Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 29-30)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فأشارت إِليه } إلى الولد أن كلموه ، فهنا أخبرت بنذرها إشارة لا نطقاً فليفسر بها قوله : { إنى نذرت للرحمن صوماً } [ مريم : 26 ] فلا تحاور إنسانا ، وقيل أشارت إلى عيسى أن أجب عنى ، وقد قال لها فى رجوعها من الغار : أبشرى فإن الله تعالى يبرئك ، ويؤيد الأول قوله تعالى : { قالوا كيف نُكلِّم مَنْ كان فى المَهْد صبياً } أنكروا جوابها حتى قالوا : استخفافها بنا ، إذ ردتنا إلى خطاب من فى المهد ، أشد من زناها قلنا : حاشاها ، والمهد ما يفرش للمولود ، أو يطوى فيه ، وقال قتادة : حجر أمه ، وقال عكرمة : مصنوع للولد ، يعلق ويحرك له ، وقيل سرير ، وإن قلت : كل من كلمناه أو نكلمه قد كان فى المهد صبياً فما معنى الآية ؟ قلت : معنى كان ثبت ، والثبوت مستمر ، وكأنه قيل : من كان الآن أى ثبت ، وإن منعنا عملها على هذا المعنى فصبياً حال أو كان أمس أو فى زمان قريب إلى زماننا هذا فى المهد صبيا ، واستمر إلى الآن فيه ، والمراد عيسى عليه السلام ، أو كيف نكلم من مضى فى المهد صبياً قبل ولدك هذا ، لا يتصور ذلك ، فكيف يتصور مع ولدك ، فالمراد غير عيسى عليه السلام ، وتكلم للاستمرار أو زيد كان للتأكيد ، لا يدل على زمان ولا حدث ، وفى المهد صلة ، وصبياً من المستتر فيه أو الماضى ، بمعنى مضارع الحال ومن فى ذلك موصولة أو موصوفة لا تختصر الموصولة بما إذا فسر بعيسى ، والموصوفة بغيره ، كما قيل وكأنه قيل : فماذا كان بعد ؟ فأجاب بما فى قوله : { قال } وهو ابن يومه ، وقيل ابن أربعين يوماً على ما مر { إِنِّى عبد الله } كان يرضع فترك الثدى إذ سمع كلامهم واستقبلهم بوجهه ، واتكأ على يساره ، وأشار بسبابته فقال : إنى عبدالله ، وقيل استنطقه يحيى فأجاب بذلك ، ولو كان ولد الله تعالى الله عن الولادة لم يقل إنى عبدالله ، والولد لا يكون عبداً لأبيه ، والله لا يصطفى ولد الزنى ، وكان أول ما نطق به إثبات العبودية على نفسه لله تعالى نفياً للألوهية عن نفسه ، وتباعداً عن أن يتخذ إليهاً ، وفى نقطه قبل أولى النطق مطلقا إزالة التهمة عن أمه ، وفى ذكر ما مر عن مريم ، وذكر صفات عيسى ما دل على براءتها ، وبقى يتكلم بعد ذلك لتأكيد براءتها ، وقيل : لا حتى بلغ أوان الكلام كما رواه بعض حديثاً عنه صلى الله عليه وسلم . { آتانى الكتاب } الإِنجيل أو إياه ، والتوراة والصحف { وجَعَلنى نبياً } أى أثبت لى فى قضائه أو فى اللوح إثبات الكتاب والنبوة لأوانهما بعد إذا بلغت أربعين عاماً كما قال صلى الله عليه وسلم : " كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد " أو الماضيات لتحقق الوقوع بعد ، فكأنه قد وقع ذلك ، وقيل ثبت ذلك فى حينه ، بأن أكمل عقله واستنبأه وآتاه الكتاب وهو طفل كما روى عن الحسن أو جاء عن أنس أن عيسى درس الإنجيل وأحكمه فى بطن أمه ، وعن الحسن أنه ألهم التوراة فى بطن أمه .