Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 26-27)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وذكر حق القرابة بعد الوالدين بقوله : { وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ } أى اجعل حق ذى القرابة منك آتيا إياه ، وواصلا إِليه ، فكأنه قيل أعط ذا القربى حقه من جهة الأب أو الأم أو جهتهما احتاج أو لم يحتج ، من مال أو نفع أو سلام ، وإن احتاجوا ولا مكسب لهم ، وجب عليه الإنفاق عليهم بقدر الإرث فيما بين العصبة ، والبسط فى النفقة ، ويجب عليه حق قرابة الأم إن احتاجوا أولا عصبة لهم أو لهم عصبة امتنعوا ، أعنى يجب عليه أن لا يتركهم فيموتوا ، وأنه قبل غيره من الأباعد ، ولا يحكم عليه بذلك . وعن أبى حنيفة : يجب على الموسر مواساة أقاربه إذا كانوا محارم كالأخ والأخت . وقال الشافعى : لا يجب الإنفاق إلا علىالولد والوالدين ، ومن حق القرابة الزيارة وحسن العشرة . وذكر ذى القربى تعميم بعد تخصيص بأن ذا القربى يتناول الوالدين لغة ، ولو لم يتناولهما عرفا ، قال صلى الله عليه وسلم : " مَن قال لأبيه قريبى فقد عقّه " فلو أوصى لقرابته لم يدخل الوالدان ، والوصية تجرى على العرف إذا كان وإلا فعلى اللغة . ويبحث فيما ذكر أنه صلى الله عليه وسلم لما نزلت الآية نادى فاطمة رضى الله عنها ، فأعطاها فدكَ فإنه إذا كانت البنت قريبة لأبيها ، فالأب قريب لها إِلا أنا لا نسلم عطاء فدك لأن الآية مكية ، وفدك ملكت فى المدينة إلا أن يقال علم أنه سيملكها فوهبها لفاطمة رضى الله عنها . وقيل : ذا القربى قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يجب علينا الإنفاق عليهم إن احتاجوا ، وتوقيرهم وحقهم من الخمس ولا دليل لهذا التخصيص ، قال على ابن الحسين بن علىّ بن أبى طالب الشامى : أقرأت { آت ذا القربى حقه } قال : فأقم للقربى فى الآية ؟ قال نعم . { وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ } عطف على ذا القربى ، والمعطوف على حقه محذوف ، أى والمسكين وابن السبيل حقهما . { وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا } لا تفرق المال ، والتبذير التفريق مأخوذ من التبذير وهو إلقاء البذر فى الأرض كيف ما كان من غير تعهد لمواقعه ، قال ابن مسعود رضى الله عنه : التبذير إنفاق المال فى غير حقه ، وذلك هو صرفة إلى من لا يستحقه ، وقيل : الإسراف تجاوز فى الكمية ، والتبذير : تجاوز فى موضع الحق ، والظاهر أنهما سواء وعدو منهما تشييد الدار ، واستدل بعض على أن المراد الإنفاق فى المعصية بقوله تعالى : { إن الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ } وما أنفق فى معصية ، لو فيما لا نفع فيه ولو حبة ، فإنفاقه تبذير ، " روى أنه صلى الله عليه وسلم قال لسعد ، وهو يتوضأ : ما هذا السَّرَف ؟ قال : أفى الوضوء سَرَف ؟ قال : وإن كنتَ على نهر " رواه أحمد بن عبد الله بن عمر صحيحا ، ومعنى إخوان الشياطين أشباه الشياطين ، كما يشبه الرجل أخاه من النسب ، فهم كالشياطين فى المعصية ، جمعتهم المعصية ، كما يجمع الإخوان أبوهم ، أو أحباء الشياطين ، كأنهم أحبوهم لاتباعهم فى المعصية وذلك تشبيه ، ولا محبة ، لكن شهرا بمن أحب أحداً فاتبعه ، ومن ذلك ما يصرفون فى الأزلام والمياسر والمفاخر ، ينحرون الإبل فى ذلك ، ولا يحل لكل ذلك ، لأنه ميتة . وكذلك فعل الفرزدق أو أبوه فى الإسلام ، فأفتى علىّ بأنها حرام لا تؤكل وكل ما فعل للرياء إسراف . { وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ } أى لنعم ربه { كَفُورًا } مبالغة فى الكفر ، فلا يقتدى بأحد فى الكفر ولو قلّ بل الكفر وإن قل عظيم ، والكافر خبيث ، ومن خبث لا ينهى اتباعه ولو فيما أقل من كفره ، وصرف المال فى المعصية ضد الشكر به ، وهو صرفه فى الطاعة .