Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 25-25)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ } منكم { بِمَا فِى نُفُوسِكُمْ } فقد تتوهمون أنكم بارون بالوالدين ، وليس كذلك ، بل قد قصرتم أو ملتم إلى كراهتهما ، واستثقالهما ، ولم تعالجوا أنفسكم عن ذلك ، وما نفوسكم للبر إليهما أو الكراهة أو للعقوق ، فيجازى كلا على حسبه ، والخطاب فى " ما " مفسر للعموم البدلى بالإفراد ، وهنا بالجمع للعموم الشمولى كالبيان بأن المراد فيما غير مشخص ، والآية وعد للموفى بحقهما ، ووعيد وتهديد لمن قصر أو اضمر لهما ما يكرهان . " قيل : يا رسول الله ، هل بقى من بر أبوىَّ شئ أبرهما به بعد موتهما ؟ قال : نعم الصلاة عليهما ، والاستغفار لهما ، وإيفاء عهدهما من بعدهما ، وصلة الرحم التى لا توصل إلا بهما ، وإكرام صديقهما " وروى البخارى ، عن أنس ، عنه صلى الله عليه وسلم : " لا يزال العاق يدعو لوالديه بعد موتهما ويستغفر لهما حتى يكتبه الله باراً " وروى الأوزاعى : من قضى دينهما ، واستغفر لهما ، كتب بارًّا ومَن برهما ولم يقض دينهما فهو عاق . وروى هو وابن أبى الدنيا ، عن محمد بن النعمان ، عنه صلى الله عليه وسلم : " من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة غفر له وكتب باراً " وعنه صلى الله عليه وسلم أن " من أبر البر صلة الولد أهل ود أبيه " وعنه صلى الله عليه وسلم أن " من أحب أن يصل أباه فى قبره فليصل إخوان أبيه من بعده " وقال صلى الله عليه وسلم : " ليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة ، وليعمل البار ما شاء أن يعمل فلن يدخل النار " يعنى أن العقوق يجر إلى الإصرار ، والبر يجر إلى التوبة . { إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ } بارين بالوالدين ، موفين فى دين الله عز وجل ، أو صالحين مطيعين لله عز وجل ، فى حق الوالدين وغيره ، أو صالحين فى قصد الخير لهما ، والوفاء بالدين فلا يضركم ما صدر فى بعض الأحيان مما يسوءهما لقصدكم الخير والتوبة . وهذا فى عموم قوله تعالى : { فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ } من الذنوب عمومًا { غَفُورًا } والأواب الرجاع إلى التوبة ، وإصلاح الفساد من الإساءة إليهما وغيرهما ، والأوَّاب الإنسان يذنب ، يتوب ويستغفر ، ثم يذنب ويتوب كذلك كلما ذكر ذنبًا استغفر منه فى خلوة ، أو مع الناس ، لكن لا يكشف لهم ما ستر الله عنهم ، وقد يقال : أراد بالأوَّابين من كان صالحاً فى بر الوالدين ، فالأصل على هذا فإنه كان لكم غفوراً ، ولكن لفظ الأوب وهو الرجوع أنسب بمن قد يسئ إليهما ، ويتوب ، غير أن الإنسان لا يخلو من خطأ فى حقهما أو حق غيرهما .