Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 38-38)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه مسألتان : الأُولى قوله تعالى : { مَا لَكُمْ } « ما » حرف ٱستفهام معناه التقرير والتوبيخ التقدير : أي شيء يمنعكم عن كذا كما تقول : مالك عن فلان مُعْرِضاً . ولا خلاف أن هذه الآية نزلت عتاباً على تخلُّف من تخلّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تَبُوك ، وكانت سنة تسع من الهجرة بعد الفتح بعام ، وسيأتي ذكرها في آخر السورة إن شاء الله . والنَّفْر : هو التنقل بسرعة من مكان إلى مكان لأمر يحدث يقال في ابن آدم : نفَر إلى الأمر يَنْفِر نفوراً . وقوم نفور ومنه قوله تعالى : { وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً } [ الإسراء : 46 ] . ويقال في الدابة : نَفَرت تَنْفِرُ بضم الفاء وكسرها نفاراً ونفوراً . يقال : في الدابة نِفار ، وهو اسم مثل الحِران . ونفر الحاج من مِنًى نَفْراً . الثانية قوله تعالى : { ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ } قال المفسرون : معناه ٱثاقلتم إلى نعيم الأرض ، أو إلى الإقامة بالأرض . وهو توبيخ على ترك الجهاد وعتابٌ على التقاعد عن المبادرة إلى الخروج ، وهو نحو من أخلد إلى الأرض . وأصله تثاقلتم ، أدغمت التاء في الثاء لقربها منها ، واحتاجت إلى ألف الوصل لتصل إلى النطق بالساكن ومثله « ادّارَكُوا » و « ٱدَّارَأْتُمْ » و « ٱطَّيَّرْنَا » و « ٱزَّيَّنَتْ » . وأنشد الكسائي : @ تُولِي الضَّجيعَ إذا ما ٱستافها خَصِراً عَذبَ المَذاق إذا ما ٱتَّابع القُبَلُ @@ وقرأ الأعمش « تَثَاقَلْتُمْ » على الأصل . حكاه المهدويّ . وكانت تبوك ودعا الناس إليها في حرارة القَيْظ وطيب الثمار وبرد الظلال كما جاء في الحديث الصحيح على ما يأتي فاستولى على الناس الكسل ، فتقاعدوا وتثاقلوا فوبّخهم الله بقوله هذا ، وغاب عليهم الإيثار للدنيا على الآخرة . ومعنى { أَرَضِيتُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلآخِرَةِ } أي بدلاً التقدير : أرضيتم بنعيم الدنيا بدلاً من نعيم الآخرة . فـ « مِن » تتضمن معنى البدل كقوله تعالى : { وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً فِي ٱلأَرْضِ يَخْلُفُونَ } [ الزخرف : 60 ] أي بدلاً منكم . وقال الشاعر : @ فليت لنا من ماء زمزم شربةً مُبرّدة باتت على طَهيَان @@ ويروى من ماء حَمْنان . أراد : ليت لنا بدلاً من ماء زمزم شربة مبرَّدة . والطَّهيَان : عود ينصب في ناحية الدار للهواء ، يعلّق عليه الماء حتى يَبْرُد . عاتبهم الله على إيثار الراحة في الدنيا على الراحة في الآخرة إذ لا تنال راحة الآخرة إلاَّ بنصَب الدنيا . " قال صلى الله عليه وسلم لعائشة وقد طافت راكبة : « أجْرُك على قدر نَصَبِك » " خرجه البخاريّ .