Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 110-110)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلِ } يا محمد للمشركين { ادْعُوا } سموا واذكروا بنداء ولا نداء { اللهَ } لفظ الجلالة { أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ } لفظ الرحمن { أَيّاً مَا تَدْعُوا } أيًّا منهما تذكروا { فَلَهُ } فللمعنى بهما أى أصبتم وأحسنتم ، وناب عنه التعليل وهو قوله فله { الأسْمَاءَ الْحُسْنَى } أى أيًّا ما تذكروا أصبتم ، لأن له الأسماء الحسنى ، ومنها الاسمان ، فالضمير فى له عائد إلى واجب الوجود وهو الله ، لا لقوله : الله ، ولا لقوله : الرحمن ؛ لأن المراد بهما اللفظ ، أو عائد إلى أحدهما على طريق الاستخدام ، وأو للإباحة لحصول الفضيلة فى الجمع بين ذكر الله ، أو لفظ الرحمن ، وإذا لم تحصل الفضيلة فى الجمع بين شيئين كانت للتخيير ، وما صلة لتأكيد عموم أيًّا . قيل : سمع المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يا الله ، يا رحمن . فقالوا : ينهانا محمد أن نعبد إِلهين وهو يدعو إِلها آخر مع الله ، فنزلت الآية . ويروى عن ابن عباس : سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فجعل يقول فى سجوده : يا الله يا رحمان ، فقال أبو جهل : إِن محمداً ينهانا عن آلهتنا وهو يدعو إِلهين ، فأَنزل الله هذه الآية . وقيل : إن اليهود قالوا : لا يكثر محمد ذكر الرحمن ، وهو كثير فى التوراة ، أى لمراعاة ما خلق الله تعالى فى موسى عليه الصلاة والسلام من الشدة ، فنزلت الآية ، وقدم لفظ الجلالة لأنه أعظم ، ومن قال لا إله إلا الرحمن محمد رسول الله لم يكفه فى التوحيد ، وإنما يكفى لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وحسن الأسماء الحسنى دلالتها على محاسن المعانى ، وصفات الجلال ، والإحسان إلى الخلق ، والحسنى اسم تفضيل كما أن الأحسن اسم تفضيل . وعن ابن عباس : قراءة " قل ادعو الله " الآية حفظ للمنزل قرأها رجل من المهاجرين حين اضطجع ، فجمع سارق ما فى بيته ، فوجد الباب مغلقا ، فوضع المتاع فرآه مفتوحا ، فجعل يفعل ذلك ثلاثاً ، فضحك الرجل وقال : بيتى محصَّن ، قال صلى الله عليه وسلم : " ما من مسلم يقرؤها عند منامه بين شياطين وهوام فتضره " . { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ } بقراءة صلاتك فحذف المضاف ، أو سماها باسم محلها أو الجزء باسم الكل . { وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا } فى الصلاة وغيرها ، وكذا غيرها نفى الجهر يسمع المشركون فيسبون القرآن ومنزله ، ومَن يقرؤه ، ويصفقون ويرفعون أصواتهم للتخليط عليهم ، { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه } [ فصلت : 26 ] إِلخ وفى الخفاء به أى الإسرار أعنى ضعف الصوت ، يفوت سماع الحاضرين معك فى الصلاة أو غيرها من المسلمين . { وَابْتَغِ } اطلب واقصد { بَيْنَ ذَلِكَ } بين المذكورين من الجهر والخفاء { سَبِيلاً } والتوسط محمود . روى الترمذى أن أبا بكر يخفت ويقول : أناجى ربى وقد علم حاجتى وعمر يجهر ويقول : أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان ، ويروى أنهما كانا كذلك ، وسأَلهما صلى الله عليه وسلم فقالا ما ذكر ، وبلال يقرأ من هذه السورة ، ومن هذه ، وسأَله فقال : أخلط طيبا بطيب ، فقال : " إِذا دخلت سورة فأتمها " فنزلت الآية . وأمر الصديق ببعض الرفع ، وعمر ببعض الخفض . وقيل : لا تجهر بصلاتك كلها ، ولا تخافت بها كلها ، بل خافت بها نهاراً ، واجهر بها ليلا ، وهذا لا يناسبه كل المناسبة قوله : { وابتغ بين ذلك سبيلاً } وأيضا الفجر نهار ولا يخافت فيه . ونقول يخافت : فى الثالثة من المغرب ، والأخيرتين من العشاء ، ولا يجهر فى ركعة فيها الفاتحة وحدها إلا بالتكبير ، والإمام يجهر بسمع الله لمن حمده فى ذلك ، ليؤخذ عنه ، والمأموم يسره فى ذلك . وعن ابن عباس : لا تخفض حتى لا تُسمع أذنيك . عن أبى هريرة : لا تُسمع أذنيك فى صلاة السر ، وأسمعهما فى صلاة الجهر ، والإمام يُسمع مَن يصلى به ما قدر ، ولا نسخ فى الآية .