Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 4-4)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ } وهم أَولى به { وأَنذر عشيرتك الأَقربين } ولو أَرسل إلى أُمم مختلفة فينشر من قومه الزهو على لغتهم إِلى سائِر الأُمم المخالفة للغته ، كما أَنه أَنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغة قومه ، وبلغ سائِر الأُمم المخالفة لقريش من العرب ومن العجم فذلك جواب عما يقال : كيف يخرج الناس من الظلمات إِلى النور مع أَن منهم من ليست لغته عربية ، وأَيضا قال الله - عز وجل - : { يا أَيها الناس إِنى رسول الله إِليكم جميعا } والمراد بالرسول النبى مطلقا لأَن شأْن النبوة التبليغ مطلقا ، وما من نبى إِلا بلغ ما أُوحى إليه ، واللسان بمعنى اللغة ، وهو مجاز ، وجهه أَنه آلة اللغة ، وقيل أَنه مشترك ، والذى يظهر أَن المراد بقومه من هو فيهم ومتكلم بلغتهم فلا ينتقض بلوط إِذ تزوج بمن بعث إِليهم وسكن معهم وليس منهم ، ولا بشعيب إِذ بعث إِلى أَهل الأَيكة كما بعث إلى أَهل مدين وليس منهم ، فلا حاجة إِلى دعوى أَن قوله : { إِلا بلسان قومه } جرى على الغالب ، بل لو قيل فى قوله - عز وجل - : أَخوهم لوط ، إِن الأُخوة مطلق الكون فيهم والإِرسال إليهم لصح ، ولو أَنزل الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لكل أُمة كتابا بلغتها لكان إِعجازا قويا إِذ تكلم عربى خالص بلغات العجم كلها بلا تعلم ، لكن يفوت أَجر تعلم العربية وما يتولد منها ، والاجتهاد ، وقيل : إِن الهاءَ لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأَن الكتب كلها بالعربية وترجمها جبريل لكل قوم بلغتهم ، ويرده قوله عز وجل { لِيُبَيِّنَ لَهُمْ } فإِن هاءَ لهم للقوم ، وغير القرآن لم ينزل ليبين للعرب ، ودعوى رجوع هاءِ لهم إلى قوم كل نبى على الاستخدام خروج عن البلاغة ، كأَنه قيل : وما أَرسلنا من رسول إِلا بلسان قوم محمد صلى الله عليه وسلم ، ليبين الرسول لقومه الذى أرسل إِليهم ، وهو كلام لا يناسب جزالة القرآن ، ذكر بعض أَن القرآن نزل بلغة قريش خاصة ، وما فيه من غير لغتهم جرى فى لسانهم ، وعن عمر : نزل بلغة مضر ، وعين بعضهم هذيلا وكنانة وقيسا وضبة وتيم الرباب وأُسيد بن خزيمة وقريشا ، وعن ابن عباس : بلغة كعب قريش ، وكعب خزاعة المجاورين لقريش ، وذكر بعض : أَنه نزل بلغة حمير وكنانة وجرهم وأَزد شنوءَة ومذجح وخثعم وقيس غيلان وسعد العشيرة وكندة وعذرة وحضرموت وغسان ومزينة ولخم وجذام وحنيفة واليمانة وسبأَ وسليم وعمارة وطيىء ، وخزاعة وعمان وتميم وأَنمار والأَشعريين والأَوس والخزرج ومدين ، والآية تدل على أن تعليم الدين واجب ، وأَنه فرض كفاية ، ويتعين على الأَب لأَولاده ، وعلى الزوج لزوجه ، وعلى السيد لعبده ، وأَن علمهم غير هؤلاءِ أَجزى ، وتدل على أَن التعلم واجب ، ولام لهم للنفع ، وعلى المتعلم تعظيم معلمه والتقرب إلى الله تعالى بنفعه ، ولزم المعلم أَن لا يقصد النفع الدنيوى من معلمه ، قال بعض : @ رأَيت أَحق الحق حق المعلم وأَوجبه حفظا على كل مسلم لقد حق أَن يهدى إليه كرامة لتعليم حرف واحد أَلف درهم @@ وهذا مجرد تعظيم وتحضيض ، ولعظيم شأَن العلم وجب كسبه ولو من الصين ، وهو من المشرق الأَقصى على من فى الموضع البعيد كالمغرب والأَقصى ، وجاءَ فى الحديث : " اطلبوا العلم ولو بصينٍ " ، بدون أَل ، وحرفته الرواة بإِدخال أَل على صين ، ولا سيما أَنه لا يصح أَن تكون أَل فيه للعلم ، وهذا مما يقوى القول بعدم الاحتجاج بالحديث فى علوم العربية ؛ لأَن الرواة يحرفون اللفظ ويحتج به فى المعنى لأَنهم لا يحرفون المعنى ، فكما لا يقول صلى الله عليه وسلم : المكة لا يقول : الصين بأل { فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشَاءُ } إِضلاله { وَيَهْدِى مَنْ يَشاءُ } الأَصل فنضل من نشاءُ ونهدى من نشاءُ ، وذكر لفظ الجلالة تلويحاً إِلى استحكام الإضلال والهدى ، وإِضلال الله خذلان ، وهدايته توفيق ، ولا إِجبار وهما أَزليان ولا يتخلفان { وَهُوَ الْعَزِيزُ } غالب غير مغلوب { الْحَكِيمُ } يهدى ويضل بحسب حكمته ، لا عبثاً ولا سفها ولا جوراً ، وسلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهيَّجه على التبليغ بقوله عز وجل .