Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 52-53)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ذَلِك } أَى قال يوسف طلب إِظهار ذلك { لِيَعْلَمَ } أَى العزيز وقد بعد ذكره لكن دل عليه قوله : { أَنِّى لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ } أَى فى أَهله ، والباءُ ظرفية متعلقة بأَخنْه ، أَى فى مكان الغيب عن وجهه ، أَو زمان الغيب عنه ، أَو متعلق بمحذوف حال من الهاءِ أَو ضمير أُخن ، وقيل : ضمير يعلم وهاء أَخنه لله عز وجل ، والصحيح الأول { وَأَنَّ اللهَ لاَ يَهْدِى كَيْدَ الْخَائِنِينَ } أَى لا ينفذه فهو زائل ، وهداية الكيد مجاز عن إِنفاذه بعلاقة اللزوم ، والتنفيذ لازم للهداية ، استعارة تبعية إِذ التنفيذ كالهداية فى وصول المطلوب ، أَو لا يهدى الخائنين بكيدهم ، فالمجاز فى الإِيقاع والهداية على حقيقتها أَو وقعت على الكيد لكونها سببا لعدم الهداية ، وإِذا عدم السبب عدم مسببه بالأَولى ، وفيه تعريض لزليخاءَ أَو راعيل لأَنها خانت العزيز ، وقد يقال ضمير يعلم للملك أَى ليعلم الملك أَنى لم أَخنه فى وزيره العزيز ؛ لأَن خيانة الوزير خيانة للملك ، وفى ذلك أَيضاً تأْكيد لأَمانته ، أَى لو كنت خائِنا لم يهد الله كيدى ، وسمى ثباته كيدا للمشاكلة ، أَو استعارة ، وصاحب الفعلة السيئة لا يذكر أَصحابها بسوءٍ ولا يدعو عليهم لأَن ذلك ذكر لنفسه ودعاء على نفسه ، ولكونه تأْكيدا عقبه متواضعا بقوله : { وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِى } عن السوءِ من حيث هى هى ، بل من حيث عصمه الله إِنعاما على { وَأَما بنعمة ربك فحدث } [ الضحى : 11 ] { إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارةٌ بِالسُّوءِ } فتستخدم الجوارح فىالمعصية ، تميل بالطبع إِلى الشهوات وتعرض عن الطاعات ، سواءٌ أَنفس الأَبرار وأَنفس الفجار ، لاَ يمكن دفعها فى بدءِ الأَمر ، وإِنما المعتبر ثانى الحال فيقدم إِليها من لم يفارقه التوفيق ، فيجوز أَن يكون المعنى ؛ ما فى وسعى أَن أَبرىءَ نفسى عن الهم بما تشتهى ، وإِنما دفعته ببرهان ، وروى أَنه لما قال : { إٍِن الله لا يهدى } إِلخ ، أَو إِذ قال : { وما أُبرىءُ } إِلخ ، أَو إِذ قال : { لم أًخنه } قالت هى أَو جبريل : ولا حين هممت ، أَو قالت : ولا حين حللت السراويل ، وأَجاز بعضهم الصغيرة على الأَنبياءِ قبل النبوة ، وأَنت خبير بأَنه لم يصح حل السراويل ، ولا الهم إِلا الخطور بل مطلق ما بالطبع لا يدخل تحت التكيليف ، فأَجابهما بقوله : { وما أُبرىءُ نفسى } فى أَحوالها ، وليس هذا إِقرار اللهم إَلا أَن يقر لجبريل عليه السلام بالهم الطبعى الذى لا يدخل تحت التكليف ، وليس قصدا إِِليها فيكون جبريل قابله بما هو طبعى تنبيها وزيادة فى اتضاعه { إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّى } ما مصدرية والاستثناءُ منقطع ، والمعنى ؛ ولكن رحمة ربة هى المعتبرة أَو الصارفة عن السوءِ كقوله تعالى : { ولا هم ينقذون إِلا رحمة منا } [ يس : 43 - 44 ] أَو اسم واقع على النفس والاستثناء من النفس أَو من المستتر فى أَماره متصل ، أَى إِلا ما رحم ربى من النفوس ، كنفوس الملائكة والأَنبياءِ فلا تأْمر بالسوءِ ، والنفس غير عاقل فصحت له ما فهو أولى من إِيقاع ما على الأَنبياءِ لأَنهم عاقلون ، قيل : أَو ما مصدرية والمصدر ظرف أَى إِلا رحمة ربى أَى وقت رحمة ربى فإٍنها لا تأَمر بالسوءِ ، وفيه التفريغ فى الإٍثبات ، والمعنى الأَمارة بالسوءِ فى جميع الأَوقات إِلا وقت رحمة ربى ، والمراد جنس النفس لا الاستغراق فلا يدخل نفسه يوسف والأَنبياءُ مع أَن أَكثر الأَوقات تأْمر فيه أَنفسهم بالسوءِ ، وقيل الآية إِلى قوله { إِنَّ ربِّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ } من قول زليخاءَ وهى راعيل ، فتكون داخلة فى قوله : قالت امرأَة العزيز فيكون المعنى ذلك الاعتراف ليعلم يوسف أَنى لم أَخنه بنسبه المراودة إِليه والافتراءُ عليه فى غيبته كما نسبناها إِليه فى حضوره ، والجمهور على أَن ذلك من كلام يوسف ، قال أَبو حيان : لا يبعد وصل كلام إِنسان بكلام إِنسان آخر كقوله تعالى : { إِن الملوك إٍذا دخلوا قرية } [ النمل : 34 ] إٍلخ وصل بكلام بلقيس قوله : { وكذلك يفعلون } [ النمل : 34 ] وليس منه ، هذا وجه والنفس البدن والقلب ، والنفس العقل ، والنفس شىء كالعقل إِذا دعا للمعصية فالأَمارة بالسوءِ ، وإِذا امتنعت فاللوامة ، وإِذا أَمرت بالطاعة فالمطمئنة ، وإِن ربى غفور لمن استغفر من ذنبه بعينه ، أَو من ذنوبه عموماً ، ولم يقصد الإِصرار على واحد منها ذلك من كلام المرأَة خال عن الإِشكال ، وعلى أَنه من كلام يوسف غير اعتراف بأَنه هم ولا خان ، لكن جاءَ به عموماً أَو هضماً لنفسه بأَن عد الهم الذى هو ضرورى لا يدخل تحت التكليف ذنبا ، أَو أَراد غفران ذنب زليخاءَ وهى راعيل .