الثانية : قد ذكرنا القول في زكاة الفِطر في سورة « البقرة » مستوفى . وقد تقدّم أن هذه السورة مكية في قول الجمهور ، ولم يكن بمكة عِيد ولا زكاة فطر . القشيرِي : ولا يبعد أن يكون أثنى على من يمتثل أمره في صدقة الفِطر وصلاة العيد ، فيما يأمر به في المستقبل . الثالثة : قوله تعالى : { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } أي ذكر ربه . وروى عطاء عن ابن عباس قال : يرد ذكر معاده وموقفه بين يدي الله جل ثناؤه ، فعبده وصلَّى له . وقيل : ذكر اسم ربه بالتكبير في أوّل الصلاة ، لأنها لا تنعقد إلا بذكره وهو قوله : الله أكبر : وبه يحتج على وجوب تكبيرة الافتتاح ، وعلى أنها ليست من الصلاة لأن الصلاة معطوفة عليها . وفيه حجة لمن قال : إن الافتتاح جائز بكل اسم من أسماء الله عز وجلّ . وهذه مسألة خلافية بين الفقهاء . وقد مضى القول في هذا في أوّل سورة « البقرة » . وقيل : هي تكبيرات العيد . قال الضحاك : « وذكر اسم ربهِ » في طريق المصلَّى « فصلّى » أي صلاة العيد . وقيل : { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ } وهو أن يذكره بقلبه عند صلاته ، فيخاف عقابه ، ويرجو ثوابه ليكون استيفاؤه لها ، وخشوعه فيها ، بحسب خوفه ورجائه . وقيل : هو أن يفتتح أوّل كل سورة ببسم الله الرحمن الرحيم . « فصلَّى » أي فصلَّى وذكر . ولا فرق بين أن تقول : أكرمتني فزرتني ، وبين أن تقول : زرتني فأكرمتني . قال ابن عباس : هذا في الصلاة المفروضة ، وهي الصلوات الخمس . وقيل : الدعاء أي دعاء الله بحوائج الدنيا والآخرة . وقيل : صلاة العيد قاله أبو سعيد الخُدرِيّ وابن عمر وغيرهما . وقد تقدّم . وقيل : هو أن يتطوّع بصلاةٍ بعد زكاته قاله أبو الأحوص ، وهو مقتضى قول عطاء . ورُوِيَ عن عبد الله قال : من أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فلا صلاة له .